في كل موسم كروي أصبح اعتيادياً أن نقف عند المدرب الكتالوني بيب غوارديولا واعتبار موسمه صفرياً بل فاشلاً فقط لأنه لم يحقق دوري أبطال أوروبا، البطولة المستعصية على بيب منذ خروجه من برشلونة.
تقييمٌ تراه الجماهير مناسباً للقيمة المالية التي يصرفها المدرب خلال تدريبه لأي فريق، أو حتى أحد الأندية الكبيرة “بايرن ميونيخ” الذي حقق الثلاثية التاريخية مع يوب هاينكس قبل موسم من تولي بيب غوارديولا مهامه في ألمانيا، لتكون محطّة مانشسترسيتي الأكثر انتقاداً له، مئات الملايين صرفها بيب مع أزرق مدينة مانشستر، أصبحت صفقاته تريند الإعلام والترول الرياضي نظراً لكمية الأموال التي صرفها خاصة على خطّه الدفاعي، لكن دون جدوى مع هذه البطولة، وبالرغم من تحقيقه لجميع الألقاب المحلّية واكتساحه لانكلترا، إلا أنه يعتبر فاشلاً بسبب عدم تحقيقه للأبطال!.
كلام الصحافة والجماهير لا يرحم، وضع بيب تحت الضغط ليلاً نهاراً بل حولّه لشخص مهووس بالكأس ذات الأذنين، لدرجة أنه مازح يورغن كلوب مدرب ليفربول في حفل توزيع جوائز عندما قال له عقب تحقيق الريدز للأبطال ومانشسترسيتي للدوري المحلّي: “أنت بحاجة لهذا اللقب وأنا أحتاج تلك الكأس”، كلام واضح منه بل فضح نفسه أمام الجميع وكيف أن هذه البطولة تأخذ من تفكيره الحيّز الأكبر، لكن في كل موسم يسقط بيب، وفي كل موسم نشاهده جالساً على أرضية الملعب والحسرة تأكله، أصبح مشهد متكرر يزيد من الضغوط عليه.
بيب عاشق لكرة القدم منذ الطفولة، يقول عنه والده: “يربط كل الأشياء بكرة القدم”، ملك التفاصيل الدقيقة، لا يقبل أن يكون غافلاً عن أي شاردة وواردة، شخص يتنفس كرة القدم، وصل مرحلة الجنون ليقول هو عن نفسه: “ربما أعتزل التدريب في سن مبكرة لأنها ترهقني”، تفكير بيب الزائد يضعه في مواقف لا يحبها، يظن نفسه أن قادر على تغطية كل التفاصيل، وفي كل مرّة تغدره الكرة وتعاقبه في لحظة غير محسوبة.
مع بايرن ميونيخ وصل بيب لدرجة غير مفهومة من التفكير، بل أنه تعلم درساً جديداً من خلال مسيرته مع العملاق الألماني “يجب أن أعرف كيف أخسر” خاصة خسارته أمام أتلتيكو مدريد المباراة التي حقق فيها بايرن نسبة فرص ضائعة عالية جداً بالرغم من صعوبة مواجهة فريق دفاعي منظم، خرج بيب بعد اللقاء وقال فعلنا كل شيء، أنا فخور بنفسي وباللاعبين.
في فترته مع البايرن يعتبر بيب نفسه تعلّم الكثير هناك، حاول من تطوير نفسه ودمج بين فلسفة الألمان وفكره الكروي من برشلونة، وبالرغم من ذلك وقع بالفخ أوروبياً، خسارته أمام الريال برباعية غيّر خطّة اللعب أكثر من 4 مرّات، تفكيره الدائم لإيجاد الحلول كان يرهقه، وبالرغم من كل ذلك يرى نفسه مع بايرن أفضل من برشلونة، لأن في كتالونيا لديه ميسي، أما في بايرن يسعى جاهداً لإيجاد الحلول.
مع مانشسترسيتي وآخر تلك المحاولات كانت أمام ليون، خسر بيب غوارديولا لأنه فكر كثيراً، ليس بالفريق الفرنسي، وإنما كان تفكيره مصبوباً كيف يتخطى ليون ليواجه بايرن ميونيخ، ليبدأ بطريقة لعب جديدة عنه، بأسلوب غير مفهوم وبدفاع لا يخدم بالمرّة، سقط بيب مرّة رابعة مع مانشسترسيتي، وقبلها أمام توتنهام بسيناريو مشابه، ومع موناكو أيضاً وليفربول، فلسفته الزائدة قبل كل ليلة كبيرة من ليالي الأبطال تضعه خارج الحسابات وتخرجه من الباب الضيّق “بموسماً فاشلاً”، بالرغم من تحقيقه للكثير من الألقاب.
قد يكون بيب فاشلاً بنظر كارهيه، لكن ما قدّمه بيب لكرة القدم أكبر بكثير من الألقاب، ونختم بكلام مشجع بايرن ميونيخ عندما علم بخروج بيب من بايرن: “هذه أفضل نسخة لفريقي شاهدتها منذ أكثر من ثلاثين عاماً، بالرغم من أنك لم تجلب لنا الأبطال، إلا أنني أريد دائماً الفوز بأسلوبك وفلسفتك”.
عبد الرزاق حمدون. صحفي رياضي مقيم في ألمانيا
اقرأ/ي أيضاً:
في برشلونة.. ثورة كتالونيا الرياضية هي الحل
باريس سان جيرمان لايبزيغ.. المباريات الكبرى لها أهلها
بايرن ميونيخ.. كيف تصنع فريقاً تهابُه أوروبا