في اللحظة التي ستنتهون من قراءة هذا السطر، سيكون نحو مئة ألف شخص تصفحوا مواقع بورنو مختلفة على الانترنت، وأنفقوا نحو عشرة آلاف دولار أمريكي على منتجات مختلفة تبيعها تلك المواقع.
نحو 30% من محتوى الشبكة العالمية هي مواقع بورنو، تقوم بعرض نحو 4.4 مليارات صفحة شهرياً. تأتي مواقع البورنو “في المرتبة الرابعة بين المواقع التي تحقق أكبر عدد من الزيارات، بعد مواقع التسوق الإلكتروني والمقامرة والألعاب. العراق ومصر في مقدمة البلدان التي تسجل أكبر نسبة من الزيارات لمواقع البورنو، وتحتل الكويت والسعودية وقطر مكاناً في قائمة الدول العشر الأولى عالمياً، في طول الفترة التي يقضيها الزائر في تصفح المواقع الإباحية. بينما تغيب أمريكا وبريطانيا وكندا من تلك القوائم.
يسلط هذا التقرير الضوء على صناعة البورنو في العالم، والأسماء والشركات التي تتحكم بها، وعلاقة العرب بها.
تصنيف مواقع البورنو
يطلق على مواقع البورنو اسم مواقع Tubes، لأن المنتج الأساسي الذي تعرضه هو مقاطع الفيديو المجانية على نمط ملفات الفيديو في موقع YouTube. وبحسب تصنيف SimilarWeb، الموقع الأول في عالم البورنو حالياً هو Xvideos.com، يليه في المرتبة الثانية PornHub.com، وفي المرتبة الثالثة xHamster.com. جميع المواقع التي تعمل في مجال البورنو، وتسيطر على هذه الصناعة، تملكها مجموعة أصغر من الشركات. ومن خلال شبكة معقدة جداً من العلاقات والتداخلات، تعود ملكية تلك الشركات أيضاً لمجموعة أصغر، وتضيق الحلقة لتصل في النهاية إلى شركة واحدة عملاقة تسيطر على تفاصيل هذه الصناعة في العالم. تملك[external_link destination=” “] MindGeek [/external_link]ثماني شركات من الشركات العشر الأكبر في عالم البورنو، إذ إنها لا تملك شركتي Xvideos وxHamster. وتملك 30 شركة أخرى تسيطر من خلالها على تفاصيل هذه الصناعة.
ما هو حجم هذه الصناعة
تحصد مواقع البورنو شهرياً عدد زيارات أكثر من Twitter وAmazon وNetflix مجتمعةً. فحصد موقع Xvideos.com في ديسمبر الماضي 580 مليون زيارة، بمعدل 12 دقيقة يقضيها الزائر ويتصفح خلالها 12 صفحة. الرقم نفسه تقريباً يحققه موقعا PornHub.com وxHamster.com مجتمعين. وبإضافة زيارات مستخدمي الهواتف المحمولة، يرتفع عدد الزوار لنحو مئة مليون يومياً. هذه الأرقام الضخمة تسمح لتلك المواقع بتمويل نفسها من خلال الإعلانات، وتحقق أرباحاً خيالية لمالكيها. تختلف منتجات مواقع البورنو باختلاف الموقع، فتسمح معظمها للزائر بتصوير مقاطع الفيديو الخاصة به ورفعها على الموقع، وجعلها متاحة للمستخدمين الآخرين، وبالطبع يحصل على عائدات مالية كلما حصد فيلمه عدد مشاهدات أكبر. ويمكن للزوار مشاهدة الأفلام التي يرفعها مستخدمون آخرون. بينما تتيح بعض المواقع خدمات التعارف والمحادثة المباشرة، أو ممارسة الجنس الافتراضي. أما الإعلانات التي تعرضعها فجميعها تتعلق بهذه الصناعة، وتتنوع بين عرض المنشطات الجنسية والألعاب الجنسية، أو خدمات أخرى بحسب المنطقة الجغرافية. لكنها لا تقتصر على أفلام الهواة، إنما هناك متخصصون يقومون بصناعة أفلام احترافية، وفريق متكامل من ممثلين ومصورين ومهندسي إضاءة وديكور وأزياء، وممثلين وممثلات ومخرجين معروفين. وبسبب الكلفة المرتفعة نسبياً لإنتاج الأفلام الاحترافية، تقوم شركات معدودة بإنتاجها، وتبيع حقوق عرضها للمواقع الأخرى بأسعار زهيدة مع هامش ربح بسيط، ما يجعل الفرصة ضعيفة جداً أمام أي شركة صغيرة حديثة أن تنتج أفلامها الخاصة. ويظهر اسم MindGeek كأكبر شركة تسيطر على هذه الصناعة. تتصدر الصين قائمة العائدات من هذه الصناعة في العالم، فتحقق 27 مليار دولار سنوياً، ما يشكل 28% من إجمالي العائدات في العالم. أما النسبة المتبقية فتقوم بإنتاجها أمريكا، كندا، الفيليبين، تايوان، ألمانيا، فنلندا، روسيا، البرازيل وهولندا. وجميعها ليست في قائمة الدول الأكثر استهلاكاً للبورنو، إنما تصدره للشعوب والثقافات الأخرى الأقل انفتاحاً على الجنس كالشعوب العربية، الهندية، الفارسية، الباكستانية، التركية وغيرها.
