جلال محمد أمين
محامي ومستشار قانوني سوري مقيم في ألمانيا
البلطجة أو التنمر هي شكل من أشكال العنف العلني أو العنف السري تجاه الأشخاص، ويكون الهدف منه هو الإقصاء الاجتماعي في المدرسة أو العمل أو الجامعة، ومعظم الحالات التي تحدث ولا سيما في المدارس يكون منشأها عنصري.
لا ينحصر التنمر كما ذكرنا في مجال التربية والتعليم فقط فالتنمر يحدث في المصانع والمكاتب وأماكن العمل، إلا أن التنمر الذي سنتناوله هنا لشدة تأثيره على حياة اللاجئ هو المجال المدرسي لأنه يستهدف شريحة الأطفال.
وقد يكون التنمر عنفًا لفظيًا أو جسدياً وقد يكون مباشر كالضرب أو الإهانة أو التهديد أو الاستهزاء أو الغيبة والقذف والشتم. أو غير مباشر كالعزل مثلا كأن يقوم معظم طلاب الصف بإهمال زميلهم وحتى حجب المعلومات عنه.
وقد يمتنع الطفل عن إبلاع إدارة المدرسة أو الأهل عما يتعرض له في قبل الطلاب الآخرين، مما يؤدي إلى استمرار حالة التنمر لمدة طويلة وتؤدي هذه المدة الطويلة إلى آثار نفسية على شخصية الطفل كفقدان الثقة بالنفس وعدم رغبة الطفل بالذهاب إلى المدرسة أو اضطرابات في النوم والاكتئاب والسلبية والعزلة.
لذلك ينصح الأولياء الذين يلاحظون تغير سلوك الطفل، الجلوس معه والعمل على معرفة أسباب هذه التغييرات والتأكد فيما إذا تعرض الطفل للعنف أو التنمر.
ويمكن أن يترك التنمر على الطفل آثاراً للضرر الجسدي والإصابات، أو ضرراً نفسي مثل تدمير الثقة بالنفس. ويمكن أن تظهر ردود فعل نفسية جسدية (مثل فقدان الشهية وآلام البطن والكوابيس واضطرابات النوم). إضافةً إلى ردود الفعل الأخرى مثل عدم التركيز، ضعف العلاقات الاجتماعية، المخاوف، الاكتئاب، إلى أن يصل الطفل إلى محاولات الانتحار.
يعتبر استمرار التنمر في المدرسة إخفاقاً للإدارة بحيث يعتبر المعلم أو الإدارة غير مؤهلين لحل هذا النوع من المشاكل، وقد يعتبرون شركاء في هذا العمل عندما يتم إهمال الشكاوى المقدمة من الأهل أو من الطفل.
العواقب القانونية:
إذا لم تستطع المدرسة القيام بواجباتها تجاه الطلاب الذين تعرضوا للعنف، يمكن اللجوء إلى القضاءين الجزائي والمدني أو أحدهما. فالإيذاء الجسدي والذي نصت عليه المادة 223 من قانون العقوبات، يُعاقب بالسجن لخمسة سنوات كحد اقصى ويشترط وجود تقرير طبي يبين ماهية الإصابة.
أما الإهانة والشتم فقد عاقبت عليها المادة 185 من قانون العقوبات بالسجن لمدة سنتين كحد أقصى.
وعقوبة القذف وتشويه السمعة المنصوص عليها في المادة 187 من قانون العقوبات هي خمس سنوات كحد أقصى.
وعقوبة التهديد والإكراه على أي فعل المنصوص عليها في المادة 240 من قانون العقوبات تصل عقوبتها إلى ثلاث سنوات.
طبعا يمكن للقاضي أن يستبدل كافة العقوبات المنصوص عليها أعلاه بالغرامة المالية أو أن يخفف منها وهذا يتعلق بحالات التكرار ونوع الفعل.
تشير الإحصائيات الألمانية إلى أن معظم حالات التنمر المتعلقة بالعنف الجسدي يقوم بها الفتيان، أما الفتيات فاكثر الحالات هي تشويه السمعة ولا سيما عن طريق ما يسمى بالتنمر الالكتروني .Cybermobbing
المعوقات القانونية لتنفيذ العقاب
أكثر المعوقات القانونية لمعاقبة المتنمرين هي الفئات العمرية للطلاب المتنمرين، ففي القانون الألماني يشترط أن يبلغ الطفل الرابعة عشر من العمر حتى يصبح أهلاً للعقوبة الجزائية، إلا أن الكثير من الطلاب المتنمرين لم يبلغوا الرابعة عشر من العمر، والقانون الألماني لا يحكم على من لم يصل إلى الرابعة عشر من العمر وهو السن الذي يمكن معاقبته وفق القانون الجزائي. أما بالنسبة للمتنمرين الذين لم يبلغوا هذا العمر بعد فإن القضاء المدني يحكم عليهم بالغرامة المالية والتعويض ويلزم الأهل بالدفع، وذلك لان المسؤولية المدنية تبدأ في سن السابعة من العمر.
إلا أن الأهل في هذه الحالة مضطرين لإلزام طفلهم بتغيير سلوكه تحت طائلة الملاحقة القانونية أمام القضاء المدني، أو يتم توقيع تعهد أمام المدرسة بعدم تكرار الطفل لهذا السلوك، أو أن يتم إرسال رسالة من قبل محامي الطالب الذي تعرض للتنمر إلى أهل الطالب المتنمر، يهدد فيها باتباع الطريق القضائي مع إلزام والدي الطفل المتنمر بمصاريف المحاماة في حال عدم التوقف عن التنمر.
وفي حالة عدم الالتزام بالتعهد قد تصل الغرامة من 2500 إلى 5000 يورو يدفعها الأهل، ولذلك يتوجب على الأهل توضيح هذه الغرامة لطفلهم المتنمر لكي يتوقف عن التنمر.
ومع ازدياد حالات الانتحار في أوروبا بدأت السلطات بالتشديد على حالات التنمر في المدراس، وخاصةً أن هذه الحالات كانت بين الطلاب الذين تجاوزا الرابعة عشر من العمر.
مواضيع أخرى من الزاوية القانونية: