ترجمة: رزان الصياصنة
حصلت مريم ميرزخاني في شهر آب عام ٢٠١٤، كأول إمرأة منذ ثمانية وسبعين عامًا، على ميدالية فيلدز المرموقة، التي تعتبر بأهمية جائزة نوبل، وهي الوسام الأعلى في الرياضيات. تم اختيار ميرزخاني بناء على التقدم المذهل الذي أحرزته في نظرية سطوح ريمان،(وهي نظرية متخصصة في الرياضيات الهندسية للأشكال غير التقليدية) حيث ساهمت ميرزخاني في البحث عن وسائل جديدة لتحديد أحجام المساحات المنحنية، وتمكنت من وضع صيغة تتابعية لحساب احجام سطوح ريمان تتمثل باكتشافها للمعامل الحسابي المرافق للشكل الهندسي والمعروف باسم Moduli spaces، وقد وضعت ميرزخاني صيغة تتابعية لحساب الحجم على هذا المعامل بدقة عالية تماما كما توقعها “إدوارد ويتن” في حساباته.
تمنح ميدالية فيلدز كل أربع سنوات من قبل الاتحاد الدولي للرياضيات لإثنين حتى أربعة من علماء الرياضيات البارزين ممن هم دون سن الأربعين، والواعدين بتحقيق إنجازات مستقبلية. بالإعلان عن اسم مريم ميرزخاني إضافة الى أسماء الفائزين الثلاثة الآخرين في ذلك العام ـ آرثر آفيلا، مانجول بارجافا، ومارتين هايررـ يكون عدد من حازوا على الأوسمة قد وصل إلى ٥٥ من الذكور وميدالية واحدة فقط حازت عليها أنثى.
تمجيد للنساء
يأمل الكثيرون بأن تحمل ميدالية فليدز الممنوحة لميرزخاني في طياتها بادرة للتغيير القادم، وقد صرحت ميرزخاني في بيان صحفي قائلة: “سأكون جد سعيدة إن ساهمت هذه الجائزة في تشجيع الشابات العالمات وعالمات الرياضيات”. في حين صرح نائب رئيس الاتحاد الدولي للرياضيات، كريستيان روسو، لصحيفة الغارديان واصفًا اللحظة بـ “الاستثنائية” وبأنها “تمجيد للنساء” ويمكن مقارنتها بإنجاز ماري كوري التي كسرت الحواجز وحازت على جائزتي نوبل في الفيزياء والكيمياء في مطلع القرن العشرين.
لم يضف شيئًا
وكتبت بروفسورة الرياضيات الكندية ايزابيلا لابا: “إن اختيار ميرزخاني لم يضف لي شيئًا ليقنعني بأن النساء قادرات على القيام بأبحاث في علوم الرياضيات بذات السوية التي يقوم بها الرجال، ذلك لأنني لم أكن يوما أشك في ذلك. إن ما ستلهمه من هذا الاختيار عوضا عن ذلك، هو أننا كمجتمع، رجالاً ونساءً على حد سواء، أصبحنا أفضل عندما يتعلق الامر بتشجيع ورعاية مواهب النساء في علوم الرياضيات وأكثر قدرة على تكريم التفوق في عمل المرأة”.
تمييز على أساس النوع الاجتماعي
إن إنجاز مريم ميرزخاني هو الأكثر ريادة اليوم في ضوء التحيز والاستغلال الموثَّق الذي واجهته المرأة في مجالات الرياضيات والعلوم. ووفقا للأكايمية الدولية للعلوم فإنه ليس هناك فروق بيولوجية هامة يمكن أن تبرر تمثيل النساء المنخفض في الكليات العلمية من رياضيات وهندسة وتكنولوجيا وعلوم، وحتى في المناصب القيادية، (إلا أن ذلك لم يوقف المتنفذين عن الاستمرار في الترويج لما يناقض هذه الحقيقة)، وتلقي الأكاديمية الدولية للعلوم باللوم في هذا على التحيز وعلى الأوساط الأكاديمية بهيكيليتها المؤسساتية التي عفا عليها الزمن.
على سبيل المثال؛ ووفقا لدراسة قامت بها جامعة ييل عام ٢٠٠٨، طلب من خلالها من عدد من الأساتذة تقييم متقدميين وهميين لمنصب مدير مختبر، لوحظ بأن الطلبات التي تحمل أسماء ذكور تم تقييمها من قبل مجموعة الأساتذة على أنها أكثر كفاءة مقارنة بالطلبات المطابقة والتي تحمل أسماء إناث. وقد وجد هذا التحيز عند أعضاء الهيئة التعليمية ذكورًا وإناثًا على حد سواء.
تحرش جنسي
ليس هذا فقط كل ما على النساء العاملات في ميادين العلوم التعامل معه، فوفقًا لتقرير صدر في شهر حزيران وجد بأن نسبة ٦٤٪ من النساء العاملات في المجالات العلمية كن قد تعرضن للتحرش الجنسي خلال العمل الميداني.
إن هذه السلبيات، بالإضافة إلى تاريخ طويل من نسب الرجال لاكتشافات واختراعات قامت بها نساء لأنفسهم، تساعد على تفسير شغل المرأة نسبة ٩ـ١٦٪ في مناصب التعليم الثابتة للرياضيات المكثفة ضمن أعلى ١٠٠ جامعة من الجامعات الأمريكية. ووفقا لـ “الجمعية الأمريكية للرياضيات” فإن نصيب المرأة في الحصول على درجة الدكتوراه في الرياضيات ظل راكدًا لعقود.
درجات الدكتوراه الممنوحة للنساء الامريكيات:
لم تشكل النساء يوما نسبة أكثر من ٣٤٪ من نسبة الحاصلين على درجة الدكتوراه على مدى السنوات من ١٩٩٣حتى عام ٢٠١٢
مريم ميرزخاني: كان أدائي سيئًا في مادة الرياضيات في المرحلة الإعدادية
مريم ميرزخاني التي نشأت في في إيران قبل أن تنال درجة الدكتوراه من جامعة هارفارد وتصبح أستاذة في جامعة ستانفورد، أخبرت معهد كلاي للرياضيات عام ٢٠٠٨ أنها لم تكن تدرك في البداية مدى قوتها في الرياضيات قائلة: “لا أعتقد بأن على الجميع أن يصبحوا علماء في الرياضيات، إلا أنني أؤمن أن العديد من الطلاب لا يعطون الرياضيات فرصة حقيقية. لقد كان أدائي سيئًا في الرياضيات لعدة سنوات خلال دراستي في المرحلة الإعدادية، كنت حينها مهتمة بالتفكير بها فقط. أتفهم كيف يمكن للرياضيات أن تبدو بلا فائدة وباردة عندما يغيب الحماس”.
المصدر: موقع ماذر جونز.