“بدأتُ بتطبيق المواعدة بناءً على نصائح صديقات من ألمانيا وحتى من سوريا، لأهرب من إحساس جارف بالوحدة والعزلة يأكل خلاياي وروحي كما السرطان!” ميس م. 36 عاماً، ألمانيا.
حاورتها سعاد عباس
كانت البداية محرجة فالخروج مع شخصٍ مجهول وتعرفينه عن طريق تطبيق للمواعدة يشي بالكثير من شعور “الاستهلاك” و”الابتذال”، فالتواصل العاطفي عبر الرسائل كما المسنجر والفيسبوك حل سيء للغاية للوحدة أو للفراغ العاطفي وحتى للصداقة. الكثير من أصدقائي من الشبان المتزوجين أو المرتبطين لديهم علاقات عاطفية مع نساء على المسنجر، يتعاملون مع الأمر وكأنها خليلة افتراضية، وربما لكونها “افتراضية” برروا لأنفسهم الخيانة، لم أرغب أبداً بأن أكون خليلةً في أي لحظة ولم أقبل بالتأكيد أن أكون “افتراضية” تحت أي مسمى كان.
اقرأ/ي أيضاً: اندمجت؟؟؟
ومن ناحية أخرى فإن اللقاء بغريب في بلد غريب وبقصد التعارف يحمل كثيراً من المخاطر. أما الناحية الثالثة والأهم برأيي، أنني كنت أعتقد أن لجوئي لتطبيقات المواعدة هو دليل دامغ على فشلي في المكان الجديد، فشلي في التواصل العاطفي كما فشلت قبلاً في التواصل الاجتماعي مع الألمان كقادم جديد، ومع السوريين من أبناء جلدتي والذين لا يشبهون من أعرف من أبناء جلدتي.
لكن صديقتي الألمانية تعرفت على حبيبها عبر هذا التطبيق بالذات، وصديقة سورية أخرى تزوجت عن طريقه، ثم إن الكثير من معارفي ومن عدة جنسيات تعارفوا عبر هذا التطبيق في برلين على الأقل. ونحن لا عائلات حولنا حتى تتعب عمتي مثلاً بتعريفي على ابن صديقها، أو تخترع صديقة والدتي لقاءً مع ابن حميها لتعرفنا، ولا صديقات سوف يسعين لأتعرف بشريك مناسب، وإن حدث وتواصلت مع أحدهم فمصداقيتنا ينقصها الكثير من المعارف لتتم.. كان هذا الحل الوحيد! ولكن ما كنت لأفعل ذلك لو كنت في الشام.. بالتأكيد لا. وأغلب من خرجت معهم ما كنت لأرضى بهم، بنفس المواصفات، لو كنت في الشام.
اقرأ/ي أيضاً: رسالة إلى صديقتي الألمانية: لماذا أكره ألمانيا
اخترت أن أتعرف بألماني لأكون قريبةً من البلد، والجيد أن الرجال عبر هذا التطبيق (عكس الفيسبوك) حريصون على الصراحة ولو جزئياً. وتعلمت بعد قليل من الوقت أنه رغم كل الرسائل فلقاءٌ واحد وجهاً لوجه أكثر حقيقية ومصداقية.
لكني احتفظت باسم وهمي، لأحمي نفسي، فقد حدث أن التقيت ببعض المجانين، عدا عن بعض القصص والتحذيرات. وحتى الآن لم أخرج مع أحدهم لمرات كافية ولم أتعمق بعلاقة لدرجة أن أسقط عني الاسم المستعار، سوى مع شخص واحد.. يحبطني أحياناً أننا -أنا وهو- تعارفنا عبر تطبيق مواعدة، وتعلمنا أنا وهو أن نلتزم بشروط تطبيق المواعدة.
رغم أنني مازلت أتمسك بقصتي النجاح السابقتين كدافع للمتابعة في التطبيق، إلا أنني أعلم ضمنياً أنها ليست العلاقات التي أبتغيها، تشاركني بهذا الرأي بعض الصديقات الصادقات ممن لا يكذبن عن علاقاتهن، ولا يتباهين بمواعدة “دكتور أو مهندس أو غني” على حسب المعايير السورية، فنحن نعلم حقاً أننا لا نستطيع أن نتشارك مع من نواعدهم صورة على الفيسبوك حتى ولو تشاركنا معهم السرير. وهذا مقلق ومزعج لكننا نختار أن نرضى بهذا “النصيب” ونقنع أنفسنا بأنه كافٍ و”فيمينيست”! بينما أكثر ما تقدمه هذه التطبيقات هو وهم الانتماء، والأمل برأب المزق الذي تصنعه الوحدة.