في الشَّام
حيثُ الغَيبُ لا يدري حدودَ الحربِ
مازال التّصارعُ واضحاً بين الدُّخان وياسمين البيتِ
مازالتْ سماءُ الأمنياتِ خفيضةً
كلُّ الّذينَ هناكَ يرجونَ ارتحالاً في دوارِ البحرِ نحو جزيرةٍ أُخرى تلمُّ سرابهمْ
كتبوا رسائلهم لوحيٍ ما هناكَ
ولم يعوا أنَّ الطَّريقَ إلى السَّماءِ مقطَّعُ الأوصالِ
بعضٌ قالَ:
“أخطأنا ..
الرَّسائلُ كان يلزمها طوابعُ من صلاةٍ”
بعضهم قالوا:
“الإلهُ يعدُّ أفكارَ القيامةِ يا عبادَ الله قوموا واعبدوا”
بعضٌ قليلٌ -كنتُ أكثرَهم دموعًا– ألحدوا
***
في القيمريةِ حيثُ جدِّي عاشَ
يمضي بائعٌ متجوُّلٌ في زيِّهِ الحربيِّ
والأطفالُ يكتئبونَ من سعرِ السّكاكرِ
يشتُمونَ تذبذبَ الدُّولارِ والأيَّامِ
أمِّي لم تعد تبكي ضلالي في زوايا الخمرِ والأحلامِ
تغسلُ ما تبقَّى من ذنوبي في بكاءٍ
ثمَّ تغرقُ في همومِ البيتِ والأوهامِ
تنساني وتنسى بسمتيْ
وأبي يفتّش عن زبائنَ يكتبونَ على جدارِ القلبِ شعراً
كي يقدِّم حبرهُ لخلودهمْ في ظلِّ أوراقٍ سيدفنها الزّمانُ
وليسَ يقرؤها سواهْ
وأخي يفرِّغ حقده في ركعتين لربِّه الحجريِّ
أدري كلَّ شيءٍ في سوادِ فؤادهِ وكأنّني معه أراهْ
***
في الشّامِ/ ريفِ الشَّام طائرتانِ تكتشفانِ:
-طائرةً لطفلٍ فاشلٍ في الرّكضِ
– طفلاً ما سيفرضُ حظرهُ الجوّيَّ بالمقلاعِ
يصطادُ العصافيرَ اتقاءَ مجاعةٍ
– أمّاً تزغردُ في جنازةِ ثائرٍ
– حقلاً وراءَ المقبرةْ
– حلماً بشكل مجنزرةْ
– قلماً … … وتحدثُ مجزرةْ
***
في بابِ شرقي
حيثُ يخجلُ وجه هذي الحربِ من عبقِ الحجارةِ
(ذكرياتْ بتِرتِمي بْدَمعةْ أماني العاشقْ الختيارْ
وصغارْ عم يِتْزَعْرنوا ويحكوا حكي الكبارْ
كاسة عِنبْ متولْدِنِةْ ومحشورةْ بينْ تنينْ عم يتباوسوا (بنينارْ)
وأسرار مكتوبة بْسَطرْ مكشوفْ
وعيونْ ما بتطلّع وبتشوفْ
همسة قصايدْ حانيةْ
وشي ضمّة ما عندا شبعْ طمعتْ بضمّة تانيةْ
وحطبْ احتمى بالنَّارْ)
***
لا شيءَ ينقص غير ظلّ قصيدتي في الشَّامِ
تملؤهُ حروفُ كنايةٍ تُرِكَتْ لصمتِ كتابيْ
في الشَّام لمْ يشعرْ هنالكْ أيُّهمْ بغيابيْ.