د. بسام عويل. اختصاصي علم النفس العيادي والصحة النفسية والجنسية
عادةً ما يشتكي الشركاء من البرود الجنسي أو عدم الرضى الجنسي، وخاصةً فيما يتعلق بالنشوة الجنسية في علاقاتهم الحميمية، مما يدفعهم إلى الانفصال أو البحث عن تلك المتعة مع آخرين حقيقين أو افتراضيين. لنحاول هنا معرفة بنية وأشكال وطرق التحفيز المتعددة التي يمكن أن توصلنا إلى النشوة.
وقبل التوسع في أسرار وأنواع النشوة الجنسية نبدأ بتعريفها علمياً:
مفهوم وتعريف النشوة الجنسية حديثٌ جداً، وتم اعتماده بناءً على توضيح العملية العصبية الفيزيولوجية المصاحبة للإثارة الجنسية، تعكس النشوة تكثيف المتعة الجنسية الحسية والتغيرات المصاحبة لها في الأعضاء التناسلية، وفي الأحاسيس والوعي (بما في ذلك فقدان الوعي الطفيف أو الموت الصغير)، والتقلص اللاإرادي للعضلات؛ وهي تشمل عند الإناث عضلات الرحم والحجاب الحاجز عضلات الحوض وحول المهبل، وعند الذكور العضلات المنتفخة الكهفية والعضلة الإسفنجية.
ورغم أن النشوة تدوم بضع عشرة ثانية، إلا أنها ضرورية للوصول إلى مرحلة الاسترخاء بعد الذروة وهي غالباً ما تكون الدافع وراء التواصل الحميمي وتحفيز الأعضاء التناسلية.
لا تنحصر ترددات النشوة الجنسية على الأعضاء التناسلية فقط، وإنما تتوسع لتنتشر في جميع أنحاء الجسم والوعي، فلا تقتصر على المتعة الجسدية بل وقبل كل شيء المتعة العاطفية والروحية.
يمكن للأنثى وكذلك الذكر كما أوضحت الدراسات الحديثة في علم الجنس، أن تتمتع بالنشوة الجنسية عند تحفيز مناطق أخرى من الجسم وليس الأعضاء التناسلية وحسب، لكون كامل الجسد هو مساحة جنسية وأهم عضو جنسي عند الذكور والإناث هو الدماغ.
ومع ذلك فهناك فروق بين الجسدين تجعل الأنثى والذكر يصلان ويشعران بالنشوة بطريقة مختلفة تماماً.
النشوة الجنسية عند الأنثى:
تبدأ مرحلة الاستثارة في الدماغ وعادةً ما تستغرق النساء وقتاً أطول قليلاً للاستمرار في هذه المرحلة من الذكور كما أنهن يمكن أن يفقدن الإثارة في هذه المرحلة. ومع ذلك، كل هذا يتوقف على التفضيلات الفردية وخصوصيات العلاقة والعاطفة والشعور بالأمان. تنتهي هذه المرحلة عادةً بتحفيز واستعداد الأعضاء التناسلية عند الأنثى للبدء بعملية الجماع، التي يعتمد نجاحها وإطالة مدتها على صحة ومهارات كلا الشريكين.
تستغرق مرحلة النشوة نفسها (الأورغازم -هزة الجماع) وسطياً من بضع ثوانٍ إلى نصف دقيقة فقط عند الإناث والذكور، ومع ذلك، فإن الاختلاف بين الجنسين يُلاحظ في مرحلة الاسترخاء التي تلي النشوة. فهو لا يدوم عند الإناث لفترة طويلة كما الحال عند الذكور، كما أن الأنثى تستطيع في هذه المرحلة تحقيق هزة أو هزات جماع أخرى متتالية في وقت قصير نسبياً طالما أنها مُستثارة جنسياً بالشكل الكاف.
