عبد الرزاق حمدون. صحفي رياضي مقيم في ألمانيا
عندما تعود إلى تاريخ المواجهات بين قطبي إسبانيا، لن تستطع الخروج عن الأبعاد السياسية التي تحمله هذه المواجهة، صراع لم تستطع مقاطعة كتالونيا خلاله من مجاراة حكم مدريد لا سياسياً ولا عسكرياً، ليحوّله نادي برشلونة للشكل الرياضي بعد انتهاجه الأسلوب الهجومي في فترة العرّاب يوهان كرويف.
شاءت الأقدار أن يكون كلاسيكو إسبانيا هذا العام مواكباً لأيام الحراك الثوري في مقاطعة كتالونيا التي تطالب بالاستقلال عن العاصمة مدريد، ومع دخول لاعبي الريال إلى الملعب ردتت جماهير “الكامب نو” بصوت واحد جملة “المطالبة بالحرّية والاستقلال”، إذاً الجماهير فعلت ما يمكن أن تفعله الأنصار في مثل هذه الموقعة المنتظرة، فكيف قابلها فريقها الكروي وحامل هويتها؟
تصعيد مدريدي حاسم
ممثل العاصمة الإسبانية جاء بآوامر صارمة من الجنرال الفرنسي زين الدين زيدان، قمع كل مظاهر الثورة خلال 90 دقيقة عاشتها جماهير الفريقان، اكتساح أبيض لمعسكر البلوغرانا وفي معقله الثوري، وكأن جنود مدريد لم يعيروا اهتماماً لاحتجاجات الناشطين الذين جاؤوا لملعب المباراة، بل جعلوهم يشاهدون أسوأ نسخة لفريقهم، عازمين على طمث الهوية الهجومية التي عُرف بها برشلونة، وصال وجال رفاق القائد راموس في أرجاء الملعب وحاصروا ثواّر كتالونيا بمناطقهم.
برشلونة والهوية المفقودة
لنترك السياسة قليلاً ونعود للأجواء الرياضية، لم يعد مخفياً على أحد تراجع أداء برشلونة في الفترة الأخيرة تحديداً منذ تولي المدرب إرنستو فالفيردي زمام تدريب الفريق الكتالوني، لا أسلوب ولا طريقة لعب مفهومة وأبعد مما تكون عما قدّمه برشلونة لكرة القدم عبر تاريخ هذا النادي.
فالفيردي قاتل حلم كتالونيا
يمكن أن تتناسى جماهير برشلونة كل الإحباطات والانكسارات التي مرّ بها مع فالفيردي، لكن أن يتعلّق الأمر بالكلاسيكو وبهذه الظروف المحيطة به فهذا الأمر أصعب من يمر كأنه شيء لم يحصل.
ما يميز عناصر برشلونة دائماً في مواجهات الكلاسيكو هو علو كعبهم النفسي حتى وإن كانوا الطرف الأسوأ خلال اللقاء، في المباراة الأخيرة لم نشهد سابقاً أن ظهر الجميع بهذا السوء، بداية بالأسماء مروراً بطريقة اللعب نهايةً بالتبديلات التي تعتبر لعبة المدرب وكيفية قراءته لمجريات المباراة.
في كل تلك الأمور فشل فالفيردي فشلاً ذريعاً ليقول عقب المباراة “لم نستطع مجاراة ريال مدريد!”، تصريح يمكن ترجمته برفعه للراية البيضاء، تصريح أوجع قلوب الجماهير العاشقة للكيان الكتالوني بل كأنه رصاصة الرحمة في ثورة كتالونيا التي حكم عليها فالفيردي بالموت قبل أي أحد.
اقرأ/ي أيضاً:
“تاكومي مينامينو”.. الصفقة التي ستخلّد “كلوب” في ليفربول
ديربي مانشستر… ملامح كثيرة بخلفية حمراء
جوزيه مورينيو “المُتواضع ون”.. الاشتياق يفعل أكثر من ذلك!