هل من السهل معرفة مالكي تلك المواقع؟
تشترك مواقع البورنو بصفة واحدة، هي صعوبة معرفة مالكيها الحقيقيين، فهي مملوكة من شبكة كبيرة من الأشخاص الذين لا يرغبون بالكشف عن هويتهم. Fabian Thylmann هو المالك السابق لشركة MindGeek، ويقول عن العمل في هذه الصناعة: “أغلقت الكثير من الأبواب في وجهي بسبب عملي في البورنو، حتى بعد أن بعت الشركة وتوقفت عن العمل في هذا المجال. السنوات القليلة التي قضيتها في هذه الصناعة جعلتني أواجه صعوبات حتى الآن عند القيام ببعض الأعمال. حين تعمل في هذا المجال لا يوجد وسيلة نظيفة ومضمونة للخروج منه، خصوصاً حين نتكلم عن شركة عملاقة مثل ManSef”. ManSef هو الاسم السابق لشركة MindGeek قبل أن يشتريها صاحبها ومديرها السوري الأصل، فراس أنطون حسب موقع slate الأميركي.
MindGeek
بدأت الشركة عملها عام 2003 كشركة قابضة لمجموعة مواقع الكترونية تعرف باسم TGP، وهي نوعية المواقع التي تحتوي على صور لفتيات، تأخذك كل صورة فيها لمواقع أخرى في سلسلة غير منتهية، فيمكن للزائر أن يقضي ساعات عدة قبل أن يصل إلى المنتج الذي يبحث عنه في عملية عرض مسلية لمنتجات مختلفة. ثم أسست الشركة موقع Brazzers الذي أصبح من أهم مواقع البورنو في تلك الفترة، وأتبعه بتأسيس مواقع بورنو أخرى بمنتجات ونوعية مختلفة، منها XTube وYouPorn وغيرها. استمرت الشركة بتحقيق الأرباح الهائلة حتى جذبت اهتمام أحد المستثمرين الألمان Fabian Thylmann لشرائها وفق صفقة لم يعلن قيمتها، واستمرت بعدها بالنمو حتى أصبحت تسمى عملاق البورنو في العالم. وتسيطر على معظم الزيارات الخاصة بمواقع البورنو مباشرة من خلال ملكيتها لتلك المواقع، أو بشكل غير مباشر من خلال المنتجات التي تملك حقوق استخدامها، كالأفلام والممثلين. وسط هذا النجاح تعرض المالك الألماني عام 2003 لتحقيق مالي من الحكومة الألمانية، بتهمة التهرب من الضرائب، وقبل أن يتعرض للإفلاس عرض الشركة للبيع لأحد المديرين التنفيذيين فيها فراس أنطون المقيم في تورنتو والمدير التنفيذي الحالي للشركة. وتملك الآن أكثر من 35 شركة تعمل في صناعة البورنو. ولا يمكن لأي ممثل أو ممثلة أن ينجح أو يحقق الشهرة في عالم البورنو ما لم يعمل في MindGeek أو في إحدى الشركات التابعة لها.
العرب والبورنو
تحافظ الدول العربية والإسلامية منذ وقت طويل على مواقع ريادية بين الدول المستهلكة للمنتجات الجنسبة ومتابعة مواقع البورنو، إلا أن القيود الاجتماعية والدينية، التي تفرضها المجتمعات، تسبب نوعاً من الازدواجية في التعامل مع الموضوع، ومن الغريب ألا تجد تقريراً صحافياً عربياً يتحدث عنه. وكغيره من الصناعات، تكتفي الشعوب العربية بالاستهلاك، فلم نجد في بحثنا عن نجوم البورنو العرب، إلا أسماء قليلة جداً دخلت في هذا المجال، ولم تصرح غالباً عن أسمائها الحقيقية. الاستثناء الأشهر لتلك القاعدة هو اللبنانية ميا خليفة، التي حققت شهرة واسعة بسبب تمثيلها فيPornHub وسط ذهول النقاد بسبب عدم تمتعها بأي خبرة أو موهبة سابقة. الشهرة التي حققتها في عالم البورنو، تشبه إلى حد ما، الشهرة التي يمكن أن تحققها فتاة إعلانات مغمورة في بلد عربي، لو قامت فجأة بتمثيل دور البطولة في فيلم هوليودي، إلى جانب جورج كلوني أو براد بيت. النظريات والشائعات حول ظاهرة ميا خليفة كثيرة، منها أنها مجندة من قبل إسرائيل للإساءة لسمعة العرب، خصوصاً أنها تتعمد ارتداء الحجاب في بعض أدوارها، أو لأنها تملك وشماً يحمل مفردات النشيد الوطني اللبناني. ويقول البعض إنها تعرف جيداً فراس أنطون، مالك MindGeek.
المصدر: موقع رصيف22
مواضيع أخرى من موقع رصيف: