عبدالرزاق حمدون. صحفي رياضي مقيم في ألمانيا
بين تمريرة بيدري بالعقب وفرحة ميسي بعد الهدف الثاني في مرمى أتلتيك بلباو، قصّة طويلة تم تلخيصها بحركتين فقط. منذ خروج انييستا من برشلونة بدأنا نشعر بأن ميسي دوماً ما يبحث عن البطل الثاني أو المساعد الثاني أو ربما الخليل في أرضية الميدان، اللاعب الذي يثق به مع الكرة وبدونها، اللاعب الذي يفهم كرة القدم التي يقدّمها ميسي بسرعتها وخفّتها ودقّتها. بدأها مع كوتينيو ومن ثم ديمبيلي مروراً ب آرثور وآخرهم غريزمان. وبالرغم من أنه وجد بعضاً منها مع سواريز إلا أنّه كان يترجم ما يفعله ميسي فقط دون أن يقدم شيء لليو.
وبعد ذهاب سواريز بعيداً بقي ميسي وحيداً داخل الملعب، ومع بداية هذا العام مع المدرب الجديد رونالد كويمان، ظهر لنا الشاب اليافع صاحب الـ 18 عاماً بيدرو غونزاليس أو الملقب بيدري، اللاعب الذي أعاد لوسط برشلونة بعضاً من أيام العز. ذهب بجماهير الفريق لأيامٍ اشتاقوا لها كثيراً كان فيها الإبداع الكروي مُلازماً للكرة التي يقدمها فريقهم، كرة السهل الممتنع، والبسيطة بتعقيدها، التي تعتمد على القرار والذكاء قبل التنفيذ، مع خفّة ورشاقة شاب بعمر الثامنة عشرة عاماً.
بيدري الذي نشأ بعيداً عن أسوار أكاديمية برشلونة “اللامسيا” أثبت أنه ابن تلك الأكاديمية. يمتاز بيدري بكل صفات لاعب الوسط وصانع اللعب، من حيث دقة التمرير وتوقيته الصحيح، وكذلك التحرك بين الخطوط وفهم الزميل وتحركاته، إضافة إلى توقع التمرير وزاويته، عدا عن المهارة في التمرير ومنها صناعته لهدف ميسي الثاني أمام بلباو.
أيام الكرة الجميلة في برشلونة كان لدينا ميسي وتشافي وانييستا، ثلاثي يلعب كرة قدم متناسقة ومنسجمة لدرجة المتعة في الأداء والتمرير والاستلام والتحركات بين الخطوط وبين القنوات وأضيقها، كرة قدم رسمت من خلالها جمالية وشمولية في التمرير والهجوم لتحمل صفة “التيكي تاكا”، والتي يمتاز بها فريق برشلونة حتى الآن، لكن بدون انسجام وفعالية هجومية.
اقرأ/ي أيضاً: علاقة ميسي وبرشلونة.. قصة دراماتيكية في فصلها الأخير
في العودة إلى لمسة بيدري لميسي، هي ليست المرّة الأولى التي يفعلها الشاب الإسباني، لمحة مكررة من نفس اللاعب لكن ما ميّز تلك اللقطة هو نتيجتها بهدف جميل لميسي. بيدري يكمل ميسي في الملعب، وهو ما افتقده الأرجنتيني طيلة المواسم السابقة، نوع من التفاهم الذي فقدناه في برشلونة لثنائي يكون ميسي أحد أطرافه مثل أيام تشافي وانييستا. في الواقع أن نسبة التطابق عالية بين خواص انييستا وبيدري، إلا أنني لا أحب التشبيه بين اللاعبين، فلكل منهما صفته وبصمته الخاصّتين به. لكن الأهم أن بيدري استطاع أن يعيد لميسي ذكريات الزمن الجميل.