أحمد ياسين. صحفي سوري مقيم في ألمانيا
افتتح في الخامس من تشرين الأول/ أكتوبر في المركز الثقافي”دارنا” في العاصمة الألمانية برلين، المعرض الفني التشكيلي (بيني وبينك/ Zwischen mir und dir).
شارك في معرض “بيني وبينك” كل من الفنانين: أحمد ياسين ،تولين بعلبكي، دينا عبد النور، منور خلاص، ومصطفى قصاب باشي.
هذا المعرض جمع الفنانين بروح ورؤية فنية مشتركة، قدم من خلالها فكرة جديدة تهدف إلى تعزيز التواصل مع الآخر من خلال اللوحة الفنية، وحضر المعرض الكثير من محبي ومتذوقي الفن في برلين.
قدم الفنانون صورةً عن تجاربهم بالفن التشكيلي، وقد تميز كل فنان بلمسته الخاصة في هذا المعرض، فالفن بالنسبة للفنانة تولين بعلبكي هو صورة مكبرة ومختزلة عن الواقع الوجداني للإنسان المعاصر، والفن هو رسالة وتأريخ للحالة أو للألم أو للمشكلة في لوحاتها، كما تناولت مواضيع متعددة قد تبدو للمتلقي مختلفة لكن مايجعلها مترابطة بالنسبة لها هو طرح حالة للبحث عن حلول وإيقاظ الوعي الفكري للذات عند المتلقي.
وفي هذا المعرض هناك شطرين من رؤيتها لحالتين مختلفتين الشطر الأول طرحت فيه مشكلة ضرر البلاستيك على البيئة وتحديداً المحيطات، وتممتها بالوحدات النباتية، أما الشطر الثاني فكان عن التناقضات والتقلبات التي تمر بها الحداثة المعاصرة على المستويين العاطفي والفكري معاً.
أما الفنانة منور خلاص فقد عبرت عن دورها في معرض “بيني وبينك” بأنه تواصل إنساني مع الآخر بالأخص مع الشعب الألماني الذي كان كريماً باستقباله من لجأ إليه هرباً من آلة القتل. فالفن بالنسبة لها يفكك الواقع ليعيد صياغته بعين تولج الجمال كنهر ينساب لا يتكئ على حجر. ولولا الفن والأدب والموسيقا لأصبحنا جماداً بلا روح.
بالنسبة إلى الفنانة منور هي ترسم لتكتشف الخلل في توازن الحياة لفضاءٍ إنسانيٍ لاحد له ولا سماء، فالفن سيد الابتكار للخلق لا يتعصب للفكرة، ويجمل العالم بالاحتواء والعطاء، وكفنانة سورية تحاول أن تخلق عالماً بعيداً عن العنصرية والقبح والصراعات الفتاكة. ولكن حين تحزن لاشيء يعيد لها توازنها سوى اللون وتفاعلاته مع الفكرة .أيضاً كسورية لوحاتها عبارة عن رسالة لكل الشعوب وبالأخص الشعب الألماني بإنسانيته المضيئة.
أما الفنان مصطفى قصاب باشي فيقول: “حينما يكون الفن حياة تصبح الحياة فنّاً”. وفي عزلةٍ تامة يباشر الفنّان برسم لوحةٍ ما، وكثيراً ما يكاد “ينسى نفسه” وبعض تفاصيل يومه إلى أن يُنهي عمله على أتمّ وجه وعلى نحوٍ يرضيه، يصنع لنفسه جمالاً في وسط قبحٍ أوجدته بيئته وعالمه المضطرب القابع في زنازين مظلمة من حياتنا الماضية، حيث ما يزال أصحابنا وأهلنا فيها معتقلون.
لذلك فالفنان وحده يشعر بتعقيدات الحياة الملموسة فيسعى إلى الهروب منها لأنّ روحه تأبى الانصياع للأصنام والتكرار، فيمحو كل أثرٍ لروتين مقيت ويكسر عقله كلّ القيود ويحرر من الجمود القاتل.
كلّما بالغنا في وصف الفن أفقدناه شيئاً من قيمته ومعناه الحقيقي، فهو جمال ودليل على إعجاز الخالق، بل وجماله الأعظم الذي يلقي الإلهام في عقل الفنان فيجعله بحراً للغارقين ومتنفّساً للتائقين وحياةً للتائهين.. وكما يقال “حينما يكون الفن حياة تصبح الحياة فنّاً”.
أما الفنان أحمد ياسين، فقد عبر بهذه الجملة القصيرة: “الفن هو لغة الحياة التي لا تحتاج لترجمة” معبراً عن رؤيته ومشاركته في هذا المعرض.
أقل ما يقال عن هذا المعرض المشترك أنه قدم الصورة الفنية الجميلة والتي تلعب دوراً هاماً تتجلى به الأوجه الحضارية في المجتمعات والحضارات التي تتأثر بها حيث تقدم أجمل صور المحبة بين الشعوب.
اقرأ/ي أيضاً:
معرض “مدينتي حلب”.. أين يبدأ الحب؟