تقرير رشا الخضراء – إعلامية سورية مقيمة في ألمانيا
مع مرور الوقت تصبح المجتمعات المستهدفة بالهجرات أكثر تلوناً وتبايناً، ويغدو التحدي الأكبر هو إمكانية خلق تجانس نسبي لتحصل الفائدة الكبيرة الممكنة من تعدّد الثقافات ضمن المجتمع الواحد .
تأخذ ألمانيا المرتبة الثانية في العالم بعد الولايات المتحدة الأميركية كدولة مستقطبة للمهاجرين من شتى دول العالم، ومن اللافت في الإحصائية الأخيرة لمكتب الإحصاء الاتحادي أن 23 % من عدد سكان ألمانيا، البالغ عددهم 82 مليوناً، ينحدرون من خلفيات مهاجرة، أي أن 23% هم من الأجانب أو حاملي الجنسية الألمانية من أصول مهاجرة.
وقد ذكرت وسائل إعلام ألمانية نقلاً عن “مكتب الإحصاء الاتحادي” أن عدد السوريين غير الحاملين للجنسية الألمانية بلغ في العام 2017 حوالي 699 ألف شخص ليصبحوا بذلك ثالث أكبر جالية أجنبية في البلاد بعد الأتراك والبولنديين. وذلك حسب ما أوردت DW.
ضمن هذا التنوع أصبح من الضروري أن نعرف كيف نشير إلى انتماء شخص ما لمجموعة معينة دون الإضرار بتجانس المجتمع، ومتى يكون من الضروري هذا التقسيم أو الإشارة إلى الفرد بذكر انتمائه إلى مجموعة ما؟
تدخل التسميات التي تطلق على الأفراد والمجموعات إلى اللاوعي في العقول الجمعية، عندما يتم تكراره وتداوله مراراً وتكراراً في الإعلام ومن قبل الساسة، لينتقل بعدها إلى الاستخدام الفردي والتأصيل في العقول ومن ثم المعاملات. وهذا عملياً ما يحدث، أو ما يتمّ تكريسه، من خلال وسائل الإعلام في كل أصقاع الأرض!
هنا في ألمانيا يتم استخدام الكثير من المصطلحات للدلالة على انتماءات الأشخاص أو أعراقهم أو أوضاعهم الاجتماعية أو القانونية، وذلك ضمن التحدث عن إجراءات الاندماج أو ضرورة التنوّع الثقافي ضمن المجتمع الألماني.
بعض هذه المصطلحات، بالعودة إلى أصولها، تحمل مدلولات سلبية وبعضها الآخر يتبدل مدلوله حسب سياق الحدث أو مناسبة الخطاب. ومن الطبيعي أن تقوم الأحزاب اليمينية المتطرفة باستخدام هذه المصطلحات على الدوام لتثبيت النظرة التي يحملها الشخص اليميني المتطرف ضد المختلف عنه أياً كان!
بالمقابل تقوم العديد من المؤسسات والجمعيات والمبادرات الألمانية، المناهضة للتمييز والعنصرية، بحملات وورشات عمل للتعريف بهذه الأمور وشرح الطريقة الأفضل لذكر وتحرير التقارير الصحفية وكذلك الخطاب العام بطريقة تخلو من الكلمات التي تحمل مدلولات سلبية ضدّ أي مكون من مكونات المجتمع الألماني. أحياناً يتطلب الموضوع خبراء في اللغة والتاريخ للغوص في معاني ومدلولات ما يقال، حيث يكمن في طيات بعض المصطلحات تهديد على المدى البعيد لكل محاولات الاندماج والتجانس في المجتمع الجديد.
قمت بعمل استطلاع رأي مع بعض مواطني المجتمع الألماني، سألتهم فيه عن فهمهم لبعض معاني المصطلحات المستخدمة في الإعلام أو في الشارع وكيفية تقييمهم لها:
فسألتهم عن كلمة Farbige أي “ملون” ويعادلها في الإنجليزية مصطلح People of Color وكلا الكلمتين تشيران غالباً إلى الأشخاص الذين لاينتمون إلى العرق الأبيض. ومصطلح leitKultur بمعنى “الثقافة الرائدة أو المسيطرة” والذي تم تقديمه العام 1996 من قبل العالم السياسي بسام طيبي، وهو ألماني من أصل سوري، في نقاش العلوم السياسية حول العلاقة بين الألمان والمهاجرين، ومنذ ذلك الحين يتم استخدام المصطلح كنقيض للتعددية الثقافية.
وكذلك مصطلح Asylanten في الإشارة إلى طالبي اللجوء وهو مستخدم بكثرة من قبل الأحزاب اليمينية، حيث تشير الأحرف ten في نهاية الكلمة إلى التصغير.
أيضاً كلمة Ausländerkriminalität في الإشارة إلى الجريمة المرتكبة من قبل الأجانب تحديداً. وأخيراً Illegale Menschen أي الأشخاص غير الشرعيين، وتطلق على من لا يحمل إقامة نظامية في ألمانيا بعد. وقد ظهر حديثاً كرد عليه شعار: kein Mensch ist Illegal بمعنى أنه لا يوجد إنسان غير شرعي وإنما هناك أشخاص إقامتهم غير نظامية بعد.
يمكنكم مشاهدة فيديو الاستطلاع على الرابط التالي:
اقرأ/ي أيضاً: