تقرير وفيديو رشا الخضراء – إعلامية سورية مقيمة في ألمانيا
اختيار العمل والدراسة في كل مجتمع شئنا ام أبينا محكوم بعدة اعتبارات، أهمها التحصيل العلمي ومن ثم المظهر الاجتماعي والمهنة ومردودها المادي، أضف إلى ذلك عوامل متنوعة تفرضها طبيعة المجتمع والدين والعادات والتقاليد -الخاصة أحياناً بكل عائلة على حدة- والعوامل الطبيعية من الطقس وطبيعة الأرض.
وللأسف فإن أقل العوامل المؤثرة في الاختيار في مجتمعنا هي الموهبة والرغبة الفردية، خاصةً إذا تعارضت مع مصالح العائلة في حال كان للعائلة مجال عمل معين وينبغي أن يرثه أفرادها، أو إذا تعلق الأمر بالنساء إذا كان اختيار الفتاة غير مقبول من وجهة نظر المجتمع كالعمل كسائقة مواصلات عامة على سبيل المثال.
بعد وصول السوريين إلى دول المهجر واختلاف وتنوع الحاجات وتعدد الخيارات رأينا بعض الاشخاص يغيرون مهنهم السابقة جزئياً أو كلياً، سواء برغبة حقيقية أو اضطراراً لعدم المقدرة على امتهان نفس العمل.
من المعلوم أن هناك في الدول الأوروبية وأتحدث عن ألمانيا كوني أقطن فيها، هناك حاجة في سوق العمل لمهن معينة وللعمالة المختصة بالمهن الحرفية ولذلك يتم التشجيع بشكل كبير على دراسة هذه الاختصاصات أو التدريب عليها، وبات من المعروف أن تعديل الشهادات الجامعية الأكاديمية يتصف بالصعوبة في كثير من الأحيان وخصوصاً في بعض المجالات كالتدريس والطب وطب الأسنان.. فنرى على سبيل المثال أن العديد من الاطباء اضطروا لممارسة مهن أخرى كنادل في مطعم ما أو البقاء عاطلين يتلقون مساعدات الدولة حتى انتهاء الدراسة والتحضير لامتحانات التعديل، الأمر الذي سبب إحباطاً كبيراً وكآبة للعديد من الأشخاص.
في ذات الوقت سُمح لعديد من المواهب أن تتفجر لدى أفراد اضطروا في بلادهم لدارسة أو ممارسة مهن في مجالات لا يرغبون بها ولكنها تتوافق مع مجتمعهم أو عمل عوائلهم، وكبتوا مواهبهم ورغباتهم في الإبداع في مجالات أخرى لاسيما الفنية منها كالرسم والتصوير والرقص والتمثيل، وعندما فتح لهم المجال للعمل باجتهاد في ما يحبونه أبدعوا وتألقوا!..
ولكن للأسف ليست الصورة بذلك الجمال كل الوقت، حيث أُجبر عدد من الأشخاص على دراسة أو ممارسة أعمال لا يرغبونها أبدا وذلك إما من خلال التضييق عليهم في أخذ الموافقة ليدرسوا ما يناسبهم أو ليتم الاعتراف بشهاداتهم. أو في حالات خاصة قام فيها موظف في مركز العمل/الجوب سنتر بإجبار بعض الأشخاص على الذهاب باتجاه عمل محدد بسبب النقص الواضح في اليد العاملة. أو دفع بعض المراهقين لاتخاذ طريق المدارس المهنية الحرفية كبديل عن إكمال شهادة البكالوريا “Abitur “ والدخول في الجامعات.
لا بد هنا من الإشارة بموضوعية إلى أن هذا الأمر قد يحدث مع المراهقين الألمان أنفسهم حيث يتم توجيه وتشجيع أو شبه إجبار المراهق على اتخاذ طريق معينة تتوافق مع سوق العمل وقد لايكون ذلك خطأً بالمطلق!. وهنا لا نغفل عن ذكر تداخل العامل الفردي عند الموظف في هذا السياق.
قمت بعمل استطلاع رأي في شوارع برلين ونشرته على قناتي اليوتيوب Rasha and Life وأخذت رأي عدد من الأشخاص عن مجال عملهم أو دراستهم، كيف ولماذا اختاروه وقد تنوعت الإجابات.
وأخيراً وكوجهة نظر خاصة أرى أنه من الممكن أن نعتبر أن حياتنا بعد اللجوء هي فرصة ثانية لنا وأمل جديد لربما اكتشفنا فيه قدرات لم نكن نلقي لها بالاً أو حتى نعلم عن وجودها شيئاً. ولابد أن نبذل كل الجهد لنحدد مصائرنا ونقرر شكل حياتنا وكأننا ولدنا من جديد.
رابط الفيديو
مواد أخرى للكاتبة:
في حرية ممارسة الشعائر ما بين الشرق والغرب
“في حواليك بيت؟” دور السماسرة في أزمة السكن البرلينية
ملف العدد 40 عن التنمر.. وأطفالنا هم الضحية
مشكلة الارتباط في الغربة.. أمهات يبحثن عن عرائس على الفيسبوك، وفتيات يرفضن التسليع