حيدر هوري
منْ بياضِ الرّؤى في عيونِ الصّغارِ،
ومن أثرِ الضّحكاتِ
على قلبِ ريحٍ تخيّمُ في دهشةِ الأمّهاتِ؛
أحاولُ حجبَ الحقائقِ عنْ غصّةِ الثاكلاتِ،
و أطفئُ بالماءِ
أحلامنا الوارفةْ.
وحدهمْ..
من أصيبوا بفقهِ الشّظايا،
يرتّلهمْ في المساءِ
النّزوعُ إلى الشّرفاتِ،
ترمّمُ هاجسهمْ،
فالرّحيلُ يراوغُ أسماءنا في قلوبِ النّدامى،
ويخلعُ أقفالها
في امتحانِ العبورِ إلى الموتِ
في حربنا الجائعةْ.
كان وجهي جميلاً..
ملامحه من دعاءِ الأمومةِ،
يعجنُ صوتَ المغنّي،
وجرحَ قصائدنا في ارتجالِ الحنينِ..
ليرفوَ شكَّ البيوتِ بصوتِ الصّريرِ
إذا هبّت الرّيحُ
في لحظةٍ خادعةْ.
هكذا ينزفون الكلامَ بسيطًا،
ومنْ جذوةِ الحزنِ عند البكاءِ
يضيئونَ شمعَ القلوبِ
أمامَ المُدى الوادعةْ
كلُّ شيءٍ رهينُ الحروبِ..
الخطيئةُ..
صوتُ الرّصاصِ..
التمائمُ في عنقِ الطّفلِ..
دمعُ الأبوّةِ قبلَ الغيابِ الأخيرِ،
وعكّازُ جدّي المعلّقُ فوقَ جبين الجدارِ،
وحكمتهُ الساطعةْ:
يا بنيَّ.. البلادُ تضيقُ على أهلها،
و البيوتُ تهجّئُ سكّانها
جثّةً.. جثّةً..
ثمّ تجنحُ نحو المجازاتِ:
للأمسِ عطرُ الشوارعِ، والجهةِ الضائعةْ.
يا بنيّ.. الدّماءُ الّتي لا تدلُّ الحياةَ إلينا،
تصيرُ ذئابًا،
وتستنهضُ الموتَ فينا..
احترسْ من بكاء الطّرائدِ و الفاجعةْ.
كانَ حبرُ الخطيئةِ يكتبُ عن عجزنا،
وعن الشّمسِ
حينَ تضيعُ أصابعنا عن شمالٍ بذاكرة النّبضِ
أو حسرةٍ في ظنونِ الخطا الخائفةْ.