د. باري محمود. ماجستير في جراحة وزراعة الأسنان في برلين
في القرن التاسع عشر تبين لطبيب التشريح المرضي “Rudolf Virchow” وجود علاقة ما بين الأورام والالتهابات المزمنة. وجاءت الدراسات اللاحقة لتؤكد صحة ذلك، فمثلاً تعود نسبة 4% من حالات السرطان في ألمانيا إلى التهابات مزمنة تركت دون معالجة، وتبلغ هذه النسبة 7% في أوروبا، وحوالي 14% في العالم، وهذا ينطبق سواء كان السبب: فيروسي مثل التهابات الكبد B أو C التي تتطور إلى سرطان الكبد، أو جرثومي مثل التهابات الجهاز الهضمي المؤدية إلى سرطاناته.
وضمن هذا التصنيف الأخير فإن التهابات اللثة والأنسجة الداعمة للأسنان، هي جرثومية تعمل جراثيمها على انحلال وامتصاص أنسجة ما حول السن عندما لا يستطيع الجهاز المناعي للجسم مقاومتها، وخاصةً إذا اجتمعت مع العوامل المساعدة الأخرى كالتدخين وتناول الكحول، أو وجود عوامل موضعية فموية أو سنية تركت دون علاج. هذه الالتهابات المزمنة تنتقل إلى الدورة الدموية وتنتشر في كل أنحاء الجسم وتزيد من تعرض عضو أو أكثر للإصابة بالسرطان.
اقرأ/ي أيضاً: عن العلاقة ما بين شيخوخة الدماغ وأمراض اللثة والأسنان
بينت دراسة أمريكية دامت 18 سنة على حوالي 48000 مريض ومريضة، وجود ارتباط وثيق بين التهابات أنسجة ما حول السن المزمنة وحدوث الأورام في الرئة والكليتين والبنكرياس والدم. كما بينت دراسة لاحقة على 65000 امرأة مصابة بورم (بعمر ما بين ال 50 وال 79 سنة) أن وجود الالتهابات المزمنة في أنسجة ما حول السن ترفع نسبة الإصابة بورم خبيث ب 14% مقارنة مع اللواتي لم يعانين من تلك الالتهابات. وأن نسبة التعرض للأورام السرطانية تزداد بمقدار 9% عندما يفقد المريض عدداً من الأسنان بدأ من عشرة أسنان نتيجة تلك الالتهابات. هذه السرطانات كانت في: الرأس والعنق بنسبة 31%، المري بنسبة 14% المعدة بنسبة 9% البنكرياس بنسبة 7% الأمعاء بنسبة 4%.
اقرأ/ي أيضاً: علاقة لا يمكنك تخيلها ما بين أمراض الأسنان وأمراض خطيرة في الجسم
من هنا تتبين لنا أهمية معالجة أمراض اللثة أنسجة ما حول السن ليس فقط للتقليل من مخاطرها الفموية مثل: قلقلة الأسنان وفقدانها لاحقاً، فقدان جمالية الوجه، صعوبة النطق السليم، عدم المضغ الكافي للأطعمة، رائحة الفم الكريهة. وإنما للتقليل من العوامل المسببة أو المهيئة للأورام في أعضاء أخرى من الجسم.
بعض الإرشادات الوقائية للاعتناء بالأسنان واللثة:
- تنظيف الفم والأسنان اليومي في المنزل
- الكشف الدوري للأسنان واللثة ونسج ما حول الأسنان عند الطبيب
- إزالة التكلسات المتشكلة على الأسنان
- التنظيف الوقائي السنوي والمعروف ب Professionelle Zahnreinigung
- تطبيق أدوية موضعية وغسولات فموية وفي حالات أخرى قد ينصح الطبيب بالمضادات الحيوية
في حال التأخير بالإجراءات الوقائية وحدوث التهابات اللثة وأنسجة ما حول السن، لابد من إجراء التجريف الجراحي للثة بشكل موضعي وقد تكون هذه الجراحة مغلقة أو مفتوحة حسب درجة الإصابة.
المقال اعتمد على مجلة ZMK الألمانية في عدد تشرين الثاني/ نوفمبر 2020
للتواصل مع الدكتور باري محمود على الفيسبوك: Praxis Bari Mahmud
دمتم بألف خير