إعداد ميساء سلامة وولف
في هذه الزاوية نعرّف القرّاء بشخصيات من المهاجرين الذين وصلوا إلى ألمانيا منذ سنواتٍ طويلة، وتمكنوا من إعادة بناء حياتهم ومستقبلهم بعيداً عن أشكال وحدود الانتماء التقليدي، وحققوا نجاحات في مجالاتٍ عديدة، فاحتضنتهم هذه البلاد، وصارت وطناً لهم.
المخرجة والمحررة ديمة حمدان
ولدت في الكويت لأبوين فلسطينيين. ودرست هناك حتى انتقلت العائلة إلى الأردن إبان حرب الخليج الأولى. بعد إتمامها العام الدراسي الأول في الأردن وتفوقها فيه حصلت على منحة لإتمام السنتين التاليتين من دراستها الثانوية في مدرسة داخلية في مقاطعة ويلز/ بريطانيا.
منذ سنوات مراهقتها الأولى كانت ديمة حمدان مشدودة لعالم السينما. وتعمّق هذا الاهتمام في بريطانيا، حيث كان النظام الدراسي يتيح للطلاب الاطلاع على الحياة الثقافية من مسرح وسينما وفنون أخرى.
بعد انتهاء منحتها عادت إلى الأردن والتحقت بالجامعة/قسم القانون. لكن هذه الدراسة الجدية لم توقف شغفها بالسينما، فقررت أن تكتب عن السينما والحياة الثقافية في الأردن، وعملت مراسلة ثقافية لإحدى المجلات الناطقة باللغة الإنكليزية في البلاد. وبعد تخرجها انتقلت تدريجياً إلى الصحافة السياسية وأصبحت مراسلة الشؤون البرلمانية لصحيفة الجوردان تايمز.
وبعدها ببضع سنوات حصلت ديمة حمدان على منحة دراسية ثانية من القنصلية البريطانية لنيل الماجستير في صحافة التلفزيون من جامعة نوتنغهام ترنت. بعد الماجستير تلقت عرضاً للعمل مع إذاعة BBC في لندن، وأمضت هناك تسعة أعوام كمنتجة برامج إخبارية ومراسلة ميدانية، فغطت أعقاب الغزو الأميركي للعراق من بغداد عام 2003، والانتخابات الأمريكية لعام 2005، كما عملت في مكاتب BBC في القدس ورام الله وبيروت.
تقول ديمة حمدان : “عندما أعود بذاكرتي إلى تلك المرحلة حين كنت في الميدان وشاهدة على حكايات الناس التي راكمت مخزوناً من القصص لديّ؛ أرى أنه كان من المنطق أن أكون صحافية في الوقت الذي لم يكن فيه بإمكاني أن أكون مخرجة أفلام، فالقاسم المشترك بين المجالين، بالنسبة لي، هو أنني كنت أسرد قصصاً وأختار الحديث عن القضايا والأمور التي تهمني”.
رغم نجاحها في مجال الصحافة لم تبرح السينما تفكيرها، فقررت أن تتعلم هذه المهنة بالممارسة الفعلية من خلال كتابة نصوص أفلام قصيرة والعمل مع طواقم وفرق ممثلين في أوقات الفراغ خارج غرفة الأخبار. تقول ديمة: “فيما عدا فيلمين اثنين، فإن أغلب أفلامي القصيرة كانت، وببساطة، أخطاء فادحة. لكن ارتكاب هذه الأخطاء كان الطريق الوحيد لتعلّم صناعة الأفلام”.
عام 2011 استقالت من عملها لتصب جلّ تركيزها على صناعة الأفلام، لكن الطريق كان مليئاً بالعثرات والمحاولات الفاشلة، وكان لا بد من إيجاد توازن ما بين السعي وراء الأحلام والاحتفاظ بمسار مهني. هي الآن تعمل رئيسة تحرير شبكة ماري كولفن للصحفيات، وهو منتدى إلكتروني لدعم الصحفيات العربيات. أما على صعيد السينما فقد أخرجت هذا العام فيلماً قصيراً في برلين، بدأ مؤخراً جولته في المهرجانات الدولية، وهي تعد لإخراج أول فيلم روائي طويل لها في العاصمة الأردنية عمان في العام 2020.
تختم ديمة حمدان بالقول: “عندما قررت دخول مجال السينما فعلياً كنت أدرك أن الطريق ليس سهلاً، لكن تبين لي أنه أصعب مما كنت أتوقع بكثير، حتى أنني في وقت ما تساءلت إن كنت قد أصبت بقرار ترك الصحافة. أما الآن، بعد أكثر من عشرة أعوام من المحاولة، فقد بدأت أرى البذور التي غرستها تنبت. أنا فخورة جداً بما أنجزه لشبكة ماري كولفن للصحفيات، وأستمتع بالسعي لإخراج الأفلام بغض النظر عن المشاكل التي تواجهني باستمرار، ولذلك لست نادمة على شيء”.
اقرأ/ي أيضاً عن مهاجرين آخرين في ألمانيا:
بورتريه: مهاجرون في ألمانيا – الموسيقي كريم قنديل
بورتريه: مهاجرون في ألمانيا – الإعلامي أحمد اعبيدة
بورتريه: مهاجرون في ألمانيا – الكاتب الدكتور ابراهيم محمد