عبد الرزاق حمدون*
لو كانت تعلم الجماهير المصرية أن ركلة الجزاء التي سجلها محمد صلاح في مرمى الكونغو ضمن تصفيات أفريقيا لنهائيات كأس العالم، هي طريقهم لرؤية منتخبهم بهذا الأداء المتواضع في ملاعب روسيا، لربما كان أفضل لهم الإبقاء على صورة نجومهم القوية مع أنديتهم الأوروبية والعربية والمحلية.
28 عاماً انتظرتها الجماهير المصرية لتشهد على جيل كروي يعتبر الأفضل من ناحية الاحترافية والانسجام يجمع بين الخبرة والشباب، جيل فيه أفضل لاعب بتاريخ مصر على مر العصور وهو محمد صلاح، ليأتي رجل عجوز يملك من التاريخ السلبي ما يكفي لإنهاء أفضل الأجيال الذهبية في تاريخ أي منتخب عالمي، هيكتور كوبر الذي حكم على صلاح ورفاقه بالفشل بشهادة الأرقام المتواضعة في مونديال روسيا.
من أبرز خصائص المدرب الناجح هو البحث عن الميزات التي يتمتع بها لاعبوه في المنتخب أو النادي والعمل على بناء طريقة لعب مناسبة لقدراتهم، في قضية كوبر مع المنتخب المصري ومنذ بداية المشوار، دق ناقوس خطر الأسلوب الدفاعي العقيم الذي أظهر الفراعنة بالوجه الباهت خلال مباريات التصفيات.
كوبر لم يحترم أرقام صلاح الإعجازية في الدوري الإنكليزي ولم يوفر الدعم الهجومي لـ تريزيغيه المطلوب في اقوى الأندية التركية، ولم يعط دقائق أطول لكل من رمضان صبحي وكهربا، ولم يمنح عمر وردة الموهوب في الدوري اليوناني الحرّية في إظهار ما لديه، بل أصرّ على عبدالله السعيد الذي كان الأسوأ في منتخب مصر خلال مباريات المونديال أمام الأورغواي، ليظهر كل من النني وطارق حامد بأفضل الطرق، لأن أسلوب كوبر يسمح للاعبي الارتكاز الدفاعي بالظهور.
في مباراتي الأورغواي وروسيا لم تكن مصر الطرف الأضعف بل قدّم لاعبوها مباراة متكافئة أمام سواريز ورفاقه، وكانت الطرف الأفضل في الشوط الأول أمام أصحاب الأرض روسيا، لكن غياب الثقافة الهجومية عند اللاعبين وعدم امتلاك ذهنية الوصول إلى الثلث الأخير من الملعب، حال دون تسجليهم أمام الأورغواي، وكان عائقاً لهم في مواجهة الدب الروسي.
أسلوب كوبر الدفاعي أحبط عشّاق محمد صلاح بشكل كبير أمام روسيا حيث لم تعتد هذه الجماهير رؤية نجم ليفربول بهذا الأسلوب العقيم، وهي المعتادة عليه بصناعة الأفراح هناك في الأنفيلد، وساهم بإبتعاد نجم الريدز عن المنافسة على جائزة أفضل لاعب في العالم.
على كوبر معرفة أن كرة القدم تطورّت ولم تعد كما كانت عليه، وبأن أفضل طريقة للدفاع هي الهجوم وعدم البقاء في الخلف لأن ذلك سيولد أخطاء كما شهدناها أمام روسيا، وعلى الجماهير المصرية أن تعلم بأن عجوز أرجنتيني قتل أحلام جيل كامل.
*عبد الرزاق حمدون. صحفي رياضي مقيم في ألمانيا