عبد الرزاق حمدون*
يقول المثل الشعبي “إن وقعت البقرة تكثر سكاكينها” أي عند النكسات والهفوات يكثر الكلام السلبي والاتهامات والنقد يأتي من حدبٍ وصوب وهذه تبقى علاقة نسبية تتناسب طرداً مع حجم السقوط ولمن تابع، كيف لو كانت هذه البقرة نادي بقيمة ريال مدريد.
الكلام هنا ليس على الخسارة بسباعية أمام الجار أتلتيكو مدريد ، فقد يرى البعض أنها مباراة ودّية لكن صدى كثرة الأهداف جعل منها مناسبة لانتقاد النادي الملكي وزعزع كيان الجماهير الحالمة بعودة فريقها مع المدرب الذي كتب التاريخ سابقاً مع ناديهم بثلاثية دوري الأبطال المتتالية، ليكون زيدان أول المُنتقدين من قبل الجميع نوع من ضريبة النجاح الذي حققه في فترته الأولى.
حقبة زيزو الأولى وظروفها ومعطياتها تختلف كُلّياً عما نعيشه في الوقت الراهن، الفريق حينها كان متعطشاً للألقاب وعلى أتم الجاهزية لفعل أشياء كثيرة لكنه بحاجة لمدرب قادر على تحفيزهم ودفعهم بمعنويات كبيرة، ومع قدوم زيدان تحوّل الريال لعائلة متكاملة لدرجة أن الفريق في ثلاث مواسم لم يجري أي تعديل عليها، مما زاد تعلّق اللاعبين بناديهم وبمدربهم وبزملائهم، حالة نادرة شهدناها مع زيدان وفريقه كانت سبباً رئيسياً في تحقيق الهاتريك الأوروبي.
أهم العوامل التي ساهمت بنجاح ريال مدريد كانت فترة ركود الرئيس بيريز، الباحث دوماً عن الأمجاد لكن في عالم المال، فهو صانع الغلاكتيكوس 1 و 2، لم يكن زيدان وراء إقناع بيريز بعدم إتمام صفقات مدوّية بل كانت الألقاب الأوروبية، وفي الموسم الماضي وبعد الكوارث التي حصلت في البرنابيو قرر الرئيس إحداث ثورة بدايتها بعودة زيدان وصولاً لميركاتو الصيف والتوقيع مع نجوم كبار للنهوض بالفريق.
هنا وصلنا للمشاكل الأكبر، نحن الآن على مفترق طرق نستطيع تسميته بصراع العروش والنفوذ، بيريز يسعى خلف الصفقات بين نجوم وشبّان وزيدان الذي يحارب من أجل عيون حرسه القديم، أسماء شابة وقّع معها بيريز من الموسم الماضي لتستمر مع الفريق حتى قدوم زيزو، ومع إخلاصه لتشكيلته القديمة خرج “ريغيلون ويورينتي وسيبايوس” دفعة واحدة في حركة لا يفهمها إلا المدرب!
لنأتي إلى مشكلة غاريث بيل التي تؤثر بشكل أو بآخر على الفريق، زيدان لم يعد يطيق تواجد الويلزي في فريقه وكان ذلك واضحاً بتصريحاته الأخيرة، لكن الجميع يعلم أن بيل يملك حصانة من الرئيس، كما هو الحال مع الحارس كورتوا الذي تعرّض لهزّة كبيرة منذ قدومه للريال ويبقى زيدان يفضل نافاس على الجميع.
بين كل تلك الأمور والسلبيات خارج المستطيل يجب أن نأتي إلى الملعب، احتفاظ زيدان بتشكيلته جاء بالكثير من الرتابة والروتين في وسط الملعب خاصة مع تقدم مودريتش بالعمر وتراجع كاسيميرو لم يعد إلا كروس وهنا أيضاً مشكلة جديدة هي أن أسلوب الألماني كلاسيكي جداً بعيداً عن المراوغة وخلق الفرص حتى دفاعياً يعتبر الأسوأ بين ثلاثي الوسط، لذا التعاقد مع الفرنسي بوغبا “برغبة من زيدان” هو أفضل حل لمشكلة الوسط، فهو القادر على المساهمة والمساعدة في تشكلة 4-3-3 بشكل أفضل.
على الأطراف بقاء مارسيلو أساسياً لم يعد مفهوماً أبداً فاللاعب يقدم مستوى متواضع جداً، وفي المستقبل القريب سنرى المهاجم الجديد يوفيتش على دكة البدلاء مع استمرار بنزيما أساسياً.
بين هذه المشاكل وكثرتها تظهر لنا حقائق أبرزها أن ريال مدريد أمام فترة مجهولة، وبأن زيدان ليس بالمدرب الصبور على جيل شباب وإنما هو بحاجة لأسماء جاهزة بشكل أكبر، وبأننا أمام صراع نفوذ في حلقته الثانية بين الرئيس والمدرب.
*صحفي رياضي مقيم في ألمانيا
اقرأ/ي أيضاً: