كثيراً ما يتم اتهام اللاجئين في ألمانيا بارتكابهم أعمال عنف ضد المرأة وسوء معاملتها. ولكن هل تلك الاتهامات والإحصائيات المتعلقة بها صحيحة أم مضللة؟
هناك العدد من الدعاوى لدى المحاكم الألمانية ضد المهاجرين، تتعلق بقضايا تحرش واعتداءات جنسية ضد النساء في ألمانيا منذ بداية أزمة اللاجئين. وتشمل هذه الدعاوى والاتهامات حالات اغتصاب، بما في ذلك اعتداءات ليلة رأس السنة في كولونيا عام 2015، والتي انتشرت أخبارها في الإعلام العالمي. وهناك أمثلة أخرى، مثل إحدى الحالات في بافاريا، حيث يجري التحقيق مع مواطن نيجيري، رفض طلب لجوئه، بسبب اغتصاب امرأة أثناء ممارستها رياضة الجري. وفي مكان آخر من بافاريا، هناك مواطنان أفغانيان هما المشتبهان الرئيسيان في قضية اغتصاب فتاة تبلغ من العمر 16 عاماً. وفي ولاية بادن فورتمبيرغ المجاورة، يواجه لاجئ أفغاني آخر حكماً بالسجن لمدة طويلة بتهمة اغتصاب وقتل طالبة تبلغ من العمر 19 عاماً.
يجري حالياً الاستماع الى قضية أخرى في مدينة بون، حيث يتهم رجل من غانا باغتصاب امرأة على طريق تخييم أمام صديقها. فهل يجب على النساء اتخاذ احتياطات إضافية ضد العنف الجنسي؟
وما يبعث على القلق هو أن التقارير حول هذه الجرائم والاعتداءات قد تكون بحاجة إلى البحث في دقتها وموضوعيتها وفحصها بنظرة نقدية. فصحيح أن العدد الإجمالي للاعتداءات ضد المرأة قد زاد مع تدفق اللاجئين على ألمانيا، لكن عدد السكان أيضاً قد ارتفع مع استقبال ألمانيا أكثر من مليون مهاجر. وقد لا يكون ازدياد عدد الجرائم بدوافع جنسية يتناسب تماماً مع ازدياد عدد السكان، لكن قد يكون أحد العوامل العديدة التي تهمل عند الإبلاغ عن تجاوزات يرتكبها مهاجرون.
تؤكد الإحصاءات الرسمية للجرائم في ألمانيا زيادة نسبتها 13% تقريباً في حالات الاعتداء الجنسي والاغتصاب عام 2016 مقارنة بعام 2015. إذ أفاد 9,2% من العدد الإجمالي للمهاجمين بأنهم سوريون و 8,6% أنهم أفغان. وإجمالاً، أفادت التقارير بأن 38,8% من المدانين بالاعتداء الجنسي والاغتصاب هم من غير الألمان. وهذا يعني أن نحو 4 من كل 10 من الاعتداءات الجنسية وحالات الاغتصاب كل عام، يرتكبها الأجانب في ألمانيا. بينما كانت هذه النسبة قبل أزمة اللاجئين، 3 من أصل 10.
غير أن الخبراء يوافقون على أن هناك عاملاً هاماً آخر يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار، وهو مدى استعداد بعض ضحايا الاعتداء للإبلاغ عن هذه الجرائم. إذ يقول البروفسور يورغ كينزيغ، مدير معهد علم الجريمة في توبنغن لوكالة الأنباء الألمانية (د ب أ)، إن ضحايا الاعتداء والاغتصاب أكثر استعداداً للإبلاغ عن هذه الجرائم للشرطة في حال كان الجاني أجنبياً.
يرتكبون الاعتداءات الجنسية بسبب الإحباط
يشدد الأطباء النفسيون على أن اللاجئين يرتكبون الاعتداءات الجنسية بسبب شعورهم بالرفض من الغير، وإن ارتفاع عدد طلبات اللجوء المرفوضة وترحيل اللاجئين يولد الإحباط عند الكثيرين، وقد يدفعهم إلى العنف.
ويقول الباحث في علم الجريمة، كريستيان فايفر، إن البرامج المصممة لعودة المهاجرين إلى بلدانهم الأصلية يجب أن تعدّل، وذلك للحد من الجرائم، لأن هؤلاء المهاجرين الذين رفضت طلباتهم قد يضطرون إلى قضاء شهور أو حتى سنوات منسيين قبل ترحيلهم إلى ديارهم. وفي الوقت نفسه، يناشد فايفر الهيئات الدولية للمساعدة على إيجاد المزيد من الفرص في البلدان الأصلية للمهاجرين والتي تصنف على أنها آمنة، لوضع حد لهجرة مواطنيها. ويقول: “برامج العودة الطوعية هي الأفضل، ويجب علينا العمل على جعل هذه الخيارات أكثر جاذبية، مما سيؤدي إلى المزيد من السلامة والأمن بالنسبة لنا”.
الاختلاف الثقافي ليس مبرراً
بعيداً عن الدوافع التي قد تقود المهاجرين إلى ارتكاب جرائم الاغتصاب أوغيرها من الاعتداءات. فإن طبيعة هذه التجاوزات غير المقبولة يجب أن تتم الإشارة إليها في دورات الاندماج، والتأكيد على أنها جرائم ولا يسمح بالقيام بها، وتقول الطبيبة النفسية ماغي شاور في جامعة كونستانس، إن المهاجرين يستخدمون أحياناً الاختلافات الثقافية والدينية كذريعة لمثل هذه الأعمال. وتضيف: “يتوجب على الرجال أن يتعلموا السيطرة على انفعالاتهم بغض النظر عن الدين الذين ينتمون إليه”، فالجرائم والاعتداءات الجنسية سلوك مرفوض عالمياً ولا يمكن إعفاء أي منها تحت ذريعة اختلاف الثقافة.. و الجميع يعلم ذلك تماماً.
المصدر: مهاجر نيوز – سرتان ساندرسون/ ريم ضوا
اقرأ أيضاً: