رامي العاشق – برلين
اختتمت قبل أيام ورشة عمل مشروع “هوية في مختبر” في مدينة برلين الألمانية، قدّم في نهايتها مراجعة مفتوحة أمام جمهور من المسرحيين والنقاد. “هوية في مختبر” الذي انطلق قبل نحو تسعة أشهر في عملية بحث، يضمّ فنانين فلسطينيين من مختلف مناطق التواجد الفلسطينيّ، ويستمر الآن في في مرحلة إنتاجيّة متقدّمة، على أن يعرض العمل النهائي، الذي يتعاون فيه مسرح خشبة والمسرح الوطني الفلسطيني-الحكواتي، في بداية العام 2017 في فلسطين.
يأتي المشروع ضمن الموسم الثاني لمسرح خشبة المستقل في حيفا، شارك في الورشة كل من: عامر خليل، خليفة ناطور، رائدة غزالة، نيقولا زرينة، حسام العزة، سحر خليفة، موسى السطري، أبو غابي، تسنيم فريد، محمد تميم، خلود باسل طنّوس، شادن قنبورة، هنري اندراوس، مجدلة خوري، وبشار مرقص. على هامش المشروع، التقت أبواب بالممثلة والمصورة الفوتوغرافية خلود باسل طنّوس ودار الحوار التالي:
ما هو مسرح خشبة؟
تقول خلود: “مسرح فلسطيني مستقل في حيفا، في وادي الصليب في مبنى عثماني قديم رممناه وحولناه إلى مسرح”، وعن مجموعة العمل تضيف: “تأسست مجموعة خشبة عام 2011، التقينا في جامعة حيفا، بشار، هنري، شادن، وأنا، أنتجنا العمل الأول “أسواط” وفي عام 2012 عملنا مع مسارح كمجموعة وكأفراد، ثم فكرنا بإنتاج أعمالنا الخاصة، وكذلك قانونيًا أصبحنا جمعية مسجلة. المشروع الأول للفريق كان اسمه المسرحية القصيرة المصورة، وهو عبارة عن ثمان مسرحيات قصيرة عرضت على الخشبة، ثمانية نصوص عن عوامل مختلفة، بلغات مسرحية مختلفة، تم تصويرهم ووضعهم على يوتيوب كبطاقة تواصل أولى بين المسرح والجمهور، فذهب المسرح إلى البيت عن طريق يوتيوب”.
في 1-10-2015 تم افتتاح المسرح، ويعمل المسرح على مواسم فنية، تتابع خلود: “كان عنوان الموسم الماضي: (حيفا بين الماضي والحاضر) كانت هذه نقطة الانطلاقة والبحث، بالإضافة للأمسيات والمحاضرات. أما عنوان هذه السنة فهو (هوية في مختبر) وتكون الأعمال عادة نتيجة عمل مخبري حقيقي، وورشات عمل، هذه المرة، تم التواصل مع مجموعات لأكثر من عام، وبدأنا على ثلاث مراحل: في الأردن، بروكسل، وبرلين، على شكل حوار مكثف بين الفلسطينيين من كل مكان، خمسة أيام مركزة نرتجل فيها حياتنا على المسرح، وستقدم في عمل في شباط فبراير 2017 في فلسطين”.
خلود باسل طنوس: لا أريد احتلالاً (ديلوكس)
يعتبر مسرح خشبة أول مسرح فلسطيني مستقل، ما الهدف من ذلك؟ “الهدف الأساسي هو إيجاد مؤسسة مستقلة، كفلسطينيين، نعيش تحت الاحتلال ونعيش على ردة الفعل، ولم نملك استراتيجيات وخطط عمل، وبحسب رأيي الشخصي، من يريد العمل على مشروع ثقافي، عليه أن يخطط دون تأثيرات خارجية، وخوف من قطع الميزانية، والرقابة. علينا إيجاد مدارس وجامعات ومستشفيات مستقلة، وشخصيًا كفرد، لا أريد من يضمن لي تعليمًا عادلاً، وحياة عادلة، لا أريد احتلالاً (ديلوكس) أريد حياة لي، تشبهني من الصفر وإلى النهاية، تكون لصالحي ولصالح حياتي، عندما تكون لنا مؤسساتنا البديلة تصبح لنا حياتنا، ونستطيع أن نتحدث بلغتنا، وأن نروي قصصنا”.
شعور بالذنب
على طاولة صغيرة في مقهى برليني تعرفه خلود جيدًا، سالت دموعها، وأصبح صوتها المقاتل حبيس غصّة لم تكن قبل هذه اللحظات، نظرت خلود إليّ بعينين حمراوين وقالت عن أصدقائها الجدد الذين التقت بهم لأول مرة في برلين: “بعد أن تعرفنا إلى بعضنا اكتشفنا أننا نشبه بعضنا كثيرًا” وبكت، وأكملت حديثها عن فلسطينيي مخيم اليرموك الذين قابلتْهم: “من أين يأتون بكل هذه القوّة بعد أن رأوا كل البشاعة التي لا يمكن أن أتخيلها في كوابيسي، من أين يأتي حب الحياة هذا؟”
ثم تابعت: “أشعر بالذنب لأنني أستطيع أن أكون في حيفا وأتنقل بين المدن، وهي حلم لكثير ممن أحبهم، من الصعب أن أقول لهم إن البلاد ليست كأحلامهم، وأنني أفكر أن أغادرها”.
تغادر خلود إلى حيفا، إلّا أنها هذه المرة لن تعود وحدها، تلوّح بيدها وتقول: “معي أصدقاء قدامى جدد!”