الانسحاب يهدد بانعكاسات كارثية على اقتصاد وكيان الاتحاد الأوروبي وأزمة المهاجرين من بين أسبابه
آمال الطالبي*
أجمع العديد من الفاعلين الاقتصاديين الدوليين على سلبية التداعيات الناجمة عن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي على اقتصاد الأخير، كما على النشاط الاقتصادي العالمي، حيث تترقب غالبية دول الاتحاد وعلى رأسها ألمانيا بقلق شديد نتائج الاستفتاء المزمع أن يقرر فيه البريطانيون الأسبوع المقبل مدى رغبتهم في البقاء تحت مظلة الاتحاد.
ومن دون شك أن ألمانيا وغيرها من كبريات دول الاتحاد الأوروبي تنتظر بتوجس كبير قرار البريطانيين حول مصير وضعية بلادهم داخل الاتحاد، حيث يرتقب أن تنعكس نتائج استفتاء الخميس المقبل في حال تم التصويت لصالح الانسحاب من الاتحاد سلبا على النمو الاقتصادي الأوروبي والعالمي، كما على الاقتصاد البريطاني نفسه، حسب ما أكدت المفوضية الأوروبية والبنك الدولي، والمسؤولون الاقتصاديون للاتحاد ومنهم الألمان والفرنسيون والبريطانيون…، الأمر الذي يطرح أكثر من سؤال حول الأسباب والدوافع الكامنة وراء رغبة البريطانيين، أو قرابة نصفهم، في التخلي عن عضوية بلادهم للاتحاد وذلك على الرغم من التداعيات الاقتصادية الوخيمة المتوقعة لخروج المملكة المتحدة من الاتحاد، والتي قدر قيمتها وزير المالية البريطاني بحوالي 30 مليار جنيهًا استرلينيًا كعجز ستعاني منه هيكلة المالية العامة البريطانية.
وفي الواقع، تعتبر مسألة المهاجرين واللاجئين من بين أهم الأسباب وراء مطالبة عدد لا يستهان به من البريطانيين بالانسحاب من عضوية الاتحاد الأوروبي، لاسيما أنه يرى في المساعدات المادية التي تقدمها المملكة المتحدة للمقيمين الأجانب في ديارها وخاصة الأوروبيين منهم عبئا كبيرًا على ميزانية الدولة، مستنكرين بالخصوص ارتفاعها بعد امتداد موجة اللاجئين في أوروبا، هذا بالإضافة إلى رغبتهم -أي البريطانيين المؤيدين لخطة الانسحاب- في حصول بريطانيا على وضعية الريادة للدول الأوروبية على غرار ألمانيا التي رسخت هذه المكانة خلال السنوات العشر الأخيرة بفضل درجات النمو الاقتصادي العالية والتقدم التكنولوجي والتنموي الكبير الذي حافظت على تواتره على الرغم من تداعيات أزمة الاقتصادية العالمية التي استطاعت مجابهتها بنجاح عكس بريطانيا التي كانت أسواقها المالية من أوائل المنتكسين منها.
من جهة أخرى، يأتي استفتاء الخميس المقبل الذي تشير نتائج استطلاعات الرأي الأخيرة للبريطانيين إلى جدية احتمالات تفوق المعسكر المنادي بانفصال المملكة المتحدة عن الاتحاد الأوروبي في سياق التوتر والفتور الذي عرفته العلاقات بين مكونات الاتحاد خلال السنة الماضية نتيجة الخلافات الناجمة عن أزمة اللاجئين الذين فتحت لهم ألمانيا الأبواب، وعاملتهم بود لم يشاطرها فيه باقي أعضاء الاتحاد الذين رأوا في تدفق أعداد كبيرة من اللاجئين، وخاصة منهم السوريين، خلال فترة وجيزة عبئا زائدا ضاقت به صدورهم، الأمر الذي أثار موجة غضب عدد من الأحزاب اليمينية بدول الاتحاد.
في السياق نفسه، تكمن خطورة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى فقدان الاتحاد لعضو هام تناهز قيمته الاقتصادية 2,9 ترليون دولار، تكمن في ارتفاع أصوات حزبية داخل بعض الدول الأخرى في الاتحاد المطالبة بالانفصال عن الاتحاد الأوروبي، وهو ما يعتبره بعض المحللين مؤشرا عن احتمالات تصدع بنيان الاتحاد وتهديدا لكيانه نتيجة إمكانية انتقال العدوى إلى دول أخرى.
*صحافية مغربية.