نجح كتاب “”How to be German / Wie man Deutscher wird الذي ألفه آدم فليتشر وسي.إتش. بيك عام 2012، في استقطاب ما يناهز مليوني قارئ، ليصبح أكثر الكتب مبيعًا من سلسلة شبيغل لكتب الجيب.
والكتاب عبارة عن مجموعة من خواطر منشورة عبر مدونة، تم جمعها باللغتين الألمانية والإنكليزية، لتكون دليلاً مسليًا لـ”الأوسلندر الصغير” الطامح أن يصبح ألمانيًا من خلال خمسين خطوة تتضمن تفاصيل طريفة حول الحياة في ألمانيا، في أسلوب لا يخلو من المفارقات والمبالغات المضحكة. وسنعرض لأهم 20 خطوة وردت في الكتاب في هذا العدد والأعداد القادمة.
افطر ببذخ، خطط واحجز عطلتك لسنوات مقدمًا. البس بشكل معقول، واطع رجل الإشارة الأحمر! ستساعدك قراءة هذه السطور على معرفة كل شيء بدءًا من عصير التفاح مع المياه الغازية Apfelsaftschorle وحتى السلام عليكم Tschüss.
ابحث عن عمل حقيقي
إليك بعض الأخبار الجيدة عزيزي الأوسلندر، في ظل اقتصاد يشهد نموًا متزيدًا، يبدو احتمال إيجاد وظيفة أمرًا واردًا. وحتى في شرق ألمانيا، أعادت المدن التي هُجرت سابقًا كلايبزيغ، تطوير نفسها لتصبح مراكز لوجستية. لذا فلن يكون لديك أية مشاكل في العثور على عمل، طالما أنك مسلح بجميع تلك المؤهلات الجديدة والأحرف قبل اسمك. لكن ليست جميع الأشغال تقف على قدم المساواة. هناك تصنيف غير معلن للمهن، فالكثير منها معروف ولكن غير معترف به من قبل الألمان جميعًا. هناك وظائف حقيقية ووظائف غير حقيقية. فمن أجل أن يتم الاعتراف بمهنة ما في ألمانيا، يجب أن تكون موجودة منذ ما يقارب المئة سنة على الأقل، وأن تكون علمية غامضة أو على الأقل دسمة بما يكفي بحيث تتطلب ممارستها تمضية نصف سنوات العمر في الدراسة وحيازة ما يقارب 67 مؤهل أكاديمي مختلف. وأن تكون محصنة في وجه الدخلاء، ومحمية بمفرداتها المعقدة الخاصة بها. ومن المستحسن أن تبدأ بكلمة “هندسة”. ولكن هناك أيضًا مهن أخرى مقبولة مثل باحث علمي، محامي، طبيب، مدرس، أو أي أمر يتطلب تنظيمًا بدرجة عالية، كالخدمات اللوجستية، أو كل ما يتعلق بالسيارات. وبخلاف ذلك، عندما يسألك أحدهم عن وظيفتك، كما حدث لي، وتجيبه “أعمل في التسويق”، قد يقول لك في إحدى مراحل الحديث: “ولكنها ليست حقًا وظيفة، أليس كذلك؟”
- تعلم كيف تفتح زجاجة بيرة بأي شيء سوى فتاحة الزجاجات
لقد اخترعت فتاحة الزجاجات بأشكال مختلفة منذ عام 1738. والسبب المنطقي الوحيد الذي قد يفسر لماذا يمكن للألمان فتح الزجاجات بواسطة أي شيء باستثناء فتاحة الزجاجات، هو على الأرجح أن تلك الفتاحات لم تصل إلى ألمانيا حتى عام 2011. ومنذ ذلك الحين، فإن أي شخص يضبط متلبسًا وهو يقوم باستعمال الفتاحة، قد يواجه تهمة الهرطقة ويحرق حيًا. أذكر أن هناك مدونة على الإنترنت كانت تقدم كل يوم طريقة جديدة لفتح زجاجة بيرة على مدى 365 يومًا، البعض قالوا إن صاحبها استنفذ خياله ونضبت أفكاره، ولكنه دحضهم عندما اقترح فتح الزجاجة بطرف درع السلحفاة. لم يكن الألمان بالطبع يقرؤون تلك المدونة، فالجميع يعرفون هذه الطرق بالفعل. درع السلحفاة؟ ماذا دهاك؟ إنها سهلة، هيا جرب وفكر بشيء خلاق أكثر من ذلك بقليل. ألا تجرؤ على اقتراح فتاحة للزجاجات؟!.
