رجحت صحيفة التلغراف البريطانية أن تعيد المملكة العربية السعودية فتح سفارتها في دمشق مطلع العام الجاري أو في منتصفه على أقصى تقدير. هذه التوقعات تأتي بعد أسبوعين من عودة سفارتي الإمارات والبحرين في دمشق إلى العمل.
وعاشت دمشق على مدى 8 سنوات عزلة دبلوماسية على الصعيدين العربي والدولي، منذ اندلاع الثورة السورية فأغلقت معظم السفارات مقراتها في دمشق أو خفضت مستوى تمثيلها الدبلوماسي. كما علقت جامعة الدول العربية عضوية سوريا في 12 نوفمبر/ تشرين الثاني 2011، وفرضت عقوبات سياسية واقتصادية على دمشق، احتجاجاً على “الرد العنيف” من السلطات السورية تجاه المحتجين.
وكسر الرئيس السوداني عمر البشير عزلة الأسد منتصف ديسمبر الماضي بزيارة أداها لنظيره السوري في دمشق لم تعد سوى ساعات لكنها كانت لافتة وأتت بدعم للنظام السوري. ويوم 27 ديسمبر الماضي، أعلنت الإمارات ثم البحرين استئناف العمل بسفارتيهما في دمشق، وتنبأ البعض بإقدام السعودية على خطوة مماثلة خاصة وأنها حليفة البلدين (الإمارات والبحرين) ولا تتحرك إحداهما بمعزل عنها” خاصة عقب تصريح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأن المملكة ستتولى إعادة إعمار سوريا عقب قراره سحب قواته منها ما عزز التوقعات بعودة العلاقات بين السعودية وسوريا.
السعودية تعيد الشرعية لبشار
وفي تقرير عنونته “كل السبل تؤدي إلى دمشق: كيف استقبل العالم بشار الأسد بعد الجفاء” تحدثت الصحيفة عن التحول الدبلوماسي الكبير لصالح الرئيس السوري الذي قمع بوحشية المتظاهرين السلميين في 2011 بعد أن نبذه المجتمع الدولي والمجموعة العربية وفرضت على نظامه عقوبات منذ 8 سنوات.
واعتبرت أن إقدام السعودية أقوى دولة في المنطقة وأكثر الدول العربية معارضةً لبشار الأسد تطالب بإزاحته من السلطة، على حد وصفها، على إعادة فتح سفارتها بدمشق من شأنه أن يمنح الرئيس السوري “شرعية غير مسبوقة” كما افترضت أن هذه الخطوة ستنقله إلى حقبة جديدة بعد قرابة 8 سنوات من العزلة والحرب والدمار.
وأوضح المحلل البريطاني من أصل سوري داني مكي، الذي يحظى باتصالات جيدة مع الحكومة السورية، للصحيفة أن: “كل شيء كان مخططاً له، بدءًا من زيارة الرئيس السوداني عمر البشير إلى دمشق منتصف الشهر الماضي، وما أعقبها من فتح سفارتي الإمارات والبحرين” موضحاً أن علاقات سوريا مع الدول العربية مرت بتحول دبلوماسي وانتهت بفتح السفارات وتغيير النبرة تجاه دمشق.
مكي قال أيضاً: “مصادري في دمشق أكدت لي أن السعودية ستقدم على تلك الخطوة في وقت ما هذا العام، ربما في أوله أو منتصفه كحد أقصى”.
فيما أكد دبلوماسي بريطاني للصحيفة اقتراب موعد فتح السعودية سفارتها بدمشق.
بريطانيا على الطريق
ونقلت الصحيفة عن الدبلوماسي البريطاني البارز في بيروت، والذي لم تذكر اسمه، قوله: “أراهن على إعادة فتح سفارتنا في سوريا خلال عام أو اثنين على الأكثر” ولفتت إلى
أن هذا التصريح غير رسمي وشددت على أن المسؤول البريطاني لم يكن سعيداً بقول ذلك في تقرير بعنوان “ربما كان علينا الاعتراف بأن الوحش قد انتصر”.
ووصفت الصحيفة إعادة افتتاح الإمارات والبحرين سفارتيهما في دمشق بأنه مثابة “إعادة تأهيل للنظام الأكثر دموية في التاريخ الحديث”. كما لفت الدبلوماسي البريطاني إلى أن
بلاده ستواجه صعوبة بالغة في الترويج لرغبتها بإعادة علاقتها الدبلوماسية مع نظام الأسد خاصة بعد مشاهد المذابح التي بثت على مدار السنوات الماضية .
والخميس الماضي، أعرب وزير الخارجية البريطاني جيريمي هانت عن “أسفه” لأن الرئيس السوري بشار الأسد “سيبقى (في السلطة) لبعض الوقت”. لافتاً إلى أن “هذا بسبب الدعم الذي حصل عليه من روسيا” التي اتهمها بالمسؤولية في ما يحدث على الأرض في سوريا وطالبها بالتأكد من أن الأسد لا يستخدم أسلحة كيماوية ضد شعبه.
المعارضة السورية مستاءة وتناشد
في المقابل، عبر نصر الحريري كبير مفاوضي المعارضة السورية، الأحد، عن استغرابه من قرار بعض الدول استئناف العلاقات مع حكومة الرئيس السوري بشار الأسد وحثها على العدول عن ذلك.
وقال الحريري لصحافيين في الرياض: هذه الخطوة (المصالحة) .. لا نملك القدرة على وقفها. وأردف قائلاً: لا يزال يحدونا الأمل بأن هناك إمكانية أن تعيد هذه الدول قراءة
قراراتها التي قامت بها لتدرك أن العلاقة الحقيقية والمتينة والرصينة والقوية ينبغي أن تكون مع الشعب السوري وليس مع هذا النظام.
وتابع: ” نظام الحكم في سوريا هو نظام إجرامي حربي بكل معنى الكلمة. بشار الأسد سيبقى مجرم حرب لو صافحه ألف زعيم”.
واختتم بالقول: ” لا نعتقد أنها خطوة صائبة اليوم للمجتمع العربي أن يعيد تأهيل هذا النظام وأن يقبل بهم على طاولة راقية بحجم جامعة الدول العربية ويده تقطر بدماء السوريين … القرار لن يكون لصالح العملية السياسية ولن يكون لصالح الشعب السوري”.
المصدر: موقع رصيف22
اقرأ/ي أيضاً: