حيدر محمد هوري
للحربِ قافيةُ الخَرابِ،
ووزنُها دَمعٌ ودمْ.
تَمشي عَلَى خَوفِ الطّفُولةِ،
كلّما نَطَقتْ سَمَاءٌ بالقَنَابلِ والهَديرِ،
فتسقطُ اللغةُ البَريئةُ عَن لسَانِ الأمِّ،
كي يعلو صَدى الجُوعِ العَقِيمِ..
على ازدحامِ البُؤسِ في تِلكَ الخِيامِ..
يحفُّها بردُ الشّتاءِ عَلى الحدُودِ:
“بنيَّ نمْ”
والحربُ تختزلُ المعاجمَ ..
تتقنُ الكلماتِ ..
من ملحِ العيونِ تهجّئ القتلى..
يصيرُ الطّفلُ شَاعرَ عُمْرهِ
لو شاهدَ الأنقاضَ،
تلفظُ ما تبقّى من رفاتِ الأهلِ مثل قصيدةٍ مبتورةِ الأشلاءِ …
يكتشف الألمْ ..
لا يبتسمْ.
والحربُ ذاكرةُ الأراملِ ..
في دقائقِ وحدةٍ تسترجعُ الماضي السعيدَ بدمعةٍ،
أو ربّما ماضي الألمْ
والحربُ دمعُ الأمِّ..
إن زفّوا إليْهَا:
“لم يمتْ .. يحيا الشهيدُ بموته”
لتصيرَ في الظّلمَاتِ بدرًا،
لو رأتهُ على بياضِ النَّعشِ جرحًا يلتئمْ.
والحربُ جدرانٌ مهدّمةٌ على حلمِ الشريدِ ..
بخيمةٍ تأوي بقايا البيتِ في المنفى الرحيمِ بظنّنا ..
ولعلّها كيسُ الطَّحينِ
على رخامِ الجوعِ في عينِ الأبوّةِ يُرتَسمْ.
أو أنها عجزُ المحاربِ
في المتاريسِ الحصينةِ
عن هجاءِ الحبِّ في قلبِ الضحيّةِ
وهْو يلفظُ أبجدياتِ التحدّي
شهقةً أو زفرة، كي ينتقمْ