يجري حالياً تداول مشروع قانون 11 سبتمبر في مجلس الشيوخ الأميريكي والذي سيسمح في حال نفاذه لذوي ضحايا هجمات أيلول برفع دعاوى تعويض ضد السعودية بتهمة وجود صلات بمنفذي الهجمات. ويعتبر بول كالين، المحلل المتخصص في شؤون القانون الدولي لدى CNN، أن إقرار قانون يجيز ملاحقة حكومات أجنبية في أمريكا يؤسس لسابقة قد تتيح مقاضاة أمريكا نفسها بجرائم قتل لمدنيين وتصل التعويضات فيها إلى مليارات الدولارات، مختتما بالقول: “لهذا السبب أقر القانون الدولي منذ مئتي عام مبدأ حصانة الحكومات الأجنبية وجعل من قضية إتاحة الحق للمواطنين لمقاضاة حكومات أجنبية قضية تتعلق بالعلاقات الدولية.”
ولذلك فإن تورط الولايات المتحدة بإجراءٍ كهذا، سيكلفها لاحقًا أن تقف هي أيضا موقف المتهم أمام آلافٍ من ذوي الضحايا المدنيين الذين قتلتهم قواتها وطائراتها، ما بين أفغانستان والعراق وسوريا وغيرها، وهذا ما لا تريده إدارة أوباما حالياً، في حين يؤيد مشروع القرار كلٌ من هيلاري كلينتون و تيد كروز وهما المرشحان الأكثر قوة عن الحزب الديمقراطي والحزب الجمهوري في الانتخابات الرئاسية الامريكية.
[box type=”shadow” ]وقال أوباما في مقابلة مع محطة (سي.بي.اس نيوز) التلفزيونية يوم الاثنين “إذا فتحنا إمكانية أن أفرادا في الولايات المتحدة يمكنهم بشكل روتيني مقاضاة حكومات أخرى فإننا حينها نفتح أيضا المجال لمقاضاة الولايات المتحدة باستمرار من أشخاص في دول أخرى.”[/box]
وقد نشرت صحيفة نيويورك تايمز تحقيقاً في 15 نيسان الحالي، نص على أن نتائج التحقيقات التي قامت بها اللجنة التابعة للكونجرس الامريكي عام 2002 استبعدت “تورط كبار المسؤولين السعوديين أو جهات حكومية سعودية في تمويل المنظمة” – تنظيم القاعدة-، وبحسب نقاد فإن هذا يتيح احتمالات تورط السعودية في هجمات سبتمبر عبر شخصياتٍ أو جهاتٍ من مستوياتٍ دنيا، لا سيما أن خمسة عشر شخصًا من التسعة عشر الذين نفذوا الهجمات كانوا سعوديين. وبكل الأحوال لم يتح للسعودية الدفاع عن نفسها نظرًا لأن إدارة بوش ومن بعدها إدارة أوباما أبقت 28 صفحة من التحقيقات قيد السرية بحجة حماية أعمالها الاستخباراتية لكشف المشبوهين بأعمال إرهابية.
رد الفعل السعودي
ذكرت صحيفة نيويورك تايمز يوم الجمعة أن وزير الخارجية السعودي عادل الجبير قال أن بلاده ستضطر إلى بيع سندات خزانة بقيمة تصل إلى 750 مليار دولار وأصول أمريكية أخرى، إذا أقر الكونجرس مشروع القانون، وذلك لتلافي خطر تجميد هذه الأصول من قبل المحاكم الأمريكية.
إلا أن البيت الأبيض عبر عن ثقته بأن المملكة العربية السعودية لن تنفذ تهديدها، سيما وأن إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما تضغط بقوة على الكونغرس لمنع تمرير مشروع القانون. وقال جوش إيرنست المتحدث باسم البيت الأبيض للصحفيين “أنا واثق من أن السعوديين يعترفون مثلما نعترف تماما بمصلحتنا المشتركة في الحفاظ على استقرار النظام المالي العالمي.”
و بحسب BBC فقد حذر مسؤولون كبار في وزارتي الخارجية والدفاع الأمريكيتين، الشهر الماضي، أعضاء لجنة القوات المسلحة بمجلس النواب، من أن تمرير مشروع القانون، قد يعرض الاقتصاد الأمريكي للخطر.
إمكانية تنفيذ السعودية لتهديدها ضعيفة جداً
إذ نقلت نيويورك تايمز عن ادوين ترومان، زميل في معهد بيترسون للاقتصاديات الدولية، قوله “ان التهديد السعودي هو اجوف الى حد كبير، فبييع ارصدة بمئات المليارات ليس صعبا من الناحية الفنية فقط، بل سيحدث زلزالا في الاسواق العالمية سيتحمل السعوديون مسؤوليته”.
ويجدر بالذكر أن بيع هذه الأصول سيشكل خطرًا أيضًا على الاقتصاد السعودي من جهة وسيفاقم حدة التوتر في العلاقات ما بين السعودية والولايات المتحدة.
وقد نفى غيديان روز، المحلل السياسي والمحرر بالشؤون الخارجية، ضعف النظام السعودي نتيجة ما يجري في اليمن وسوريا وإيران، فالمملكة لا تزال حليفا قويا لأمريكا وهناك مصالح مشتركة عديدة تستلزم استمرار العلاقات المتبادلة لا سيما على الصعيد الاستخباراتي.
هذا ويبدأ باراك أوباما بالسعودية كمحطة أولى في جولته التي تشمل دولاً أوروبية في وقت لاحق هذا الأسبوع، ولا توجد حتى الآن توقعات واضحة لما قد ينتج عن الزيارة، وما إذا كانت مسألة تشريع قانون 11 سبتمبر على جدول المحادثات ام لا.