رشا الخضراء. إعلامية سورية مقيمة في ألمانيا
سؤال لابد منه في كل جلسة بين السوريين والعرب لا بل وكل من يقطن مدينة برلين. هذه المدينة الصاخبة التي تعج بالحياة وفرص العمل والمنافسة، ولكن كضريبة لذلك يعاني الأشخاص فيها من أزمة السكن.
ما يزيد الأمر سوءاً هو تواطؤ المستغلين ومن يمكنني توصيفهم بالمافيات، حيث يتفننون في استغلال حاجة اللاجئين الماسة لإيجاد منزل للخروج من معاناة السكن المشترك والهايمات كما يطلق عليها.
قد يضطر الباحث عن منزل أن يدفع مبالغ تصل إلى عشرة آلاف يورو للسمسار كعمولة مقابل الحصول على منزل! أو لمستأجر قديم يريد أن يخلي المنزل بشرط أن تشتري منه أثاث المنزل مهما كانت حالته سيئة ولو لم تكن بحاجته! حيث تحول الموضوع لتجارة رابحة .
وعندما سألت بعض الأشخاص عن الموضوع وأسبابه سمعت روايتين، الأولى وتم تحذيري من الدخول في تفاصيلها لكيلا أتعرض للأذى، ألا وهي أن مافيات شارع العرب (Sonnenallee) هم من يتحكمون في هذه السوق بشراسة ولديهم موظفين ألمان معتمدين ضمن الشركات والدوائر المسؤولة عن السكن، وهم من يدير عمليات السمسرة ويتحكمون في أسعارها. هذا وقد سمعت النصيحة ولم أحاول أن أتحقق من الموضوع!
حيث أن السيناريو الذي تم وفقه تزويدي بالمعلومة كان أشبه بالمسلسلات، حيث طلب مني الشخص “الضليع” بالموضوع أن نلتقي في مقهى ليخبرني بالسر وبدأ يحكي لي روايات عن مدى الإجرام الذي تمارسه تلك المافيات بالأسماء، ونبهني أن لا أبحث أكثر خوفاً على سلامة عائلتي، وأنا الأم لثلاثة أطفال فضلت أن أستمع للنصيحة وأكتفي بخطوط عامة!..
الرواية الثانية تتلخص في أن بعض الموظفين الألمان بدأت تغريهم الهدايا والمبالغ المقدمة من السماسرة مقابل تقديم اسم على آخر في قائمة الانتظار للحصول على منزل. وأن أي شخص قادر أن يقوم بوظيفة السمسار والمضاربة والمزايدة بناء على حجم وقوة شبكة العلاقات التي كونها !. في كلتا الحالتين نجد تورط العرب في الأزمة واضحاً سواء المافيات القديمة أو بعض المرتزقة الاستغلاليين من القادمين الجدد.
كل ما كتبته في هذا المقال هو من روايات الأشخاص الذين قبلوا أن يتحدثوا معي سواء أمام أم خلف كاميرتي.
جدير بالذكر أن صعوبة الحصول على سكن لا تنتج فقط عن ما ذكرت من التجارة بالموضوع وإنما أيضاً من الضغط الكبير على برلين العاصمة حتى من قبل الأوروبيين أو الأجانب من جنسيات أخرى متعددة، حيث تستقطب برلين العديد من الأشخاص من كل أنحاء العالم للعمل والاستثمار والعيش الحر المستقل. عدا عن أن شركات المنازل في بعض المناطق تمنع عن الأفراد فرص الحصول على منزل في حال كان الاسم يدل على شخص عربي الجنسية – في تصرف عنصري بحت-.
و تبقى الطريقة الأسهل دوماً هي الحصول على منزل عن طريق شبكة العلاقات والمعارف وأخيراً الحظ! أنا شخصياً لم أدخل في هذه المعمعة لأني حصلت على مساعدة من قبل أصدقاء ألمان للحصول على منزل، فكنت من المحظوظين في هذا المجال.
في هذا الفيديو تقرير مصور يتحدث عن أزمة السكن على قناة Rasha and Life على اليوتيوب:
اقرأ/ي أيضاً: