“نريد أن نكون في أبعد مكانٍ عن العرب” يقول كثيرٌ من القادمين الجدد إلى ألمانيا، وقد لا يكون هذا القول بقصد التنكّر للهويّة، إنّما بسبب الخذلان الذي أصاب الكثيرين بعد أن وضعوا آمالاً كبيرةً على من يشاركهم اللغة والهويّة. يأتون إلى بلد جديد لا يعرفون عنه الكثير، ثقافيًا، اجتماعيًا أو سياسيًا، ويجدون أنفسهم متروكين بدون أهم وسيلة للتواصل وهي اللغة، في مواجهة حياةٍ جديدةٍ بالكامل، وفي المقابل، فقد قدّم الشعب الألماني مبادرات شكّلت بديلاً حقيقيًّا خدميًا وإنسانيًا، إلّا أن اللغة تبقى عائقًا كبيرًا أمام من يريد بدء حياة جديدة هنا. ورغم كلّ المحاولات الحكوميّة وغير الحكوميّة المشكورة، إلّا أن الحاجة أكبر بكثير، وهذا ما لم تره الجاليات العربيّة القديمة، ولم تعمل عليه، ولذلك كانت “أبواب”.
جاءت “أبواب” لتفتح أبوابًا جديدةً للناطقين باللغة العربية في ألمانيا، آمل أن نستطيع ذلك. الفكرة كانت تدور في بال الكثيرين بالتأكيد، وجاءت الفرصة الآن لنباشر بإنتاج إعلامنا ومنابرنا، إذ أنه ولأول مرة في ألمانيا ستكون هناك صحيفة عربيّة تصدر من ألمانيا، ويكتب فيها صحافيون، كتّاب، وناشطون، مهاجرون ولاجئون، كما سيكتب فيها الألمانيون باللغة العربيّة أيضًا.
في العدد الأول حاولنا طرق أبواب جديدة يمكن أن تُفتح، فتساعد القادمين الجدد على بدء حياتهم هنا، فالقادم الجديد لا يملك مصدرًا للأخبار، ولا يستطيع التعامل مع اللغة الجديدة بسرعة، وقد يواجه مشاكل في اختلاف نمط الحياة وفي التفاصيل اليوميّة، كما أنه بحاجةٍ لأن يرى ويقرأ ماذا يفعل العرب هنا، وماذا ينتجون، نشاطاتهم، إنجازاتهم، وكيف يعيشون. أنا شخصيًّا مذهول بكميّة النشاط والعمل الذي يقوم به القادمون الجدد، إنهم يملؤون ألمانيا فنونًا وجمالًا وأدبًا وإنجازات. هنا في “أبواب” ستعرفون الكثير عنهم.
ولا يمكنني أن أنسى فضل كلّ من ساهم في هذا العدد، وآمن بالمشروع، ودعم ولو بكلمة، وكلّ الذين تطوّعوا ليكونوا أسرة “أبواب” التي ستكبر أكثر، وستفتح أبوابها للجميع، وها أنا أعلن من الخطوة الأولى أن الباب مفتوحٌ لكل أخباركم ونشاطاتكم ومشاكلكم وآرائكم وملاحظاتكم، وأتمنّى أن نكون قد قدّمنا نفسنا بصورة جيّدة هنا.