أخبار ألمانيا: بدأت منذ الخميس 20 ايار/ مايو جلسات محاكمة ضابط ألماني ادعى أنه لاجئ سوري وأعد على ما يبدو هجوماً، في قضية أقرب إلى الخيال هزت الجيش الألماني وكشفت تجاوزات لليمين القومي في البلاد.
ويواجه فرانكو ألبريخت (32 عاماً) المدفوع بأيديولوجية “قومية اشتراكية” بحسب لائحة الاتهام ويقف وراء قضية غريبة لطخت سمعة الجيش وأجهزة الهجرة في 2017، خصوصا تهمة “التحضير لعمل عنف خطير يمس بأمن الدولة”. بدأت محاكمته في فرانكفورت ومن المقرر أن تستمر حتى آب/أغسطس. وهو يواجه عقوبة تصل إلى السجن عشر سنوات.
والضابط الألماني الذي انتحل شخصية لاجئ سوري يحمل رتبة ملازم ويعمل في قاعدة إيلكيرش الفرنسية – الألمانية قرب ستراسبورغ في فرنسا بنى ترسانة حقيقية: أربعة أسلحة نارية وأكثر من ألف ذخيرة و50 عبوة ناسفة مسروقة من القوات المسلحة الألمانية (بوندسفير). وكان يعيش حياة مزدوجة زاعما أنه طالب لجوء سوري. وتمكن الضابط الألماني من دون أن يتحدث اللغة العربية من تقديم طلب لجوء منتحلاً شخصية لاجئ سوري والحصول على حق الإقامة والإعانة التي يتمتع بها اللاجئون، من أجل اختبار النظام، على حد قوله، وكشف عيوبه.
اقرأ/ي أيضاً: السلطات الألمانية تعتقل مشتبه به بتهمة التعاون مع ضابط ألماني انتحل صفة لاجئ سوري
ونفى الجندي السابق مجددا التهم الموجهة إليه وقال للصحافيين “لم أخطط لأي عمل يضر بأحد” مضيفا أنه ليس من اليمين المتطرف. وفي محاولة لإثبات أن مفهوم اللجوء قد تحول عن مساره، بحسب قوله، ادعى أنه لاجئ بعد وصول مئات الآلاف من المهاجرين إلى ألمانيا في عامَي 2015 و2016، ومعظمهم فروا من الحرب في سوريا.
ونجح في العام 2015 في تقديم طلب لجوء باسم مستعار هو ديفيد بنيمين. وبلغة إنجليزية بدائية، أوضح لخدمات الهجرة أنه لم يتعلم اللغة العربية لأنه كان ملتحقا بمعهد فرنسي قرب دمشق. حتى أنه تلقى حوالى 400 يورو كمساعدة شهرية وحصل على مكان في نزل للاجئين. لكنه واصل حياته كجندي في ثكنات إيلكيرش بهويته الحقيقية.
قال الجندي السابق لصحيفة “لو فيغارو” في آذار/مارس “أردت أن أستوضح شخصيا ذلك الأمر وأن أتحقق إلى أي مدى حصل انحراف من السلطات الألمانية عن مفهوم اللجوء على حساب الأمن”. وتابع “علمت أن ما كنت أقوم به ليس قانونيا” رافضا أن تكون لديه أي نية عنيفة، ومدعيا أنه استعد “لحماية أسرته في حالة الطوارئ”. وهذه آراء تتصدى لصحتها النيابة العامة.
اقرأ/ي أيضاً: حل الفوج الثاني من القوات الخاصة في الجيش الألماني بسبب حوادث يمينية متطرفة
وقالت محكمة كارلسروهه الفدرالية المختصة في قضايا الإرهاب إن المتهم كان “يخطط لهجوم يستهدف مسؤولين سياسيين وشخصيات عامة” متظاهرا بأنه لاجئ. ووفقا لهذه المحكمة، لقد أراد أن يجعل المهاجرين مسؤولين عن أفعاله ليزيد الشرخ في المجتمع الألماني الذي كان منقسما بشدة إزاء استقبال اللاجئين الذي نظمته حكومة أنغيلا ميركل.
ومن المرجح أنه كان ينوي استهداف وزير الخارجية الحالي هايكو ماس الذي كان يومها وزيرا للعدل ونائبة رئيس البرلمان الألماني كلوديا روث، بالإضافة إلى ناشطة في مجال حقوق الإنسان. أُوقف فرانكو ألبريخت أوائل العام 2017 عندما حاول استعادة مسدس كان قد أخفاه في مرحاض بمطار فيينا. وكشفت بصماته تشابها مع بصمات اللاجئ السوري ديفيد بنيمين.
وسلطت الفضيحة الضوء على الخلل الحاصل في معالجة أكثر من مليون طلب لجوء منذ تدفق اللاجئين في 2015 و2016. فيما أكدت السلطات الألمانية مرارا أنها تدقق في الملفات تدقيقا صارما. كذلك، اتهم الجيش الألماني بعدم محاربة الانجرافات الأيديولوجية بين قواته بشكل كاف. وكان فرانكو ألبريخت جزءا من مجموعة سرية من الجنود والشرطة من اليمين المتطرف.
ودفعت هذه القضية وزيرة الدفاع آنذاك، أورسولا فون دير لايين، رئيسة المفوضية الأوروبية الآن، إلى تشديد القبضة على الجيش الألماني، الأمر الذي اثار ضدها انتقادات في صفوف العسكريين. وفي حزيران/يونيو 2020، تم حل قيادة القوات الخاصة (كيه إس كيه) جزئيا بسبب الاشتباه في انتماء حوالى 20 من أعضائها إلى حركة النازيين الجدد.
المصدر: euronews