اقرأ/ي أيضاً: سلسلة في الجنس وعن الجنس بدون تابوهات 14: مفارقات الرغبة الجنسية
أنواع النشوة الجنسية للإناث:
- النوع الأول هو النشوة المهبلية؛ وتحدث نتيجة الإيلاج وتحفيز G-spot الداخلي، وبعد الوصول إليها تشعر المرأة بانقباض العضلات وسريان الدفء في جميع أنحاء جسدها ويزداد معدل ضربات القلب وسرعة التنفس. وتعتبر النشوة المهبلية عموماً ذات سمة عاطفية بالدرجة الأولى.
- النشوة البظرية؛ توصف بأنها من رموز تحرر الأنثى لأنه يمكن بلوغها دون إيلاج ودون شريك، وهي تستند إلى تحفيز الشفرين والبظر إضافةً إلى إمكانية إشراك تحفيز الحلمات والمداعبة الشرجية الذاتية. ويمكن للمرأة أيضاً تجربة النشوة الجنسية المهبلية والبظرية معاً عند تحفيز الأعضاء الداخلية والخارجية. وللعلم فهناك ما يصل إلى 80% من الإناث اللواتي لا يختبرن سواها من أنواع النشوة.
- النشوة الجنسية التي تنتهي بالقذف؛ بعض الإناث لديهن القدرة على القذف الأنثوي الخارجي. وغالباً ما تختبره الإناث بشكل غير متوقع بنتيجة الاستثارة المكثفة وقد يتسبب هذا النوع من النشوة لبعضهن بالشعور بالخجل بداية الأمر ولشركائهن بالدهشة وأحياناً بالرفض.
- يمكن للمرأة أن تشعر بأعلى مستوى من المتعة أيضاً من خلال تحفيز الأعضاء الأخرى اللاتناسلية، ومن أكثرها شيوعاً تلك الناتجة عن تحفيز حلمات الثدي وهي تتشابه مع النشوة الجنسية البظرية.
- وهناك النشوة الخيالية أو النفسية؛ وتنتج من خلال الإثارة العقلية دون الحاجة إلى تحفيز الجسم على الإطلاق. فقط التخيلات الجنسية المثيرة هي مصدر المتعة التي لا تقل متعة عن شبيهاتها.
- وأخيراً هناك النشوة الليلية التي تحدث بشكل عفوي أثناء النوم. هذه ظاهرة طبيعية ويعتمد تواترها على عوامل مختلفة بما في ذلك العمر (وهي أكثر شيوعاً عند النساء الأكبر سناً)، والانفتاح والوعي بالرغبات والحاجات الجنسية. كما يشير علماء الجنس إلى أن اختبار هذا النوع من النشوة الجنسية يرتبط عادةً بعدم الرضى الجنسي ومستوى عالٍ من الرغبة الجنسية عند الإناث. المكافئ الذكوري للنشوة الليلية هو القذف اللاإرادي للسائل المنوي أثناء النوم.
- إضافةً إلى هذه الأنواع من النشوات الجنسية عند الإناث، هناك النشوة الشرجية عبر المداعبة الخارجية أو الداخلية لفتحة الشرج ولكنها تشترط تقبل هذا النوع من المداعبات من قبل الأنثى، إضافةً إلى مهارات الشريك والعلاقة والجو العام الذي يسودها وكذلك الانفتاح الجنسي والتفضيلات الجنسية عند الشركاء.
النشوة الجنسية للرجل
الانتصاب عند الذكور هو رد فعلٍ للمنبهات النفسية والحسية التي تصل إلى الدماغ. من هناك يذهب الأمر إلى النخاع الشوكي ويتسبب بإطلاق الأعصاب لأكسيد النيتريك الذي يفتح الشرايين في القضيب، وتتدفق الدماء أولاً إلى الجسم الإسفنجي الذي يمر من خلاله مجرى البول ومن ثم الجسم الكهفي في القضيب.
ومجدداً يمكن الاستنتاج أن النشوة الجنسية تولد في المخ وليس في الأعضاء التناسلية. ومن الضروري هنا التمييز بين النشوة الجنسية عند الذكور وبين القذف. إذ يمكن للذكر أن يحصل على هزة الجماع دون قذف خاصة عند ذوي الخبرة والمهارة من الذكور الذين يتدربون على فنون التانترا الجنسية، والذين يمكنهم التحكم بالقذف أو حتى القذف بدون هزة الجماع. وعموماً تسبق النشوة عملية القذف بأجزاء من الثانية.
من المهم أيضاً ما يحدث لجسم الرجل بعد النشوة الجنسية والقذف، فهو يدخل في مرحلة المقاومة: فجسده مُستنزف وعضوه التناسلي يفقد صلابته وبنفس الوقت نجده ما يزال يرغب بالممارسة.
اقرأ/ي أيضاً: سلسلة في الجنس وعن الجنس بدون تابوهات 16: لهذه الأسباب يلجأ الذكور إلى المعالج الجنسي
أنواع النشوة الجنسية عند الذكور
- الأول هو ما يسمى بالنشوة الصريحة؛ غالباً ما تحدث عندما يحتاج الرجل إلى تحرير (تفريغ) سريع للتوتر، ويشعر برغبة كبيرة في الوصول إلى الاسترخاء. يمكن بالطبع اختبار هذا النوع من النشوة الجنسية بشكل منفرد أو مع الشريكة (الشريك).
- في المقابل هناك ما يسمى بـ”عداء ماراثون النشوة”؛ هذا النوع من النشوة الجنسية للذكور (على الرغم من أن الإناث أكثر رغبة به وحاجة له) يمثل عبئاً كبيراً على الذكور لكونه متعب ويحتاج إلى تحفيز أكبر ومستوى جيد من الخبرة والصحة عموماً. عادةً ينتشر بين الذكور في مرحلة الشباب ويسم بداية العلاقات الحميمية، ويمكن ملاحظته عند الذكور الذين يرغبون بتقليد الممارسة الجنسية في أفلام البورنو، فنراهم يتعاطون المنشطات الجنسية قصداً ولهذا السبب تحديداً.
- النشوة الجنسية الإغراقية؛ وهي هزة الجماع التي يسعى إليها الذكور بهدف الإشباع الجنسي للشريكة أو التعويض. وهي نشوة إشباع ذكورية أكثر منها جنسية، والمتعة تكون نفسية تتعلق بالتفوق الذكري والهيمنة أكثر من كونها متعة جنسية خالصة.
- النشوة الجنسية الشرجية؛ وتحدث نتيجة المداعبة الشرجية للفتحة خارجياً، أو تلك المتصلة بمداعبة غدة البروستاتا داخلياً. ومن الضروري هنا التنبيه إلى أن هذه المتعة ليست بالضرورة متماهية مع التوجه الجنسي المثلي كما هو شائع.
- ومن أنواع النشوة الجنسية الذكورية أيضاً النشوة الحزينة؛ التي ترتبط بحدوث القذف دون رغبة أو ليس في الوقت المناسب (يعاني منها الذكور ذوي القذف المبكر أو المتأخر).
- وهناك من أنواع النشوة الجنسية/النفسية عند الذكور؛ تلك التي ترتبط بإرضاء الشريكة وامتنانها على تحقيق النشوة لها، ومنها أيضاً تلك التي تتصل باختبار الشعور بالألم أو التسبب به (غالباً ما تُرى في علاقات BDSM).
وأخيراً.. للمتعة الجنسية عناوين كثيرة ومداخل متعددة تتشابك فيها العوامل الفيزيولوجية مع النفسية والاجتماعية، ومازالت من الألغاز التي يتم تفكيكها في الأبحاث العلمية التي يعمل عليها علماء الجنس. ولكن ما يستحق أن نتذكره دائماً أن النشوة الجنسية تولد في الدماغ ويحدد مسارها المزاج والعلاقة مع الشريك-الشريكة إضافةً إلى المهارات ومستوى الصحة البدنية والنفسية على حد سواء.
أسرار وأنواع النشوة الجنسية للدكتور بسام عويل. اختصاصي علم النفس العيادي والصحة النفسية والجنسية