خلود شواف
لا حرية، لا أمان، لا سلام، والقضية دائرية لا زاوية تستطيع أن تقف فيها، إذاً لماذا فُتحت أبواب الحرب؟ لماذا فُرشت غُرف كوننا الصغير بالأسلحة، ولم اغتسل سكانه بالدم؟
ونحن من.. وإلامَ نتناهى في هذه الليالي الموحشة؟ نتلاطم بأمواج تفيض علينا بشدة متقهقرة أمام مدٍ وجذر لا نعلم إلى أين سيحملنا.
الحرب قاسية جداً تتخلل أبسط تفاصيل حياتنا، تهِب قطعة من جهنم إلى يد الحياة ولا تبالي بشيء، تنتصب في وجه أمٍ فقدت أطفالها، تطل من شرفة طفل صرخ يبحث عن أمه.
ربما تبتلع بألسنتها ضحايا لم ينادوا بالحرية ولم يطالبوا بالسلام، كانوا يبحثون فقط عن رغيفٍ يسد رمق حياتهم، لكن النار الجائعة أكثر منهم ابتلعتهم وأرغفتهم. فما الذي جرى؟ وعلى أي بركانٍ نتربع؟
أخذني الحال إلى مكان أود فيه أن أنزع نفسي عن حافة الحرب لأصل إلى الأمان، أريد ترك المقهى، لكن أخاف أن أغادر منها إلى السماء. ثم لابد من معطف واقٍ من رصاص طائش، ومناديل تجفف عرق الخوف من أن أصبح خلف القضبان، تتجمع الأحداث على يسار جسدي، تلامس أرصفةً باردة، تُطرق في الأرض بين قدميها، تضع ذاتها فوق صدري وأصابعها تلامس شجني.
كأس الحرب ممتلئةٌ دماً، تحفر خنادقها في روحي، ثم أموات بقدر خلايا الجسد تُدفن تحت راحة قلبي. وعلى مقربة مني وطن جريح يصرخ من حنجرة الصبار، يضع رأسه على كتف جاره فيتركه يسقط. يحترق والدخان يتصاعد من عيونه وشفاهه وجسده.
والماء لا يطفئ الحرب الا بانعقاد مؤتمر خارجي، فهل سيعقدون مؤتمراً مائياً لإطفاء حرب لهم ألسنة فيها؟
لا أراهم إلا يغسلون وجوههم فوق نارها، ينفضون غبار الريح أمام عيونها، وبسكاكينهم يرنون للأرض التي يقفون أمامها مثل كعكة الميلاد.
أنا أكتب هذا في ليلة لم أجد فيها لفائف تبغي لأُخرج دخاني، ولم أجد سوى قلم أدخن منه بعضاً مني.
اقرأ أيضاً: