قيصر هو الاسم المستعار لمصور من أفراد الشرطة العسكرية بدمشق. تمّ تكليفه مع انطلاق الاحتجاجات السلمية ضد نظام الأسد بالذهاب إلى المشافي العسكرية لتصوير جثث المعتقلين المحالين إليها، ممن قُتلوا تجويعاً وتعذيباً حتى الموت في سجون النظام وأفرعه الأمنية بقصد التوثيق قبل ترحيلهم إلى مقابر جماعية.
جمع قيصر وخلال سنتين تقريباً 55 ألف صورة لـ 11 ألف ضحية بينهم آلاف النساء والأطفال وكبار السن. وكان يرسل هذه الصور تباعاً لصديقه سامي -وهو اسم مستعار أيضاً- لحفظها خوفاً من فقدانها، إلى أن قرر الانشقاق عن نظام الأسد وغادر في شهر آب 2013 ومعه هذا الكم من الصور والوثائق، التي شكلت الأساس لصدور قانون قيصر لاحقاً.
وصل قيصر للولايات المتحدة الأمريكية، وأدلى بشهادته أمام الكونغرس بتاريخ 31 تموز 2014. وعُرضت الصور أمام مجلس الشيوخ، وبعد فحصها وتحليلها في مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي والتحقق من صحتها، تمت الصياغة الأولى لمشروع القانون. لكن الرئيس الأسبق باراك أوباما جمّده تحت ذريعة (أن صدوره سيعطّل الجهود الرامية لإنهاء الصراع في سوريا).
في العام 2017 تمّ تمرير مشروع القانون لأول مرة من مجلس النواب، لكنه تعطّل في مجلس الشيوخ. وجرت أكثر من محاولة حتى تكللت بالنجاح بعد ربطه بميزانية وزارة الدفاع في 11 ديسمبر 2019، وأقره مجلس الشيوخ في 17 ديسمبر، وصدقه الرئيس ترامب في الـ20 منه على أن يدخل حيّز النفاذ بعد ستة أشهر من إقراره.
أهم مايميّز قانون قيصر:
- مرجعيته: فهو قانون داخلي أمريكي صدر في السياقات الطبيعية لاستصدار القوانين المحلية، وهذا يعني امتلاكه آليات مراقبة ومتابعة تنفيذ نصوصه عبر المؤسسات المعنية وذات الصلاحية أصولاً.
- صدوره: صدر بأكثرية أصوات الحزبين الجمهوري والديمقراطي بـ 86 صوتاً مقابل 8 أصوات عارضته. ما يجعله لايتأثر كثيراً بتبدّل الإدارات الأمريكية.
- مطرحه؛ حيث يستهدف قانون قيصر:
- رموز نظام الأسد وشركائه وداعمي آلته العسكرية والأمنية، وتجفيف منابع تغذيتها.
- يتيح هذا القانون للرئيس الأمريكي فرض العقوبات ضد الأشخاص أو الكيانات المشاركة بأعمال القتل في سوريا، إضافةً للدول والكيانات والأشخاص التي تقوم بتمويلهم أو تقدم الخدمات المختلفة لهم. وهذا يطال الكيانات الروسية والإيرانية ووكلائهم من مقاولين عسكريين ورجال أعمال ومنتجي أسلحة وقيادات عسكرية ومليشيات.
- رأس النظام بشخصه ومختلف أركان حكمه من نواب ووزراء ومحافظين، ورؤساء الفرق العسكرية والأفرع الأمنية وأجهزة الإستخبارات، ومدراء السجون ومراكز الدراسات والبحوث العلمية، والبنك المركزي في حال ثبوت قيامه بغسل الأموال.
- قطاع الطاقة والنفط والاتصالات والطيران، وأي شركة مهما كانت عائديتها أو جنسيتها أو أي كيان أو شخص يستثمر فيها أو يزوّد الخطوط الجوية بقطع غيار أو صيانة.
- أي شركة أو كيان اوشخص يشارك في مشاريع إعادة الإعمار قبل انخراط نظام الأسد في العملية السياسية.
4. ما يستثني القانون من عقوباته:
المساعدات الإنسانية والأدوية ومستلزماتها وجميع المنظمات غير الحكومية، التي تعمل على تأمينها وإدخالها لتصل إلى السوريين.
5. الشروط المطلوبة لوقف تنفيذ قانون قيصر:
- وقف عمليات القصف بالطيران من قبل النظام وروسيا واستهداف المدن والبلدات والمشافي والمدارس والمرافق الطبية والمناطق السكنية والأسواق.
- إطلاق سراح المعتقلين، والسماح للمنظمات الدولية لحقوق الإنسان بالوصول إلى مراكز الاحتجاز.
- فك الحصار عن المناطق المحاصرة ووصول المساعدات إليها.
- تأمين العودة الطوعية الآمنة والكريمة للنازحين والمهجّرين.
- محاسبة مرتكبي الجرائم في سوريا، وتحقيق العدالة لضحايا جرائم الحرب.
- التزام الحكومة السوريا باتفاقية جنيف لعام 1992 والخاصة بحظر استخدام وتخزين واستعمال الأسلحة الكيماوية.
هذه الشروط تنسجم مع متطلبات قرارَي مجلس الأمن 2254 و2118، ونظام الأسد مُطالبٌ بالإيفاء بها منذ العام 2012. لكنه لم يفعل واستمر بخياره العسكري.
يمكن القول أن فقدان المحروقات والمواد والاحتياجات المعيشية من الأسواق وتراجع القوة الشرائية لليرة السورية، لم تبدأ مع قانون قيصر وإنّما هي نتيجة تراكمية لتسخيره لكل موارد الدولة لتغذية حربه المجنونة على السوريين.
النتائج السياسية التي قد تترتب على تطبيق قانون قيصر:
- يحبط المحاولات الروسية لإعادة الإعمار وعودة اللاجئين قبل الدخول في العملية السياسية، ويحول دون الاستثمار السياسي لما حققوه على الأرض عسكرياً.
- يحول دون إعادة تأهيل الأسد في السلطة.
- يفكك منظومة الدعم العسكري والسياسي والاقتصادي للنظام.
- يدفع الروس لمقاربة جديدة للمشهد السوري، بعد فشل كل محاولاتهم بالتفرّد بالملف السوري ومخرجاته.
- يضعف إيران وأذرعها السرطانية ودورها العدواني المدمّر والأخطر على سوريا، والمقوّض لأمن كامل المنطقة واستقرارها.
- يدفع الروس للضغط على النظام للدخول بالعملية السياسية وفق متطلبات جنيف والقرار 2254. وهذه العملية مهما كان شكلها وسقفها ستخرج نظام الأسد نهائياً من مستقبل سوريا.
بسام العيسمي. محامي سوري مقيم في النمسا
اقرأ/ي أيضاً:
مطالب أمريكية بـ”تطبيق قانون قيصر بشكل صارم” لوقف انتهاكات النظام السوري
من معرض صور قيصر: “العدالة هي الطريقة المثلى لتحقيق السلام، حتى لو احتاج تحقيقها إلى وقت”..
