أقيمت في مدينة كولونيا في الفترة الممتدة ما بين الخامس والتاسع عشر من حزيران\يونيو 2016 فعالية ثقافية فنية تحت عنوان “موطني هو الفن”. نظمت هذه الفعالية غاليري “68 elf” بالتعاون مع دار هاينريش بول الثقافية وبلدية كولونيا.
وشملت الفعالية التي شارك فيها فنانون من مختلف أنحاء العالم معرضًا للفن التشكيلي، عروضًا موسيقية، أفلام قصيرة وقراءات أدبية وشعرية.
افتتحت الفعالية بعرض للفن التشكيلي شمل الرسم، النحت، التصوير الضوئي، التجهيز في الفراغ. وشارك في المعرض الذي استمرّ حتى آخر أيام الفعالية فنانون من سوريا، البوسنة، إيران، كوسوفو، تركيا، التشيك، أثيوبيا، العراق وأفغانستان. وكان ختام الفعالية مع قراءاتٍ أدبية لأدباء من هذه الدول إضافةً إلى قراءة شعرية متميزة من الشاعر جلال الأحمدي من اليمن.
تمثلت المشاركة السورية في المعرض بالفنانين التشكيليين ياسر صافي، رؤيا عيسى وعبد الرزاق شبلوط.
التقت أبواب مع السيدة كريستيانا راث كممثلة عن غاليري “68 elf” التي نظمت الفعالية، وفي إجابتها على سؤال من أين بدأت فكرة هذه الفعالية ومن هي الجهة المنظمة؟
قالت السيدة راث: “نحن مؤسسة فنية مكونة من ثلاثة وثلاثين فنانًا، أنشئت منذ حوالي الثلاثين عامًا، اعتدنا أن نعرض أعمالنا الخاصة وأن ندعو فنانين من مدنٍ ألمانية أخرى كنوعٍ من التبادل الفني بين كولونيا وهامبورغ، فرانكفورت برلين وغيرها.
هذا العام أردنا أن نقدم شيئًا متميزًا، أردنا أن نرفع صوتنا فيما يتعلق بالسياسة، وأن نعبر عن رد فعلنا وموقفنا تجاه الوضع الحالي وتجاه أزمة اللجوء في ألمانيا وكل هذه الدراما السياسية المرافقة. وكفنانين اخترنا أن يكون موقفنا منسجمًا مع دورنا في الحياة وأن يكون لنا دور تضامني مع الفنانين الآتين إلى ألمانيا من كافة أنحاء العالم، ولاسيما اللاجئين. لم تكن المهمة سهلة في البداية حيث كان صعبًا أن نتواصل مع الفنانين الذين وصلوا للتو إلى ألمانيا، لذا قررنا أن يضم هذا اللقاء فنانين عاشوا أزمة الاغتراب جرّاء اللجوء أو النفي واضطروا في لحظةٍ ما من حياتهم لمغادرة أوطانهم والبدء من جديد في بلدٍ غريبٍ عنهم.
تمكنا من دعوة اثني عشر فنانًا من تسع دول ليشاركوا معنا، بعضهم كانوا هنا منذ عشرين سنة أو أكثر وبعضهم منذ عامين فقط والبعض وصل للتو.
يجمع بين هؤلاء الفنانين ذاك الجرح الذي كسر رتابة حياتهم في الوطن واضطرهم للهجرة مهما اختلفت الأسباب. ساعدتنا في اللقاء مع هؤلاء الفنانين دار هاينريش بول التي تستضيف سنويًا فنانين من أنحاء العالم أدباء وشعراء ورسامين ممن عانوا الاضطهاد في بلدانهم ثم حلوا ضيوفًا على هذه المؤسسة الثقافية.
أردنا أن نسلط الضوء لزوارنا وجمهورنا على الغنى والقيمة التي يعكسها جرحٌ في حياة فنان على أعماله الفنية. فحين تكون فنانًا يحمل قضيةً أو قصة وطن فإن هذا يبدو جليًا فيما تقدمه من أعمال ولا بد أن يرى الجمهور ذلك”.
هل تعتقدين أنكم نجحتم في إيصال هذه الفكرة للجمهور، هل وصلت رسالتكم؟
راث: “لا أستطيع أن أجزم الآن إلى أي حدٍ قد نجحنا، ولكن مجرد أننا تمكنا من جمع هؤلاء الناس معًا فهذا شيءٌ رائع. فمن ناحية، حضر الافتتاح وحده أكثر من مئة وخمسين شخصًا وهذا أمرٌ رائعٌ جدًا ويدل على أن الناس مهتمون، إضافةً إلى حضور مسؤولين سياسيين وتغطية من صحيفتين هامتين في كولونيا إحداهما يومية والأخرى أسبوعية. ومن ناحيةٍ أخرى تمكن فنانون من بلدانٍ وخلفياتٍ مختلفة من اللقاء هنا، وليس فقط ليعرضوا أعمالهم، بل أيضًا ليلتقوا ببعضهم البعض، الكثير من الأحاديث والنقاشات بدأت هنا وتبادل الكثيرون قصصهم وأخبارهم ووجهات نظرهم سياسيًا وفنيًا وإنسانيًا أيضًا. أستطيع أن أقول أننا صرنا نعرف بعضنا أكثر.
لم تقتصر الفعالية على الفن التشكيلي بل ضمت أيضًا أنواعًا أخرى من الفنون، حدثينا عن هذه التجربة.
كريستيانا راث: صحيح، إضافةً إلى المعرض المستمر طوال أسبوعي الفعالية، قدمنا أيضًا أمسيةً للأفلام القصيرة يعرض فيها عشرة أفلام من سوريا، وفيلم من البوسنة والهرسك وفيلم آخر من الشيشان. اليوم الأخير أيضًا ضم قراءاتٍ أدبية للشعراء والأدباء المشاركين بلغتهم الأم مع ترجمة للألمانية. هذه الفعالية بالنسبة إلينا هي تجربة غنية جدًا حيث تمكنا من خلالها من تقديم الفن بمختلف صوره من الرسم والنحت والأفلام والموسيقى والأدب.
يمكن إذًا أن نصف هذه الفعالية بأنها حدث فني متنوع، فهل هي التجربة الأولى من نوعها؟ وهل تنوون تكرار مثل هذه التجربة؟
راث: اعتدنا لاسيما في السنوات الخمس السابقة أن ننظم عروضًا تشكيلية مشتركة تضم عروضًا تفاعلية بين فنانين ومؤسسات أخرى في مدنٍ أخرى، ولكن ليس مع كل هذا العدد من الضيوف.
وقد تحدثنا في المؤسسة عن إمكانية تكرار هذه التجربة وتقديم فنانين من جنسياتٍ مختلفة، لاسيما أن سياق عملنا الفني التفاعلي يتضمن مسبقًا صيغة عرض ندعوها “ديالوغ” أو حوار حيث يقوم كلٌ من فناني “68 إلف” بدعوة فنانٍ آخر، ليقدم الاثنان أعمالهما معًا. هذه المرة لم نقدم أيًا من أعمالنا واكتفينا بدور التنظيم ودعوة الفنانين الآخرين. بكل الأحوال نجاح هذه التجربة يمكن أن يجعلها تستمر ولو بأشكالٍ أخرى، وهذا ما نأمله.
