بدأ سكان العاصمة الألمانية برلين الخميس يومهم بمتابعة حملة إعلانية جديدة، احتلت صناديق الإعلانات الطرقية في محطات المترو والحافلات.
مضمون الحملة وماهية المنتج؟
جرعات جديدة من العنصرية والتطرف اليميني ضد اللاجئين، تحديداً السوريين منهم.
ليضيف نص صغير يتذيل الإعلان التالي: “مع سقوط آخر معقل لداعش ، تحتاج سوريا إلى شباب وشابات للمساعدة في إعادة بناء بلدهم بعد سنوات الحرب”.
Der Krieg ist vorbei – Syrien braucht euch!
Aktivisten der Identitären Bewegung in Berlin machten eigens angefertigten City-Light Postern im öffentlichen Raum auf die Tatsache aufmerksam, die von den deutschen Medien weitgehend beschwiegen wurde. https://t.co/C2ojFGt385 pic.twitter.com/dtDM8xTj0N
— Identitäre Bewegung (@IBDeutschland) April 25, 2019
حركة متطرفة صديقة للأسد وراء الحملة
على الملصقات يظهر شعار “حركة الهوية”، وكذلك عنوان الموقع الإلكتروني لهذه الحركة اليمينية المصنفة بحسب هيئة حماية الدستور على أنها في “حالة اشتباه”.
حيث تقول الهيئة: ” إن أفراداً في حركة الهوية لديهم صلات بالمشهد اليميني المتطرف، كما أن بعض أبرز ناشطيها انتموا سابقاً لمنظمات يمينية متطرفة. وبناء على هذه الخلفية وموقف الحركة من اللجوء والإسلام، هناك مؤشرات فعلية على “جهود” يمينية متطرفة تبرر دراسة التجمع من قبل المكتب الاتحادي لحماية الدستور في سياق حركة وقضية مشتبه بها”.
وبحسب صحيفة بيلد الألمانية فإن الحركة تنظم مشروعاً آخراً في سوريا ولبنان، يزعم أنه يقدم المساعدات إلا أنه من جانب آخر يعمل على التقليل من شأن الجرائم التي يرتكبها النظام السوري بحق السوريين.
وتقوم منظمة المساعدة البديلة والتي تعرف اختصاراً بـ AHA بالتسويق لما تسميه الأمان الذي تتمتع به المناطق الخاضعة لنظام الأسد، وتكاد تكون المنظمة غير الربحية الوحيدة التي تحاول منع اللاجئين من الوصول لأوروبا، وتعمل حالياً على مشاريع صغيرة في سوريا كما في بلدة معلولا على سبيل المثال.
حركة الهوية هي حركة قومية بيضاء أوروبية وأمريكية شمالية وأسترالية ونيوزيلندية.
نشأت في فرنسا، وبدأت كحركة شبابية مناهضة للصهيونية والهجرة وهي جزء من اليمين العالمي.
تعد الحركة أيضًا جزءًا من حركة مكافحة الجهاد، حيث يتبنى العديد من أتباعها نظرية مؤامرة الإبادة الجماعية البيضاء ونظرية مؤامرة الإحلال العظيم التي يؤمن بها سفاح نيوزيلندا الذي فتح النار على مصلين في مسجدين في نيوزيلندا وقتل نحو خمسين شخصاً.
كيف سمحت شركة الإعلان بذلك؟
بحسب صحيفة بيلد فإن الإعلانات المنتشرة في العاصمة وضعت في الواجهات الإعلانية التي تؤجرها شركة فال الإعلانية.
ولا يبدو أن الملصقات وضعت داخل الصناديق عنوة، بل بشكل نظامي، ودون استخدام أي شكل من أشكال العنف.
وحول كيفية وصل الملصقات لصناديق فال قالت الشركة لصحيفة بيلد عبر متحدثة باسمها: “لم نعط هذه الجماعة أي منصة للعرض بأي شكل من الأشكال، قاموا بتعليق الملصقات بشكل غير قانوني تماماً، استخدموا منصاتنا بطريقة احتيالية. لسوء الحظ حادثة مماثلة وقعت على مستوى أضيق في الربع الأول من هذا العام في برلين، وكانت الحركة نفسها وراءها أيضاً”.
