“في سؤال هموت واعرف إجابته، مش الحور العين دي بتبقى مكافأة الرجالة الصابرين اللي أطاعوا ربنا طول حياتهم؟ احنا بقى الناحية التانية مكافأتنا إيه؟”، سؤال وجهته الفنانة زينة، في فيلم “بنتين من مصر”، وقد جسدت فيه دور فتاة تعدّت الثلاثين من عمرها، ولكنها لم تتزوج.
ردت إحدى صديقاتها في المشهد المذكور: “مفيش حاجة اسمها حور عين للمرأة”، فيما قالت أخرى “اللي اعرفه إن الست الصالحة هتُبعث مع شريك حياتها”، وهو ما أثار غضب زينة متسائلة “طب احنا بقى متجوزناش. هنُبعث يعني لوحدنا؟ عشان يبقى هنا وفوق كمان؟”.
ولأن الدراما تجسد الواقع، فالمشهد يتحدث عن تساؤلات تدور في أذهان الكثيرين، حول لماذا خص الله الرجال بالحور العين دون النساء في الجنة؟ وماذا عن الفتاة التي ماتت دون أن تتزوج في الدنيا؟ وماذا عن الزوجة التي يدخل زوجها النار؟ والعديد من التساؤلات الأخرى حول ذلك الأمر.
مبررات الدين
يعتبر الكثيرون أن الله ظلم النساء في الجنة، لأنه جعل للرجال حور عين، بعكس النساء، على أساس أن الله خص الرجال بشيء من النعمة بدون النساء.
إلا أن للشيخ محمد متولي الشعراوي رأياً مختلفاً. يقول إن الله بذلك الأمر يكرم المرأة، لأن المرأة الكريمة على نفسها لا تقبل أو تحب أن يتعدد عليها الرجال، لذا فإن الله حينما لم يعطها تعدداً في الصنف المقابل لها، إنما كرمها وأعزها. بل نجد أيضاً في نساء الدنيا مَن تأبى أن يمسّها أكثر من رجل، حتى إذا مات زوجها وحتى في الحلال، فترفض الزواج مرة أخرى.
من جانب آخر، يعتبر الشيخ محمد العريفي، الداعية الإسلامي السعودي، أن المرأة تكون مطلوبة وليست طالبة، فهي مَن يتقدم إليها الرجل ويذهب إلى بيتها ويلتقي بوالدها ويسدد لها المهر، والرجل ليس بالشيء الذي يجذب المرأة، فهي لا تشتهي في الرجل الجمال، عكس الشاب الذي يشتهي المرأة بالفطرة مهما كانت عقيدته، ويعلم الله جيداً ما يحتاجه كل من الرجل والمرأة، لذا وعد الله كل جنس بما يشتهيه، فوعد الرجال بحور العين، ووعد النساء في قوله تعالى “جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ”.
وصف الحور العين
وبحسب تفسير الطبري، فإن الحور جمع “حَوراء”، وهي تعني المرأة الشابة الحسناء الجميلة البيضاء شديدة سواد العين، كما قال تعالى عنهم في سورة الرحمن: “فيهن قاصرات الطرف لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان فبأي آلاء ربكما تكذبان. كأنهن الياقوت والمرجان”. وقال المفسّرون إن الآية تعني أن الحور العين أبكار لم يجامعهن أحد، وتم تشبيههن في صفاء اللون وبياضه بالياقوت والمرجان.
ويقول الدكتور محمد أبو ليلة، إن الحور العين كما جاء وصفهنّ في القرآن الكريم والسنة النبوية، هم خلق من الله، كما خلق الإنس والجن، إذ خلق الله في الجنة خلقاً من باب التوسعة في الثواب، إلا أن المرأة المسلمة الصالحة التي تدخل الجنة ستكون أجمل من الحور العين، فيقول الله تعالى “إِنَّا أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَاءً، فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَاراً، عُرُباً أَتْرَاباً، لِّأَصْحَابِ الْيَمِين”، حيث ستتحول النساء الصالحات لحالة أجمل من الحور العين، حتى إذا كانت المرأة ماتت وهي عجوز أو مريضة، ففي الجنة ستكون شابة جميلة.
ماذا عن المرأة؟
يقول الدكتور محمد أبو ليلة إن المرأة التي لم تتزوج في الدنيا، ستختار من تتزوجه في الآخرة، مشيراً إلى أن قواعد الزواج والطلاق التي جاء بها الشرع في الدنيا، لن تكون بهذه الطريقة في الآخرة، كما أن الناس في الجنة ستكون صدورهم خالية من الغل والأحقاد.
وأضاف أبو ليلة أن المرأة المتزوجة ستكون مع زوجها في الجنة، وبسؤاله عن المرأة الكارهة لزوجها، أجاب أنه في حال بُعثت المرأة على كراهيته فلن تكون بصحبته في الجنة وستختار مَن تشاء الزواج منه، ولكن قد يغير الله ما في نفسها من كره تجاه زوجها، وتحب أن تعيش معه في الجنة.
وعن المرأة الكارهة لزوجها في الدنيا أو التي أحبت شخصاً ولم تجتمع به في الدنيا، يقول الشيخ الخالد بن عبد الله المصلح، المفتي وأستاذ الفقه بكلية الشريعة جامعة القصيم بالسعودية، إن الزوجين إذا دخلا الجنة تُبَدَّلُ أوصاف كل واحد منهما إلى السرور التام الذي لا تنغيص فيه بوجه من الوجوه، وهذا من معاني ما ورد في الدعاء النبوي في الصلاة على الجنازة: “وأبدله داراً خيراً من داره، وأهلاً خيراً من أهله، وزوجاً خيراً من زوجه”، حيث سيتخلى الزوج عن كل الصفات التي كانت تكرهها زوجته في الدنيا.
ويقول الشيخ الخالد بن عبد الله المصلح، إن المرأة تُبَدَّلُ غير زوجها إن شاءت، أو تجتمع بمَن أحبته ولم تتزوجه في الدنيا، وذلك لعموم قوله تعالى “لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ”، وقوله “وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُون”.َ
حور عين “خادمة”
يقول الشيخ محمد العريفي إن الله تعالى لا يساوي بين امرأة اجتهدت وتعبت للوصول إلى الجنة، وحور العين التي خلقها الله للجنة، فجمال المرأة المؤمنة سيكون كجمال 70 حورية، ويستشهد العريفي بسؤال أم سلمة للرسول عن أيهما أفضل حالاً نساء الدنيا أم الآخرة، فرد الرسول “بل نساء الدنيا أفضل من الحور العين، كفضل الظهارة على البطانة”، موضحاً أن نساء الدنيا ستصبحن أفضل في كل شيء سواء قدرهنّ عند الله وجمالهنّ ورقتهنّ وتعامل أزواجهنّ معهنّ، فيما ستكون الحور العين مثل الخادمة أو الوصيفة.
المصدر: موقع رصيف22 – نرمين سليمان
اقرأ/ي أيضاً: