رشا سالم. صحفية وكاتبة مصرية
انتشرت بين المراهقين في المجتمعات الأوروبية بل في العالم كله ظاهرة إيذاء النفس، ورغم أن هذا السلوك ليس جديداً إلا أنه انتشر بشكل مخيف في المدارس بين المراهقين، لاسيما تشطيب الأيدي مثلاً، وهناك وسائل أخرى مثل الحرق ونقش الجلد وتكسير العظام ومنع التحام الجروح.
هذه السلوكيات تُشعر المراهق بالارتياح والالتهاء عن المشاعر المؤلمة من خلال الألم الجسدي، بل قد يستمتع بعض المراهقين بمنظر الجروح التي تملأ أيديهم!
ويبدو أن هذه الظاهرة منتشرة بين البنات أكثر من الصبية، ومعظم الحالات تحدث بسرية، فيخفي المراهق آثار الجروح التي قد تكون سطحية، وتُعالج من قِبَل الفرد ذاته.
فإذا اكتشفنا أن مراهقاً قريباً كابن أو ابن أخ أو صديق يعاني من هذه الحالة، فسنشعر بالصدمة، ونطرح عدة تساؤلات عن أسباب اللجوء إلى إيذاء النفس، والمشاعر التي تسيطر على المراهق قبل وأثناء وبعد إيذاء النفس، ومرات تكرار هذه العادة وهل أصبحت عادة وسلوكاً دائماً. وهل الهدف هو الانتحار أم تجربة للإحساس بالارتياح أم مجرد التقليد؟
من الأسباب والدوافع..
الكبت والتوتر والقهر لدى المراهقين، الصراعات مع الوالدين والعناد ومحاولة إثبات الذات، إهمال الأهل لابنائهم وعدم الاستماع إليهم وعدم إعطائهم الثقة بالنفس، التفكك الأسري والعنف المنزلي، المشاكل مع الأصدقاء، فشل علاقة عاطفية.
إن تقلب مشاعر المراهقين عندما يواجهون ضغطاً متزايداً يدفعهم لذلك السلوك الذي يلهيهم عن مواجهة العالم الخارجي. وقد ما يترافق ذلك مع مشاعر الذنب أو احتقار الذات، وتعاطي المخدرات في بعض الحالات.
وتساهم التغيرات الهرمونية لدى المراهق بزيادة التوتر والغضب، كما أن الفضول قد يدفع بعض المراهقين لتقليد بعضهم بهذا التصرف، والغريب أن هؤلاء يتباهون أمام أصدقائهم بشجاعتهم وجرأتهم للقيام بخدش اليد.
وقد تكون الغربة والانتقال من بلد لآخر من الأسباب المهمة، حيث يواجه المراهق غربة مع زملائه في المدرسة وصعوبة في التأقلم لاختلاف الطباع والسلوكيات، دون أن يشعر الأهل به.
لحماية المراهق من إيذاء النفس، على الأهل بذل جهود كبيرة على عدة أصعدة:
- تكوين علاقات اجتماعية؛ لأن الوحدة قد تدفع الإبن في هذه السن الخطرة للتفكير في أفعال مؤذية.
- تعزيز الثقة بالنفس ومعرفة قدرات الذات وإثبات النفس.
- التعبير عن العطف والحنان وتخصيص وقت للتحدث مع المراهق والتقرُب منه وفهم مشاعره وطريقة تفكيره.
- تشجيعه على ممارسة هواية يحبها كالرياضة أو الرسم أو الموسيقى أو الأعمال اليدوية.
- الوعي العاطفي وهو معرفة الشعور المؤدي لذلك السلوك، والشعور لحظتها ووضع حلول بديلة لذلك السلوك.
- إبعاد أي شيء حاد عن الابن الذي يقوم بذلك السلوك.
- استشارة طبيب إذا زاد الأمر عن حده.
وعلى المستوى الإعلامي يجب تقديم برامج تعليمية لمعرفة خطورة ذلك السلوك وزيادة التوعية في الصحف والتلفزيون ووسائل التواصل الاجتماعي.
اقرأ/ي أيضاً:
عيادة أونلاين للاستشارات النفسية والجنسية
القوانين الألمانية والعنف الجسدي أو النفسي ضد الأطفال
تمرّد الأبناء على الآباء في دول اللجوء