ريتا باريش*
في موسم الشواء يسأل الكثيرون عن القطع والأجزاء الأنسب من اللحم لتحضير مشوياتنا التقليدية المختلفة. ويزداد الأمر تعقيداً عندما يصعب التواصل بين القصاب والزبون بسبب اختلاف المصطلحات واللغة، واختلاف طريقة تقصيب اللحم عما اعتدنا مشاهدته في بلادنا، ونقص الخبرة والدراية بخصائص اللحم حسب اختلاف الجزء ونوع الذبيحة.
ستمدّكم السطور التالية ببعض المعلومات والنصائح التي تساعد في تحضير مشوياتنا السورية المفضلة بما نجده لدى دكاكين القصابين في ألمانيا.
بعض المسلّمات والنصائح المبدئية:
يشتري معظمنا اللحم من عند القصاب، وقد نبتعد عن اللحم الجاهز المباع في السوبرماركت لأسباب متنوعة، أهمها العادة والمعتقد الديني والرغبة في انتقاء اللحم ورؤية تقطيعه وتحضيره، كما أن لحم الضأن الذي نتناوله في أغلب الأحيان لا يتوفر في أغلب السوبرماركات في ألمانيا.
قبل كل شيء، يجب الانتباه إلى بعض الأمور عند شراء أي كمية من اللحم من أجل الشواء أو غيره:
- لا تشتري اللحم المفروم الجاهز: يحضر بعض القصابين كميات جاهزة من اللحم المفروم لبيعها. غير أن اللحم المفروم الجاهز قد ينتج عن فرم قطع مختلفة من الذبيحة، أو حتى من ذبائح مختلفة تختلف في قساوتها ودهنيتها وطعمها، وقد يكون بعضها غير طازج، أو قد تحتوي قطعاً دهنية وأنسجة وعروق غير مرغوب بها، أو أجزاء من الأعضاء الداخلية كالقلب والكلى. ونودّ أن ننوه هنا أن لكل قطعة من الذبيحة طعم وقوام مختلف يؤثر على الطعم العام للّحم المفروم، وأجوده ما تم تحضيره بالكامل من نفس القطعة من الذبيحة.
- لا تشتري اللحم المقطع الجاهز: أيضاً لنفس الأسباب المذكورة أعلاه، إذ أنه يكون غالباً من أجزاء مختلفة من الذبيحة وبالتالي تختلف قساوته ويتفاوت زمن نضجه وقد تكون بعض القطع غير طازجة.
- لا تشتري اللحم الجاهز المتبل بالبهارات والمنكهات والأعشاب: لا يخفى على أحد أثر البهارات والمنكهات في تطييب الأطعمة إلى درجة إخفاء جميع الروائح والنكهات غير المستحبة في اللحم، علاوة على تغطية اللون الذي يميز اللحم الطازج من البائت. قد يبرع بعض القصابين في إنتاج خلطات وتتبيلات لذيذة تجتذب الزبائن ولكنها قد تحرم المتذوق من الإحساس بطعم اللحم وقوامه ونكهته.
إذاً، ماذا يمكن أن نشتري للشواء؟ وهل حقاً لحم الضأن أنسب من لحم العجل؟ كيف نشتري اللحم الأفضل للكباب والشقف المشوية؟ هل يمكننا أن نجد “لية” في ألمانيا؟ وكيف نطلب من القصاب إعداد ضلوع الضأن أو قطع لحم العجل؟ أسئلة ستجيب عليها السطور التالية بالتفصيل:
المشويات التقليدية السورية من لحم الضأن:
يشتكي الكثيرون من أن لحم الضأن في ألمانيا مختلف عنه في سوريا بالطعم والرائحة، وهذا الكلام صحيح، أذ أننا هنا نتعامل مع سلالة أخرى من الأغنام، لها خصائص مختلفة تماماً من حيث حجم الحيوان وقوام اللحم وطعمه. يشتهر الغنم العواس بلحمه الدهني الطري المالح طبيعياً وبذيله الدهني المميز، وهو ينتشر في منطقة لا تتجاوز حدود سوريا والعراق إلا قليلاً نحو الجنوب التركي والغرب الإيراني والشمال الأردني. ومع ذلك، يباع لحم الضأن من السلالات الأوروبية لدى القصابين العرب والأتراك على نحو واسع ولا بأس بنوعيته.
لحم الكباب المفروم:
عند اختيار اللحم المفروم المخصص للكباب يجب مراعاة أن يكون دهيناً بشكل طبيعي، أي أن على الدهن أن يكون من نسيج اللحم المفروم وليس مضافاُ إليه من أجزاء أخرى، إذ أن من شأن إضافة الدهن أن يغير من طعمه ويعيق تماسكه على السيخ. يجب أيضاً الانتباه إلى عدم المبالغة في كمية الدهن حتى لا يتفتت الكباب ويقع من على السيخ بفعل ذوبانه عند التعرض لحرارة المنقل. يجب أيضاً الحرص على أن يكون اللحم جافاً ومصفى جيداً من سوائله ومفروماً مرتين لزيادة تماسكه.
لا يوصى بتحضير الكباب من لحم العجل لأنه يحتوي القليل من الدهون والكثير من السوائل التي تتركه جافاً عند تبخرها. أفضل القطع لتحضير الكباب هي الرقبة (Der Hals) والكتف (Die Schulter) فلحمهما دهني ومتماسك.
اطلب من القصاب أن يقطع لك القطعة المرغوبة وأن يزيل ما شئت من دهون سطحها قبل أن ينظف الماكينة من أثر اللحم المفروم قبلها ويجهزها لك عن طريق فرمها مرتين.
أما خلطات الكباب فلسنا بمعرض الحديث عنها هنا لأنها متنوعة بشكل لا يحصى، ويكاد كل فرد منا يفاخر بخلطته الخاصة، جدير بالذكر أن إضافة القليل من الكمون إلى لحم الكباب مع البهارات والمنكهات من دون مبالغة، من شأنه أن يخفف الغازات ويسهل عملية الهضم. كما يساعد تناول السماق في إعاقة امتصاص الدهون وتجنب عسر الهضم.
لحم الشقف والشرائح والقطع الكاملة:
عند اختيار لحم الشقف ينصح باختيار لحم الظهر Kalb/lamms-nierstücke)الشهباية (Der Rücken وأطيبه لحم الفتائل (Lammfilet) وهي القطعة الطرية التي تحاذي العمود الفقري من الداخل. أما لحم الخاصرة (المتلةLammlende ) فهو خيار جيد آخر وأوفر كمية وأرخص ثمناً نسبياً، ويليه لحم البطن الأعلى والأسفل Bauch أو اللوازق وهذه القطعة تحديداً من البطن الأسفل ينصح باستخدامها مطحونة لأعداد بدن الكبة.
ينصح بالابتعاد ما أمكن عن لحم الفخذ الأسفل والساق والكتف والرقبة لأن نسيجها العضلي شديد القساوة حيث يرتكز ثقل الحيوان وحركته على تلك العضلات، وتزداد قساوتها بالشي إذا لم تكن مفرومةً.
كما ينصح بتقطيع اللحم على شكل مكعبات كبيرة (3X3 سم) لتجنب جفافه وخاصة لحم العجل.
بالنسبة للحم العجل المشوي، يفضل تحضيره على شكل شرائح كبيرة وسميكة محاطة بدهنها وعظمها ما أمكن، كتلك التي تؤخذ من الضلع الأخير في مقطع عرضي .T-bone Steak أو من الصدر، مع أو بدون عظم (كستليتا وريش (Ribs and Ribeye أو لحم الفيليه كاملة Tenderloin أما لحم الضلوع والريش الضأن (Lammkoteletts كستليتا الغنم) فهو من أطيب المشويات ويفضل أن يحضر دون إزالة طبقة الدهن التي تغطي سطحه لضمان بقائه طرياً كثير العصارة.
يسأل الكثيرون عن “اللية” وكيفية الحصول عليها في ألمانيا. يستورد بعض القصابين لحوم أغنام من الجنوب التركي بصفة غير منتظمة، حيث يمكن والحالة هذه الحصول على لية ذنب الضأن العواس. أما عند عدم توافرها، ينصح باستخدام شحم الكلى Nierenfett وهو نسيج شحمي يحمي الأعضاء الداخلية ويحيط بها، أسمك وأنقى ما يكون في منطقة الكلى. وهناك أيضاً ما يدعى بمنديل البطن Bauchfettوهو عبارة عن نسيج شحمي آخر رقيق على شكل شبكة وكبير، يلف البعض به لحم الكبد المشوي (السودا Lammsleber) حتى لا يجف.
وفي النهاية يبقى لنا أن نتمنى لكم موسم شواء ممتعاً يحمل بعضاً من ألق ذكريات الأيام الخوالي.
اقرأ/ي أيضاً: