إعداد ميساء سلامة فولف
في هذه الزاوية نعرّفُ القراء بشخصيات من المهاجرين الذين وصلوا إلى ألمانيا منذ سنواتٍ طويلة، وتمكنوا من إعادة بناء حياتهم ومستقبلهم بعيداً عن أشكال وحدود الانتماء التقليدي، وحققوا نجاحات في مجالاتٍ عديدة، فاحتضنتهم هذه البلاد وصارت لهم وطناً.
الدكتور باسل قرو من مواليد اللاذقية في سوريا لعائلة تهتم بالثقافة والعلم، التحق منذ الطفولة بمدرسة الكلية الوطنية الخاصة وبقي فيها حتى نيله شهادة البكالوريا.
كان مهتماً بالأدب والشعر والرسم، ولكن رحلته إلى عالم استكشاف الأوبئة بدأت بالصدفة في عمر مبكر، بعد أن أهداه والده بمناسبة عيد الميلاد، مجهراً مع بعض العينات الجاهزة، هذا المجهر كان حافزاً لدخوله عالم العلوم والاستكشاف.
درس الصيدلة في جامعة تشرين وأثناءها تطوع مع فريق الهلال الأحمر، ثم عمل بعد التخرج كمندوب علمي لإحدى شركات الأدوية في سوريا، وفي هذا الوقت كان يدرس الألمانية تحضيراً للسفر إلى ألمانيا.
قدم باسل قرو إلى برلين عام 2009على نفقته الخاصة، حيث حصل على قبول من جامعة برلين الحرة لدراسة الصناعات الدوائية، ولكن بعد شهور قليلة أدرك أن هذا المجال سيحصر عمله فقط مع آلات صماء وهو شخص اجتماعي بطبعه، لذلك اتجه إلى مستشفى الشاريتيه ودرس الماجستير في الصحة العامة، وحصل على درجة امتياز على بحثه عن “العلاقة بين الإصابة بمرض السل وضعف المناعة عند الاشخاص المصابين بالايدز في ألمانيا”.
قام معهد روبرت كوخ بتبني البحث، وكانت هذه نقطة البداية مع هذا المعهد البحثي المتخصص التابع لوزارة الصحة الألمانية.
“الغربة هي فرصة لإعادة اكتشاف الذات وتجربة غنية بكل المقاييس”
يقول الدكتور باسل قرو “الغربة بشكل عام تشكل تحدياً كبيراً على الصعيد العملي والعاطفي، لكن بنفس الوقت هي فرصة لإعادة اكتشاف الذات وتجربة غنية بكل المقاييس، بشرط أن نمتلك رؤية لمستقبلنا وإيماناً قوياً بأنفسنا”.
بعد تقديمه البحث حصل مباشرةً على عمل ضمن المعهد كباحث لتقييم معالجة السل في الاتحاد الأوروبي، وبعد عام قرر استكمال رسالة الدكتوراه والتعمق في نفس مجال رسالة الماجستير ولكن على نطاق أوسع يشمل الاتحاد الأوروبي. البحث كان بالتعاون مع معهد روبرت كوخ وكلية الطب في هانوفر ومركز الاتحاد الأوروبي لمكافحة الأوبئة.
دراسة دكتوراه الوبائيات استغرقت أربع سنوات ليتخرج بعدها بدرجة شرف، ويصبح عضواً خبيراً في مكافحة السل لدى منظمة الصحة العالمية. انتقل إلى لندن بمنحة للتدريب العملي من مركز الاتحاد الأوروبي لمكافحة الوبائيات، أمضى هناك عامين عَمِل خلالهما على مكافحة الأوبئة (السل، الدفتيريا، الجدري والتهاب الكبد) في بلدان عدة منها موريتانيا وأوغندا وأفغانستان ومخيم للاجئين في بنغلادش.
ليعود بعدها إلى برلين لمعهد روبرت كوخ ليصبح رئيساً للفريق المختص بجمع المعلومات الوبائية في العالم. وهو حالياً عضو في خلية إدارة أزمة جائحة كورونا في ألمانيا من معهد روبرت كوخ. كما شارك الدكتور باسل قرو في بعثات علمية مع فريق خبراء ألمان لتقديم الدعم الميداني لإدارة جائحة كورونا في عدة دول. وله أكثر من عشرة أبحاث منشورة في مجلات علمية عالمية.
اقرأ/ي أيضاً:
بورتريه: مهاجرون في ألمانيا – الصحافية ميسون ملحم
بورتريه: مهاجرون في ألمانيا – الباحثة هدى صلاح وكفاح امرأة مصرية لكسر القيود