عزيزي الأوسلندر، أنت بحاجة إلى معرفة ما لا يقل عن 10 طرق. اثنان منها يجب أن تكون بواسطة الملعقة والقداحة، أما درع السلحفاة فهي اختيارية، إلا أنها ليست مستبعدة.
- FAHRE SCHWARZ
قد يكون أكبر ما يهدد السلامة في المملكة المتحدة، هو الشعور بالطمأنينة. وهو شعور الإنسان البدائي بالراحة بعد وجبة كبيرة والخلود إلى نوم عميق في دفء النار المتقدة، فلا يسمع قدوم الأسد المفترس. تعامل المجتمعات في الولايات المتحدة على هذا الأساس، كلما بدا كل شيء هادئًا والأمور تسير في هدوء على ما يرام، تهز الحكومة ووسائل الإعلام المشهد من جديد: “إحباط مؤامرة ارهابية، زرع المزيد من كاميرات المراقبة! الأزمة الاقتصادية! انتشار وباء خطير! السارس! النحل الأفريقي! المهم إبقاء الناس في حالة تأهب من كل ما هو استثنائي وخارج عن المألوف، مما سيضمن سلامتهم. وهو ما يفسر ذعر الأهل عندما يتحدث شخص غريب إلى طفلهم في حديقة لأن أول ما يخطر لهم أن هذا الشخص إما خاطف أو متحرش. وهو الاعتقاد الأكثر أمنًا. وبسبب كل هذا الارتياب، هناك دائمًا رائحة في الهواء كمزيج من الاكتئاب والموت الوشيك عند ركوب ميترو الأنفاق في لندن. أما هنا في ألمانيا، دع الخوف جانبًا عزيزي الأوسلندر الغر، ربما مر وقت طويل على المرة الأخيرة التي سمعت فيها كلمة ثقة، ولكن هذه الكلمة هي التي تشغل وسائل النقل، الثقة هنا هي فعل إيمان، وهذا يعني عدم وجود الحواجز ونقاط التفتيش. هناك آلة بيع التذاكر. إن كنت ترغب بركوب وسائل النقل العام فستشتري التذكرة. أو قد لا تشتري تذكرة ومع ذلك يمكنك الاستمرار بركوب وسائل النقل العام وهو ما يسمى schwarzfahren. الركوب بالأسود، الخيار لك. جميل هو هذا الأمر التحرري. إذا اخترت أن تفعل أمرًا لا أخلاقيًا كعدم شراء تذكرة، لا بأس. على الرغم من كون الناس هنا في ألمانيا على درجة عالية من الوعي الأخلاقي، يسافر البعض بدون تذكرة بلا أدنى إحساس بالخجل. سترى ابتسامات مفتشي التذاكر الصفيقة عند ضبطهم لأحد المسافرين بالأسود Schwarzfahrer، يأخذون هويته ويخرجونه استعدادًا لدفع الغرامة. لا كخارج عن القانون ولكن بشكل طبيعي وبلا مبالاة، كما لو أن المسافرين بالأسود قد سمعوا للتو بالقانون المعمول به دائمًا وأنه وصل اليوم إلى عتبة بيتهم وحان وقت الدفع.
- ليس صحيحا حتى تقرأه في شبيغل أونلاين:
عندما تعيش هنا، ستلاحظ أن الألمان لا يعيرون اهتمامًا للشائعات والأقاويل. هم يفضلون الحكايات التي تم التحقق منها. والمجلات العلمية. غالبًا ما تبدأ الأقاويل بكلمات متل: “يقول العلماء” أو “لقد ثبت علميًا”. لكن هناك استثناءً واحدًا هو شبيغل أونلاين. عند دخولي إلى مكتب وظيفتي الأولى في ألمانيا، كانت شاشات جميع الموظفين تقريبًا تعرض نفس الصفحة باللونين الأحمر والأسود. لدرجة أنني في الأسبوع الأول اعتقدت أنها الشبكة الداخلية للشركة، قبل أن أعرف أنه موقع شبيغل أونلاين، الموقع الذي يصبح كل فيه كل شيء حقيقيًا. ليس بسبب نوعية صحافتهم، إنما لمجرد أنه مقروء على نطاق واسع داخل ألمانيا. يبدو أن الجميع يقرؤون شبيغل أونلاين. يتناقش زملائي في المطبخ في ساعة الغداء بما قرؤوه، وهم على أتم الثقة بأن الجميع قد قرأه، ومع ذلك، فإذا حدث وأن جاء ذكر الموضوع نفسه في المستقبل القريب، يصاب الجميع بنوع من فقدان الذاكرة، وينسون أين قرؤوا تلك المعلومة. أفترض السبب هو أن لا أحد يريد أن يعترف أنه قرأ كالجميع المقال نفسه. وبدلاً من ذلك يقولون أشياء مثل: “قرأت في مكان ما” أو “لا أستطيع أن أتذكر أين سمعت ذلك، ولكن…” يمكنك في المرة القادمة أن تذكرهم بلطف أنهم قرؤوا ذلك على شبيغل أونلاين. فالخبر ليس صحيحًا ما لم تقرأه على شبيغل أونلاين.
اعنِ ما تقول
لا تتمحور اللغة الإنكليزية حول ماتقول بل كيف تقوله. الألمانية هي الأمران على حد سواء، ولكن الأمر الأول أكثر. حيث أن الألمان يميلون إلى أن يكونوا مباشرين، وبالحد الأدنى من الغموض. كفاءة لا مجال فيها للمواربة. أما في اللغة الإنكليزية على سبيل المثال، فإذا كنت تريد من أحد أن يفعل لك شيئا، فلا يمكنك أن تذهب إليه مباشرة وتقول له: “افعل لي هذا الأمر” مباشرة، حاشا! من شأن ذلك أن يكون زلة اجتماعية كبيرة. فبدلاً من ذلك، يجب الاستفسار أولًا حول صحته وصحة أسرته، وصحة أطفاله، والحديث عن الطقس، وفعاليات عطلة نهاية الأسبوع السابق، وخطط نهاية الأسبوع المقبل، والمناخ العام حول نتائج مباريات كرة القدم الأخيرة، ثم، أخيرًا، يمكنك أن تقول: “بالمناسبة”، وبعد ذلك يبدأ الجانب الفعلي للمحادثة، قبل تستأذن بالسؤال محرجًا، وفقط إذا لم يكن هناك أي مشكلة، بأنه سيكون من دواعي سرورك أن يتفضل عليك محادثك بتنفيذ طلبك الصغير أو أداء خدمة صغيرة، وإن فعل، فستكون ممتنًا له إلى الأبد.
أما “الألمان”، فلا يلفون ولا يدورون حول تلك النقطة التي تكشف عن صداقة مزيفة، بل يكتفون بالقول: “أحتاج لهذا الأمر، أريدك أن تفعل ذلك بحلول التاريخ الفلاني. مفهوم؟ Alles Klar؟” ثم يهم بالخروج. وما أن تتمرس على الدخول مباشرة في صلب الموضوع، قد تجد الطريق إلى غايتك قد تكون قصيرة ولكنها حقًا ممتعة.
مواضيع ذات صلة