ولد الرسام والنحات السوري مروان قصاب باشي في دمشق عام 1934، درس الأدب العربي في جامعتها، ثم انتقل إلى برلين في عام 1957، حيث درس في كلية الفنون الجميلة (Hochschule für Bildende Künste) مع هان ترير.
تخرج مروان قصاب باشي من قسم الرسم بالمعهد العالي للفنون الجميلة في برلين عام 1963، وحاضر في نفس المعهد وأصبح مدرساً دائماً هناك عام 1980، واستمر بالتدريس فيها حتى عام 2002.
يمكن رؤية الإنتاج الفني لمروان في أوائل الستينيات من القرن الماضي في سياق الوضع السياسي في برلين، المدينة التي قسمها الجدار (جدار برلين)، وجعل التركيز الإبداعي فيها متسماً بالحزن والكرب، والأفكار البائسة وانحلال الحضارة – وهي موضوعات موجودة في أعمال مروان في تلك الفترة.
ويصف قصاب باشي السبعينيات كنقطة تحول في فنه، حيث كانت لديه رؤيا لوجهٍ بشري يتحول إلى منظر طبيعي، وكان يعود إلى هذه الفكرة طوال حياته المهنية. ويقول أنه لطالما اختبر في لوحاته “قدرة الجسد على تجسيد التطلعات والموانع والمحظورات الحسية والاجتماعية والسياسية”.
مواضيع بعض لوحاته تخلق صلةً بين أوروبا حيث كان يعيش، وعالمه العربي الأصلي، مما يبرز القواسم المشتركة بين المنطقتين في ذلك الوقت. كان لتجاربه الشخصية إلى جانب التطورات التاريخية في العالم العربي تأثيراً قوياً على أعماله. حيث كانت هزيمة حزيران 1967، من المحطات الأساسية في حياته، إذ أثرت بشكلٍ واضح في وجوهه التي عكست قضايا بلاده وأزماتها. كما كانت القضية الفلسطينية ودعمها بالقول والفن شاغلاً له على الدوام، وهنا يمكن الإشارة إلى كتابه “من مروان إلى أطفال فلسطين”، الذي ضم توثيقًا لمجموعة الأعمال التي أهداها إلى “جامعة بير زيت” و”مركز خليل السكاكيني الثقافي” في رام الله.
شارك قصاب باشي سنة 1999، في تأسيس “أكاديمية الصيف” التي تنظّمها “دارة الفنون” في عمّان، حيث أسهم بتدريب العديد من الفنانين الشباب وترك على كل واحدٍ منهم آثاراً عميقةً في الفن والروح.
تم تصنيف مجموعة أعمال قصاب باشي من بين أبرز التجارب في التعبيرية الألمانية. فهو يتناول في أعماله القضايا الإنسانية، وذلك بالتركيز على الوجه الإنساني الذي يتحول في لوحاته تارةً إلى مشهد من الطبيعة ممزوجاً بالأرض والصخور، ولون البناء في أوقات أخرى، ويبدو واضحاً فيها تأثره بذاكرته الجمالية السورية.
«مروان قصاب باشي.. رحلة الفن والحياة»
وضع الأديب السعودي الراحل عبد الرحمن المنيف كتاباً ضخماً حول تجربته، حيث نُشر لأول مرة عام 1996 بعنوان «مروان قصاب باشي.. رحلة الفن والحياة». كما عمل معه في عدة مشاريع كان أبرزها كتاب «أدب الصداقة» الذي صدر بالعام 2012 وضم ثلاثين رسالة متبادلة بين الصديقين: «فنان تشكيلي يبحث عن طرق تعبير بالكلمات» و «أديب مهووس بالفن يجرب في طاقة الكلمات على تعبير عن الخط واللون»، كما وصفهما الدكتور فواز الطرابلسي مؤلف مقدمة الكتاب.
يعدّ قصاب باشي أحد أبرز الفنانين التشكيليين العرب في العصر الحديث، ومن بين الفنانين الأكثر حضوراً في المعارض الدولية. بالإضافة إلى فوزه بالعديد من الجوائز، فقد تمت كتابة العديد من المقالات والكتب حول أعماله، كما أقام أكثر من 80 معرضاً فردياً في دمشق وبرلين وبغداد وميونيخ وباريس وبيروت. وقد حصلت عدة متاحف عربية وأوروبية على بعض أعماله. عاد إلى بلده سورية عام 2005 ليشارك حينها بتظاهرة فنية كبيرة أقامتها المفوضية الأوروبية برعاية من وزارة الثقافة السورية آنذاك.
بقي مروان قصاب باشي يرسم حتى آخر أيام حياته، وودع الحياة عام 2016 بعيداً عن دمشق التي كان قد غادرها قبل ستة عقود من رحيله.
مواضيع ذات صلة:
بيوغرافي فنان العدد: حسكو حسكو وخطوط عوالمه البرّية…
بيوغرافي فنان العدد: حازم الحموي من الجنون لوناً إلى حوارٍ عميقٍ مع اللوحة
بيوغرافي فنان العدد: محمد خياطة.. التنوع في آليات التعبير تعويضاً عن ذاكرةٍ تُـفتَقد