عبد الرزاق حمدون*
لن تطغى رائحة سجائر ماوريسيو ساري مجدداً على ملعب الـ سان باولو. غادر المكان الذي شهد شرارة ثورته على نظام كروي تختص به بلاده، يكنّى بالتحفظ الدفاعي.
تفرّغ ساري لكرة القدم وعالمها البعيد عن مهنته “موظف البنك”، دليل على حبّه للمغامرة وتغيير الأماكن، لذا لم يكن من الصعب عليه أن يبحث عن قصّة جديدة تعتبر أكثر قوّة من تلك التي عاشها مع نابولي، ليكون الستامفورد بريدج معقل تشيلسي الإنكليزي مكاناً لتفريغ فكره الهجومي القوي.
اختيار ساري لأزرق لندن كان نابعاً من عشقه للتحدي، ولأنه كذلك فهو مدرك لكمية التحدّيات التي قد تواجهه في أول مواسمه مع البلوز، وأبرزها:
1_ نسيان الماضي الدفاعي
منذ 2013 حتى الموسم الماضي تعاقب على تدريب تشيلسي ثلاثة مدرّبين، أبرزهم البرتغالي جوزيه مورينيو “899 يوماً” وآخرهم الإيطالي أنطونيو كونتي “742 يوماً”، كلاهما يعشق أسلوب التحفظ الدفاعي وضرب الخصم بالمرتدات، طريقة لعب اعتادت عليها جماهير تشيلسي في المواسم الخمسة الماضية.
مع قدوم ساري مؤخراً فمن البديهي أن تصبح طريقة اللعب هذه من الماضي، فهو الوفي لخطّة الـ 4-3-3 والضغط العالي من بداية الملعب، والعمل على البناء من الخلف حتى بمشاركة حارس المرمى. مع كل هذه المعطيات لن تكون مهمة ساري سهلة في تحويل دماء الفريق من دفاعي إلى هجومي، وإقناع الجماهير أن هذا الأسلوب هو الأفضل للمنافسة على اللقب.
2_ إقناع نجم الفريق
تألق البلجيكي إيدين هازارد مع بلاده في مونديال روسيا، جعل أمر بقائه مع تشيلسي مرهوناً بصفقة مدوّية من أحد الأندية الكبيرة “ريال مدريد أو برشلونة”، وربما تصريحات اللاعب البلجيكي عقب انتهاء الموسم الماضي وخلال كأس العالم جعلته قاب قوسين أو أدنى من الخروج.
من أهم خصال المدرب الجديد ساري هي الإقناع، فهو من جعل الأرجنتيني هيغوايين يبقى لموسم إضافي مع نابولي قبل أن يذهب إلى يوفنتوس، لذا ستكون قضية بقاء صاحب الرقم 10 معلّقة بدبلوماسية المدخن ساري.
3_ الابتعاد عن العناد والصحافة
ما ميّز ساري في إيطاليا، وفاؤه للأسلوب الهجومي وسط تحفظ الكثير من الأندية هناك، مما جعله يتعرّض لبعض الهزّات في النتائج وللكثير من النقد. في انكلترا الوضع أكثر تعقيداً لأن الدوري هناك أكثر سرعة في الناحية الهجومية والمرتدّات، لذا عليه أن يتحلّى بالمرونة أكثر لكي لا يكون موضعاً لأقلام صحافة انكلترا القوية.
ساري قبل بتحديه الجديد واستقال من ناديه الذي قدّم معه كرة قدم جميلة، لينتقل إلى مكانٍ أكثر إضاءة مليء بالأشواك، فهل سينجح في هذه التحدّيات الأولية؟
*عبد الرزاق حمدون – صحفي رياضي مقيم في ألمانيا