خولة دنيا. كاتبة وناشطة نسوية سورية
خلال فترةٍ قصيرة لا تتعدى الأشهر، تحولت وسائل التواصل الاجتماعي إلى ساحة تحكيم نسوي، في وجه ما تتعرض له النساء من أشكال عنفٍ مختلفة، لم يكنَّ يجسرن على البوح بها سابقاً.
تحت شعارات ومسميات كثيرة، وحملات قامت بها منظمات نسوية عديدة، امتد أجيج جمر العنف ليصرخ بأعلى صوته وبوجوه متعددة.
قد لا يتفق الجميع على الدور الذي يمكن أن تلعبه وسائل التواصل الاجتماعي في هذا المجال، لذلك صعدت أصوات ساخطة ورافضة وأيضاً مستهزئة من النساء اللواتي عبّرن بالبث المباشر على فيسبوك، ضمن حملة أنا أصدق الناجيات ،عما تعرضن له من عنف: العنف في العمل، الاعتداء على الخصوصية الالكترونية، العنف الزوجي، التحرش، فضح المتحرشين والعنيفين بالاسم.. الخ.
ليس من المستغرب أن يمارس كثير من الرجال دور الحماية والرعاية للرجال العنيفين الآخرين وكأنها نوع من الأخوية الذكورية الجمعية، على الرغم من ازدياد عدد الرجال الرافضين علناً لهذه الممارسات والمؤيدين لفضحها.
ولكن المستغرب حقاً، وقوف عدد لا بأس به من النساء (وبعضهن من الأوساط الإعلامية ومحسوبات كنسويات) مع المعتدين، ومطالبة الضحايا بحفظ حرمة البيت والعمل، وعدم التصريح عمّا يطالهن من أذى.. أو مستهزئات من معاناة الناجيات واصفات إياهن بالحريم البكّاء الممل!
ومع ذلك فإن حملة أنا أصدق الناجيات تستمر باستعارها وتوسعها، وترسل رسالة قوية لكل المعتدين/ المعتديات بأنَّ اليوم هو يوم جديد وحان الوقت لنقف إلى جانب بعضنا البعض في وجه العنف والأذى، وكل وسائل إيصال الصوت وتحصيل الدعم للاستمرار متاحة، وهي نفسها وسائل التواصل الاجتماعي التي يمكن أن تكون ساحة تحرش وعنف وتعدي وكذب، يمكن أن تكون ساحة محكمة لتحصيل الحقوق وإيقاف العنف.
اقرأ/ي أيضاً:
كيف تتحول المرأة إلى “جريمة سياسية”
أوروبا والتمييز ضد النساء: ألمانيا وإقامة اللاجئات مثالاً
ضعف المشاركة السياسية عند النساء اللاجئات
رابطة المنظمات للنساء المهاجرات في ألمانيا.. DaMigra نحو مزيد من حقوق النساء المهاجرات واللاجئات في ألمانيا
النساء اللاجئات وحقوقهن المعطّلة
لم شمل اللاجئين الحاصلين على الحماية الثانوية: النساء يدفعن الثمن الأعلى