أطلقت منظمات حقوق الإنسان الدولية والسورية حملة “جمع التبرعات من أجل العدالة” بهدف جمع 1.9 مليون يورو، وذلك بعد فشل الحكومات الأعضاء في الأمم المتحدة بتأمين التمويل الكافي للبدء بالتحقيقات الأممية حول جرائم الحرب في سوريا، والتي لم تنطلق بعد برغم مرور أكثر من ستة أشهر على إقرارها في الهيئة العامة للأمم المتحدة.
برلين/ بروكسل، 19 يونيو حزيران 2017.
بعد أن فشلت الحكومات الأعضاء في الأمم المتحدة بتأمين التمويل الكافي لمحاكمة جرائم الحرب الخطيرة التي ارتكبت في سوريا، قررت منظمات حقوقية، دولية وسورية إطلاق حملة تمويل جماعي عبر موقع www.crowd4justice.org بهدف تأمين المال اللازم للبدء بهذه التحقيقات.
“قبل أكثر من خمسة أشهر قررت الجمعية العامة للأمم المتحدة إطلاق تحقيق في جرائم الحرب في سوريا. ومنذ ذلك الحين لم يحدث شيء” يقول مازن درويش محامي حقوق الإنسان ورئيس المركز السوري للإعلام وحرية التعبير (SCM). ويضيف “كل يوم يمر دون تحقيق، هو هدية للجناة، وكأننا نقول لهم: جرائم الحرب لا حساب عليها”.
يتوخى القرار A / 71/248 الذي أصدرته الجمعية العامة للأمم المتحدة “آلية دولية محايدة ومستقلة”(IIIM) للتحقيق في الجرائم الخطيرة المرتكبة في سوريا. ولكن العمل على تحقيق ذلك لم يبدأ حتى الآن وذلك بسبب نقص 4 ملايين دولار (3.8 مليون يورو) من الميزانية السنوية لعام 2017 البالغة 13 مليون دولار.
وعلى النقيض من لجنة استقصاء الحقائق الخاصة بسوريا التي تم تشكيلها سابقًا، فمن المفترض أن تقوم آلية التحقيق الجديدة بعمل أشبه بدور المدعي العام.
“لا يجوز السماح للمحاكمات الجنائية في سوريا بالفشل بسبب نقص المال. إن كل تبرع يقوم به المواطنون هو إشارة على هذا العار.” يقول إلياس بيرابو من منظمة “تبنى ثورة” الحقوقية والمشرفة عن موقع التمويل الجماعي www.crowd4justice.org.
تسعى حملة #crowd4justice لجمع ما يقارب 1.9 مليون يورو خلال الأسابيع العشر القادمة، وهو ما يعادل نصف المبلغ المتبقي 3.8 مليون يورو من الميزانية السنوية المحددة لعمل محققي الأمم المتحدة لهذا العام.
تهدف الحملة لإرسال إشارة قوية للحكومات بأن المجتمع المدني غير مستعد لقبول تقاعسهم عن ملاحقة انتهاكات حقوق الإنسان وجرائم الحرب في سوريا.
يهدف المبادرون من هذه الحملة أيضا إلى الضغط بشكل خاص على الحكومات الأوروبية، لاستخدام جميع الوسائل الدبلوماسية والسياسية الممكنة ضمن إطار الاتحاد الأوروبي، من أجل جمع ما تبقى من التمويل اللازم. ويقول توماس سيبرت من منظمة المعونة الطبية الدولية medico international “بالنسبة للاتحاد الأوروبي سيكون من السهل جمع التمويل المتبقي، وتأكيد الإرادة السياسية لمحاكمة الجرائم ضد الإنسانية”.
إلى جانب منظمات “تبنى ثورة” و”medico international”، يشارك في دعم هذه الحملة كل من المركز السوري للإعلام وحرية التعبير، والمركز السوري للدراسات والبحوث القانونية.
بالإضافة إلى هذه المنظمات، تلقت الحملة الدعم من العديد من السياسيين والمشاهير، من بينهم الكاتب الألماني الإيراني نافيد كرماني، وعضو البرلمان الأوروبي ماريتج شاكيه، إلى جانب 34 من زملائه، ممن قاموا بمطالبة الاتحاد الأوروبي بجمع جزء كبير من التمويل اللازم لإطلاق التحقيق، وذلك من خلال رسالة قاموا بتوجيهها إلى فيديريكا موغيريني المسؤولة عن الشؤون الخارجية والأمن في الإتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى رئيس اللجنة البرلمانية الألمانية للشؤون الخارجية نوربرت روتغن، والمتحدثة باسم الحزب الاشتراكي الديمقراطي في ألمانيا نيلس انين، وعضو برلمان حزب الخضر فرانزيسكا برانتنر.
مزيد من المعلومات حول الحملة والتحقيق الأممي
تعمل الـ IIIM بصفة مشابهة لصفة المدعي العام. وخلافاً لجميع التحقيقات السابقة التي أجرتها الأمم المتحدة في سوريا، لا يقتصر الأمر في الحالة السورية على تقييم الأدلة وإفادات الشهود فحسب، بل يشمل أيضا إسناد الجرائم إلى الأفراد المشتبه بهم.
ستقدم الملفات بعد ذلك إلى المحاكم حتى يصار تقديم الجناة إلى العدالة.
تعود أهمية قرار الجمعية العامة رقم A/71/248 لامتلاكه حق الملاحقة القضائية لجرائم الحرب التي تقع في معظمها ضمن صلاحيات مجلس الأمن الدولي. وعلى الرغم من ذلك، فقد استخدمت روسيا حق النقد (الفيتو) لحظر أي مبادرات في مجلس الأمن الدولي لمتابعة جرائم الحرب في سوريا حتى الآن. ويمكن النظر إلى قرار الجمعية العامة هذا على أنه محاولة لإعادة تفعيل دور الأمم المتحدة في هذا المجال، خاصة كونها تمثل السلطة الشرعية الوحيدة لمحاكمة مجرمي الحرب وحماية المدنيين في الصراعات المسلحة.
تعهدت ثلاث دول حتى الآن بالمساهمة بأكثر من مليون دولار من كل منها.
هولندا وألمانيا ساهمتا في الميزانية السنوية لعام 2017، كما تعهدت فنلندا بالمساهمة في ميزانيتي 2017 و2018. بالمقابل، امتنعت الولايات المتحدة و روسيا حتى الآن عن المساهمة في تمويل التحقيقات برغم مطالبة حكوماتهم المتواصلة بتحقيق مستقل من قبل الأمم المتحدة في جرائم الحرب في سوريا. وبصورة عامة، فإن البلدان التي تشارك مباشرة في النزاع السوري هي أكثر ترددا لتقديم الدعم. المملكة العربية السعودية و إيران مثلا لم تقدما أي أموال.
يمكنك الحصول على قائمة بجميع المساهمات المدفوعة والموعود بها عبر الإنترنت.
في حال تمكنت حملة التمويل الجماعي من جمع مبلغ 1.9 مليون يورو، سيتم تحويل الأموال إلى مكتب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان OHCHR المسؤول عن تحقيقات الـ IIIM. وعلى عكس العديد من منظمات الأمم المتحدة الأخرى، فإن المفوضية السامية لحقوق الإنسان يمكنها قبول التبرعات الخاصة.
وفي الوقت الذي نأمل فيه أن تتحمل الحكومات مسؤولياتها بتأمين التمويل اللازمة لهذه الخطوة الهامة نحو المزيد من العدالة، فإننا، نحن الجمهور، سوف نساهم مباشرة في حال تقاعسهم عن فعل ذلك.