وأضافت المتحدثة أن الشركة وردتها اتصالات وبلاغات حول الملصقات وأن فريقاً من الشركة يقوم بإزالة الملصقات والتأكد من خلو المدينة منها.
هل هي المرة الأولى؟
لا، ليست المرة الأولى.
فقد اعتادت مدن ألمانية عدة منذ سنوات، ومع اشتداد أزمة اللجوء إلى أوروبا، على رؤية مثل هذه الملصقات والدعوات.
حيث تقوم العديد من الحركات المتطرفة بتوزيع منشورات أو وضع ملصقات تحمل نفس المعنى.
يقول الصحفي السوري المقيم في برلين، عامر مطر: “ليست المرة الأولى التي نرى مثل هذه الإعلانات في برلين أو في ألمانيا عموماً، والتي تدعو للعودة إلى سوريا أو إلى البلاد التي ينحدر منها اللاجئون والمهاجرون. منذ 2015 وحتى اليوم، دائماً ما نرى مثل هذه اللوحات في الشوارع، أحياناً هي إعلانات رسمية، وأحياناً مبادرات غير رسمية كمنشورات يطبع عليها عبارة “إرجع لبلدك” بالعربية أو الإنكليزية، خصوصاً في مناطق الشرق”.
ويضيف: “نسبة كبيرة مما نراه في الشارع من حملات مشابهة منبعه عنصري، وهو مختلف عما تنشره الحكومة”.
يذكر أن الحكومة الألمانية قد بدأت برنامجاً للعودة الطوعية، تقدم من خلاله الحكومة الاتحادية دعماً مالياً لطالبي اللجوء لتشجيعهم على العودة إلى بلدانهم، يتضمن العرض تأمين النفقات اللازمة للسكن في الموطن الأصلي لمدة عام.
والذي بدوره أثار جدلاً كبيراً عند طرحه، وحينها كذلك انتشرت لوحات إعلانية في الشوارع ومحطات المواصلات تحمل شعار: “العودة الطوعية إلى الوطن … وطنك مستقبلك”.
وتسببت الحملة بإطلاق عريضة إلكترونية وقع عليها آلاف الألمان من أجل إزالة الإعلانات واستقالة وزير الداخلية هورست زيهوفر.
وكان جدل آخر قد اندلع مؤخراً بسبب تقارير عن ترحيل أول لاجئ سوري بسبب سجله الجنائي وجرائم أقدم على القيام بها، ليتبين لاحقاً، أن اللاجئ المذكور عاد طوعياً بعد أن تم تشجيعه على ذلك وتعويضه بالمال.
إذاً هل موقف الحكومة الألمانية متناقض؟
رغم عمل الحكومة نفسها على برامج إعادة طوعية للاجئين إلا أن تقريراً لوزارة الخارجية الألمانية حول الوضع الحالي في سوريا يقول بحسب صحيفة بيلد: “لا توجد حماية داخلية شاملة وطويلة الأجل وموثوق بها للأشخاص المضطهدين في أي جزء من سوريا”. لا يوجد “يقين قانوني أو حماية ضد الاضطهاد السياسي والاعتقال التعسفي والتعذيب”.
ورغم أن فكرة الترحيل منفية تماماً من قبل الحكومة حالياً، إلا أن الحديث عنها لا يهدأ، فمثلاً أكد وزير الداخلية الألماني هورست زيهوفر، في حوار مع صحيفة “بيلد” في يناير/ كانون الثاني 2019 عزمه تشديد قواعد الترحيل، مضيفاً أن طالبي اللجوء الذين يتورطون في أعمال عنف يجب أن يغادروا البلاد.
إضافة إلى تشديد شروط الإقامة وتجديدها وقبول اللجوء.
المصدر: يورو نيوز
اقرأ/ي أيضاً: