بعد العام 2013 ازدادت أعداد القادمين الجدد في ألمانيا، وخصوصاً من البلدان العربية وأولها سوريا، وكذلك ازداد عدد الأطفال من ذوي الأصول العربية في المدارس الألمانية.
علماً أن عدد الجالية العربية في ألمانيا الحاصلة على الجنسية الألمانية يبلغ حوالي مليون وثلاثمائة ألف نسمة، أما اللاجئين الحاصلين على الإقامة المؤقتة أو الدائمة في ألمانيا فيقارب المليونين.
هذا يعني أن الجالية الناطقة باللغة العربية تفوق اليوم الثلاثة ملايين نسمة في عموم الأراضي الألمانية، فهي أكبر بلد أوروبي مُستقبل لحركة اللجوء الراهنة. أما عدد الأطفال من أصول عربية، أي أن لغتهم الأم هي العربية، في المدارس الألمانية فيقدر بـ 300 ألف طفل على الأقل.
أسلمة اللغة العربية:
تعاني كثير من العائلات العربية من مشكلة تعليم اللغة العربية لأولادها، والمشكلة الأساسية هي عدم وجود مادة ملزمة ومقررة للغة العربية في المناهج الدراسية الألمانية، تليها مشكلة الربط بين اللغة العربية والدين الإسلامي، أي أسلمة اللغة العربية، ذلك أن عدداً كبيراً من المساجد الإسلامية، والتي يقدّر عددها بنحو 2500 مركز عبادة و 900 مسجد ظاهر على عموم الأراضي الألمانية، حسب المجلس المركزي للمسلمين ZMD، توفر تعليماً للغة العربية باعتبارها لغة القرآن، أي اللغة العربية (الدينية) المتصلة بالدين وطوائفه المختلفة ووجهات نظره المختلفة المتعلقة بكل مذهب وطريقة. لكن ثمة كثير من العائلات العربية التي تريد أن يتعلم أولادها العربية كلغة غير إيديولوجية وغير مرتبطة بدين أو عقيدة.
اللغة الأم أساسية في تعلم اللغة الجديدة:
يرى أولريش ميهلم، أستاذ علوم التربية بجامعة غوته بفرانكفورت، بأنه حين تكون للتلاميذ ظروف ملائمة للاستفادة من لغاتهم الأم فإنهم يكونون أكثراً استعداداً للتفاعل مع التعددية اللغوية، لأنهم تعودوا على التمييز بين العامية والفصحى!
هناك اليوم عشر ولايات ألمانية من أصل ست عشرة ولاية تسمح للطلاب بدراسة اللغة العربية في مدارسها، ومستوى الدروس موجّه بشكل أساسي لأبناء المهاجرين الذين يتكلمون العربية كلغة أم. ومن هذه الولايات: NBWF شمال الراين- فيستفاليا، براندنبورغ، هيسن، برلين، هامبورغ، بريمن، السارلاند، الرينلاند بفالتس وغيرها.
أما بعض الولايات الأخرى، مثل شليسفيغ هولسشتاين، بادن-فورتمبورغ، مكلنبورغ فوربومرن، وبافاريا، فلا تقدم دروس لغة أجنبية بلغة البلدان التي ينحدر منها المهاجرون، فولاية بافاريا ألغت تلك الدروس تدريجياً منذ العام 2004 لصالح “دعم تدريس اللغة الألمانية”.
وقد كانت كل من الولايات الثلاث المتجاورة: شمال الراين فيستفاليا، هيسن، والرينلاند بفالتس، سبّاقة تاريخياً إلى إدراج مادة اللغة العربية قبل حركة اللجوء الحالية، تحديداً منذ ثمانينيات القرن الماضي، لكن كمادة اختيارية في ما يعرف بـدرس اللغة الأصل، اختصاراً بالألمانية HSU، وهو درس أسبوعي يدعم التعددية اللغوية لأبناء الجاليات الأجنبية الذين ولدوا أو كبروا في محيط لغوي ألماني عن طريق تعليمهم لغتهم الأصل وعلى رأسها اللغة العربية إلى جانب لغات أخرى حاضرة بقوة في المجتمع الألماني، مثل التركية والبولندية وغيرهما.
ميزانية ضخمة للتعليم:
تخصّص ألمانيا 800 مليون يورو لتعليم الأطفال اللاجئين اللغة الألمانية في المدارس بين عامي 2016 و2020، بالإضافة إلى قانون الاعتراف بالمؤهلات الأجنبية الصادر في العام 2012 لتسهيل دخول اللاجئين في سوق العمل.
لكن منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) قالت في تقريرها السنوي للتعليم نهاية العام 2018 إن ألمانيا بحاجة لتحسين نظام تعليم الأطفال اللاجئين في المدارس. وتنتقد في ألمانيا عدة أمور أهمها فصل الأطفال اللاجئين عن الأطفال الآخرين في فصول الدراسة.
وذكر الباحثون القائمون على التقرير إن “التعلم المشترك للجميع يجب أن يكون المهمة القادمة التي تواجهها البلاد”. لكن هذا التعلّم للغة الألمانية يرتبط ارتباطاً مباشراً بالحفاظ على اللغة الأم للمهاجرين وتعلّم أطفالها لها، الأمر الذي ينبغي زيادة الاهتمام به، فتعلّم العربية بشكل منهجي في المدارس الرسمية، كلغة أم للمهاجرين واللاجئين من أصول عربية، وسيلة ناجحة لمحاربة التطرف والتعصّب والانغلاق ولتحسين اندماج القادمين الجدد في المجتمع الجديد وليس العكس.
خاص أبواب
اقرأ/ي أيضاً: