انطلق في برلين أواخر العام الماضي مشروع “أبواب مفتوحة… عقول مفتوحة”، ويستهدف هذا المشروع النساء فقط بهدف تمكينهنّ من دخول سوق العمل، ومجابهة التعصب والأحكام المسبقة،وللجمع بين التعليم السياسي والتوجيه الاحترافي مع الإرشاد والتدريب.
المنظمات المسؤولة عن هذا المشروع هيEAF-Berlin وهي منظمة مستقلة ذات خبرة طويلة في العمل على تمكين المرأة وتعزيز مشاركتها في المشهد السياسي الألماني، تعمل بشكل أساسي كمنظمة استشارية في مجالات الاقتصاد، البحث العلمي والسياسة. ومنظمة “elbarlamant.org” وهي منظمة مستقلة تضم خبراء في مجال الديمقراطية والبناء السياسي.
برنامج Open Doors Open Minds
التقت أبواب بالسيدة محار علي التي تعمل في المشروع منذ مراحله الأولى، وكان لنا الحوار التالي:
- لمن يتوجه البرنامج وما هي أهدافه؟
يتوجه هذا البرنامج للنساء الشابات، ممن لديهن تجربة لجوء أو” القادمات الجدد” إلى ألمانيا، وتتراوح أعمارهنّ بين 18 إلى 27 عاماً، والمهتمات بالحصول على تدريب وتوجيه مهني، ويرغبن بنفس الوقت بأن يكون لهنّ نشاط في المجال السياسي والمجتمعي، من خلال معرفة النظام السياسي في ألمانيا، والحصول على فرصة لبناء شبكة علاقات مع نساء في نفس المجال.
ويتوجه أيضاً إلى الشركات والمنظمات الألمانية التي تقدم التدريب المهني للمشاركات، من خلال ورشات عمل وتدريب للموظفين. وتتعلق التدريبات المقدمة بدعم التعددية في مجال العمل في ألمانيا، وتأهيل مرشدين/ات من موظفي الشركات والمنظمات لتوفير الدعم المهني للسيدات المشاركات أثناء فترة المشروع.
- ما هي آليتكم في الوصول إلى المشاركات واختيارهنّ؟
بدأ المشروع في ديسمبر 2017، كانت الانطلاقة بطيئة في البداية ولكن مع الوقت ازداد عدد المتقدمات للمشروع، وكان تركيزنا في الاختيار على مدى حماس المشتركة للمشروع، ومستواها اللغوي، لأن برنامجنا يعتمد على نقطتين أساسيتين؛ الأولى هي رغبة المشتركة في الانخراط بالمجال السياسي، والثانية هي تأمين مدخل لسوق العمل.
- وهل سيكون سوق العمل في هذه الحالة مرتبط بالسياسة؟وما الذي يجمعهما؟
لا، ليس بالضرورة، فعمل منظمة EAF هو نقطة تقاطع بين السياسي والأكاديمي، وفكرة البرنامج الرئيسية هي دمج السياسة والعمل، وتهدف المنظمة لدعم المرأة وتعزيز دورها في المجتمع، وزيادة مشاركة النساء في المراكز القيادية سواء في المجال السياسي أو في الشركات، ليكون لها دور فاعل في المجتمع.
- كيف كان مسار المشروع حتى الآن في تجربته الأولى؟
اشتركت في الدورة الأولى 17 إمرأة؛ من مراحل تعليمية مختلفة، ولكن يجمعهن الحافز لدخول سوق العمل، البعض يعلمن تماماً ماذا يردن وأخريات مازلن بحاجة لاستكشاف خياراتهنّ.
بدأت الجولة الأولى في كانون الأول 2017 وستنتهي في نيسان 2018، وتتضمن 3 ندوات وورشات عمل للنساء المشاركات وورشات عمل لموظفي الشركات والمنظمات المشاركة، كما تحصل كل مشاركة على براكتيكوم في مجال تختاره، وخلال مدة البراكتيكوم يقدم الـمرشد/ة “Mentor*in”الاستشارات المهنية في مواعيد منتظمة.
وتضمنت الندوة الأولى تدريبات قام بها مختصون عن “العمل ضمن فريق”، “مهارات التواصل وحل النزاعات” بالإضافة إلى تدريب حول الخطوات الأولية للتوجيه المهني والتمكين الشخصي.
أما الندوة الثانية فقد انتهت في منتصف شهر شباط 2018، ودارت حول النظام السياسي في ألمانيا بالتوازي مع التوجيه المهني، وشاركت الشابات في زيارة ميدانية للبرلمان الألماني، والتقين بسياسيات ألمانيات من حزب الخضر والاتحاد المسيحي الديمقراطي في حوار حول سوق العمل في ألمانيا. إضافةً إلى لقاءات مع مختصين بالتوجيه المهني للنساء من خلفيات مهاجرة، وجلسات ثقافية مسائية. والندوة الثالثة والأخيرة ستتم في شهر نيسان المقبل.
- هل تتناول الندوات بالعموم السياسة في ألمانيا؟
لا، فالندوة الأولى كانت مثلاً عن كيفية اكتشاف الموهبة التي في داخلنا، وتقوية مهارات التواصل لحل النزاعات في مكان العمل وغيره، وتدريبات في مجال التأهيل لدخول سوق العمل،وبالعموم يكون البدء باستشارات فردية لمعرفة ميول ونقاط قوة كل امرأة على حدى.
وكان للبرنامج دور الوسيط لتمكين المشاركات من الحصول على تدريب في العديد من المؤسسات، ومنها على سبيل المثال لا الحصر: البرلمان الألماني Bundestag، ومؤسسات سياسة مثل Rosa Luxemburg Stiftung وAdenauer Stiftung Konrad. بعضهن قد بدأن تدريباتهن بالفعل.
ورغم أن البرنامج كان موجهاً فقط للقاطنات في برلين وبراندنبورغ، لكن وبسبب وجود العديد من الطلبات الجيدة جداً من خارج برلين، عملت “Open Doors Open Minds” بجدية لتأمين تدريب مهني في مدنهن ولم تكن بالمهمة السهلة.
ماذا يتضمن البرنامج غير هذه التدريبات؟
سنقوم أيضاً بإعداد فيلم لتوثيق البرنامج، وقد قمنا حتى الآن بتصوير الندوة الأولى، وسنقوم بإجراء مقابلات شخصية مع النساء في أماكن سكنهن أو عملهن، وسيتم عرض الفيلم في نهاية البرنامج، وسيستخدم للترويج للفكرة.
وإحدى خططنا أيضاً هي عمل (guidelines) قواعد إرشادية للشركات عن التعددية أو التنوع، بهدف تأهيل موظفي الموارد البشرية ليصبحوا قادرين على تحقيق التعددية.
وعند نهاية البرنامج سينظم اجتماع لجميع الأطراف المشاركة في المشروع، لتعزيز الحافز في توظيف أشخاص من خلفيات مهاجرة، والتركيز الأكبر على النساء المهاجرات لأنهن الطرف الأكثر عرضة للأحكام المسبقة.
- سؤالنا الأخير بماذا تتوجهين للنساء في برلين بهذا الخصوص؟
أقول لهنّ أنني أنا شخصياً لو لم أكن من العاملين في هذا المشروع كنت سأشارك فيه حتماً، لأنني قادمة جديدة أيضاً وأريد أن أفهم ما يجري في المجتمع الألماني بشكل عام، وفي الوقت نفسه أسعى لإيجاد عمل. لذلك أدعوهن لخوض هذه التجربة. وستبدأ الدورة الجديدة في شهر أيلول 2018، خلال هذه المرحلة سنعمل على تعزيز شبكة علاقاتنا للوصول إلى عدد أكبر من المشاركات.
يمكن الاطلاع على معلومات أكثر عن المشروع من خلال الرابط:
https://www.opendoors-openminds.de/وhttps://www.facebook.com/OpenDoorsOpenMinds/
التقت أبواب أيضاً مع المديرة التنفيذية لمنظمة EAF- برلين السيدة Helga Lukoschat:
وحدثتنا عن تأسيس المنظمة وأهدافها ومشاريعها، وهي منظمة مستقلة غير ربحية لدعم التعددية، التنوع والمساواة بين الجنسين، وتعمل في برلين منذ أكثر من 20 سنة، وهي اختصار لـ(الأكاديمية الأوروبية للمرأة في مجالي السياسة والأعمال).
تقول السيدة Lukoschat إن تأسيس المنظمة عام 1996،كان بسبب الحاجة في ذلك الحين إلى معهد تستطيع فيه أولى النساء الأكاديميات في مجالي السياسة والأعمال، الاجتماع وتكوين شبكات علاقات فيما بينهن، ولتعزيز القيادات النسائية المستقبلية، حيث أن نسبة النساء في المراكز القيادية كانت ولا تزال منخفضة جداً.
والهدف الآخر والأهم، هو إنشاء ثقافات تنظيمية مواتية للأسرة في مجالي الأعمال والسياسة، من أجل توفيق أفضل بين الحياة المهنية والحياة الأسرية. لاسيما أن ألمانيا بلد متحفظ تماماً عندما يتعلق الأمر بالجنسين وأدوارهما – مقارنةً بباقي البلدان الأوروبية.
الآن وبعد عشرين عاماً، طورت EAF- برلين أهدافها ونهجها، لكن لا يزال هناك بعض الأهداف غير المحققة،ولذلك تواصل العمل عليها في الميدان السياسي، في العديد من الوزارات، والحكومات الفيدرالية والمحلية، و أيضاً في شركات القطاع الخاص، وفي الأكاديميات.
وتقدم المنظمة البرامج الخدمية كالاستشارات والتدريب على تمكين التنوع بين الجنسين، والتدريب على تقلّد المراكز القيادية، وعلى التسويق الذاتي لتعزيز المسيرة المهنية.
ولكن أبرز إنجازاتها هو برنامج الإرشاد، وهي من أولى المنظمات التي أنشأت برامج الإرشاد في برلين.
والمرشد هو شخص ذو خبرة، يشارك خبرته ويقدّم نصحه لمن هم أصغر عمراً أو أقل خبرة منه حتى يتمكنوا من إيجاد طريقهم. فهو ليس مشرف أو صديق، بل شخص محترف يرغب بمشاركة تجربته مع البقية وتقديم النصح لهم.
نشرت EAF- برلين ثقافة الإرشاد وحظيت بشعبية كبيرة في ألمانيا، وساهمت قبل خمس سنوات بتأسيس “الجمعية الألمانية للإرشاد”. كما طورت بعض المشاريع في سياق عالمي، حيث تم تأسيس مشروع في تونس.
وبالطبع، بعد عام 2015، كان لابد من القيام بشيء حيال القادمين الجدد إلى برلين، من ناحية الترحيب بهم وإدماجهم في المجتمع، ومن هنا جاءت فكرة تقديم مشروع “الديمقراطية والقيادة” في عامي 2015-2016، وهو مخصص بشكل رئيسي للقادمين الجدد السوريين، ويقوم المشروع على تمكين هؤلاء الأشخاص ليكونوا فاعلين في مجال الديمقراطية والقيادة وبناء المجتمع المدني في حال عودتهم إلى سوريا. وكان من ضمن الفريق مجموعة رائعة من النساء والرجال ممن ساهموا بإنجاح المشروع الذي كان يضم تعليم سياسي وتدريب على القيادة.
وتقول السيدة Lukoschat ما نستطيع فعلياً تقديمه من جراء خبرتنا الطويلة هو كيفية تمكين الناس وبناء العلاقات، بالإضافة إلى الإرشاد والتدريب، والتعريف بالكثير من المنظمات والمؤسسات والشركات في برلين وفي ألمانيا بشكل عام.
ومن هنا أطلقت المنظمة مشروع “Open doors Open minds” إضافةً إلى مشروع تحت عنوان “لقد حان دورنا”، وهو مشروع مخصص لتمكين النساء الشابات لدخول معترك الحياة السياسية، وإعداد “سياسيات المستقبل” وهو بالأصل مخصص للنساء الألمانيات الشابات اللواتي تتراوح أعمارهن بين السابعة عشر والعشرين عاماً، وهو عبارة عن دورة تدريبية مكثفة لمدة أسبوع، لتمكين النساء ليكن أكثر اهتماماً بالانخراط في الحياة السياسية.
ومن بين نشاطات المشروع زيارة البرلمان الألماني والتحدث إلى السياسيين والمنظمات الشبابية.
وضم هذا المشروع نساء شابات من أصول مهاجرة ليصل بالنهاية إلى ضم نساء شابات من القادمين الجدد. وأقيم هذا المشروع في شهر تشرين الأول / أوكتوبر 2017 لمدة خمسة أيام، وسيُقام مرة أخرى في الشهر نفسه من السنة الجارية.
اقرأ أيضاً: