أقام المركز الألماني العربي في برلين حفلاً لتوقيع المجموعة القصصية (الرقص مع الريح) للكاتب السوري موسى الزعيم، الصادرة عن دار الدليل للطباعة والنشر.
القصص كما وصفتها الدكتورة والكاتبة السورية نجاة عبد الصمد، في قراءتها التقديمية للحفل “غاية في السلاسة، قريبة المأخذ، غير متعبة، سهلة وممتنعة كتفاصيل حياة الإنسان المتشابهة بين البشر على اختلاف منابتهم”
مضيفةً أنها كتابةٌ حديثة، من نتاج برلين أو الفضاء الألماني لأديبٍ مضت على إقامته في ألمانيا أربع سنوات، فهل يا ترى من المستغرب أن لا نعثر بين القصص الـ 25 سوى على ثلاث قصص من واقع المنفى أو المهجر الإجباري؟! بينما القصص الـ 22 الباقية آتية من ذاكرة البلد الأم، وبالتحديد قرية إحسم، مسقط رأس الكاتب.
احتوت كل قصة على عنوان أصلي وعنوان فرعي طويل، بلغةٍ شاعرية صرفة لاهثة في سعيها لتوثيق كل لحظة بكثافة وبأقل الكلمات، بكلماتٍ لا تكفيها لغة النثر.
موسى الزعيم من مواليد إدلب عام 1972، خريج كلية الآداب قسم اللغة العربية من جامعة حلب وحاصل على دبلوم في علم النفس التربوي،نشر قصصاً وقراءاتٍ نقدية في عدة صحف ومجلات. مجموعته القصصية الأولى بعنوان (الأساس) صدرت عام 2012 عن دار الخير في دمشق، وله مجموعة قصص مشتركة مع عدة كتاب عرب بعنوان (من روائع القصص) في القاهرة مصر عام 2015 .
حصلنا في أبواب على لقاء خاص مع الكاتب خلال حضورنا حفل توقيع الكتاب وتوجهنا له بعدة أسئلة:
– ما الاختلاف بين تجربة الكتابة في سوريا والكتابة في المنفى؟
لكلا الحالتين طعمها الخاص، الكتابة في الوطن تشبه حالة من يقرّب نظره من الأرض ليكتشف أنها لا تحوي فقط ترابا وعشباً بل عوالم أخرى أكثر إيغالا في المجهول، تشغلك متعة اكتشاف الجديد، في أرض الوطن تبحث بتفصيل عن الأشياء القريبة منك وتفاصيلها تشعر بقرب أنفاس الناس هناك، تقرأ عن قرب تجاعيد وجوه الأمهات تتحسس عرق جباه المتعبين، تتابع هالات العفن والفساد من حولك .. الكتابة في الوطن تفرض عليك حواجز وألغاما خطوطاً لا تجرؤ على هزّها أو الاقتراب منها.
في حين أن الكتابة في المنفى تفرض عليك أحياناً أن تنظر إلى الوطن كلوحة عامة من بعيد، تغرقها حيناً بسيل المشاعر تشغل صورتك الأدبية بالحنين حيناً وبالذكريات أحياناً أخرى، لكن زاوية الرؤيا تتسع أكثر وتغدو الخطوط و الحواجز أكثر ليونة.. لكنك تتساءل إلى متى ستظل تغرف من الذاكرة التي شكلتها هناك هذا المستودع الذي تحفظ فيه نفائس ذكرياتك، تجارب الألم، كلما أمسكت القلم وشرعت في كتابة قصة تقف هذه الذكريات والتجارب أمامك.. تتساءل كم مرة ستمزق ما كتبت أو تنتظر دهراً حتى تنام فيك تلك التجارب قبل المنفى لينطلق مهر خيالك في بيئة نصّية جديدة .
– ما هو تأثير الثورة السورية على نتاج موسى الزعيم الأدبي ؟
الثورة حاضرة في بعض النصوص في مجموعة الرقص مع الريح، الثورة حاضرة إنسانياً في القصص التي تتحدث عن الأطفال عن الانكسارات عن الخوف والترقب عن التوق للحرية، والكتابة عن الثورة أو في زمن الثورة تفرض عليك أن تكون أميناً للبيئة أن تكون أميناً للأرض التي نبتت فيها.. كيف لا أكتب عن الثورة و أنا من إدلب وأنا ابن المدينة التي رُفع أوّل علم استقلال في ساحتها حين طُرد الفرنسيون منها؟.. كيف لا أكتب عن الثورة وأنا الذي عشت سنوات على مقعد دراسي واحد مع “حسين هرموش“
وأنا أنتمي لآلاف الشهداء والمعتقلين، بالمحصلة أنا أنتمي للفعل الأدبي لا الفعل السياسي، الفعل الأدبي غالباً ما يكون صوتاً صادقاً صافياً للفئات المغلوبة.
-في المرحلة المقبلة هل تخطط لشيء محدد ستكتب عنه؟
لدي مجموعة قصص قصيرة جداً أعمل على إصدارها أيضاً، لكن يشغلني هاجس الرواية كثيراً لدي مشروع رواية أعمل عليه الآن لكن ربما أحتاج إلى بعض الوقت.
أما على صعيد العمل الحالي لدي مشروعي الصغير الذي أعمل عليه مع مجلة الدليل في برلين، بالكتابة عن أغلب الإصدارات العربية في ألمانيا في مختلف الأجناس الأدبية، لدينا صفحتان في المجلة خصصتا لتغطية الإصدارات الحديثة والقراءة فيها بالإضافة إلى رصد الحالة الثقافية في برلين أولا بأول.
الجدير بالذكر أن هذه المجموعة القصصية نفسها تمت الموافقة على طباعتها ورقياً من اتحاد الكتاب في سوريا، لكن الكاتب غادر البلد قبل طباعتها في العام 2015، وغرق مخطوط القصص الأصلي في بحر إيجة مع العديد من الأوراق الضرورية خلال رحلة الكاتب الشاقة الى ألمانيا مع عائلته. لكن لحسن الحظ امتلك نسخة إلكترونية على حاسبه الذي تركه في تركيا، وتمت طباعتها الآن مع إضافة قصص جديدة.
يبدو أن الموت لا يطال الإنسان السوري فقط على حسب قول موسى الزعيم وإنما أحب الأشياء إليه، أحلامه وتطلعاته. ربما القدر أراد حتى للسمك أن يقرأ ويعرف حالنا.
حاورته غيثاء الشعار. كاتبة سوريّة، تدرس (السياسات العامة) في برلين