ولد فريدريش إيبرت عام 1871 وكان السابع من بين تسعة أطفال لأب يعمل خياطاً. وبسبب الأوضاع المالية بدا مستحيلاً أن يتابع تعليمه الجامعي. بدأ حياته العملية صغيراً في محل لصنع الأسرجة، وتجربته تلك انتهت بطرده من العمل لإثر شجار مع صاحب المحل، مما أسهم في زيادة وعيه تجاه الانتهاكات التي يتعرض لها العمال، لينخرط لاحقاً في صفوف التنظيمات النقابية.
وعلى الرغم من أن فريدريش إيبرت درس كتابات كارل ماركس وفريدريك إنغلز، إلا أنه لم يكن مهتمًا بالأيديولوجيا أكثر من اهتمامه بالقضايا العملية والتنظيمية التي تحسن حياة الكثير من العمال. وبسبب أنشطته السياسية وضعت الشرطة إيبرت على “القائمة السوداء”، لذلك ظل يغير مكان إقامته.
لفترةٍ أصبح صاحب حانة جعل منها مركزًا للنشاط الاشتراكي والنقابي. وفي عام 1889 انضم إلى الحزب الديمقراطي الاشتراكي (SPD). في عام 1904، ترأس إيبرت المؤتمر الوطني للحزب في بريمن وأصبح معروفًا بشكل أفضل لدى جمهور أوسع. وفي عام 1905 أصبح أمينًا عامًا للحزب الاشتراكي الديمقراطي، وفي ذلك الوقت انتقل إلى برلين.
اقرأ/ي أيضاً: الرسام الألماني أوتو ديكس وتهمة (الفن المنحل)
تم انتخاب فريدريش إيبرت عام 1912 لمقعد في البرلمان الرابع الألماني الرايخستاغ. وبعد ذلك بعام ترأس الحزب الاشتراكي الديمقراطي الألماني (SPD). سطع نجمه في البرلمان الرابع كرمز للاشتراكية الديمقراطية الألمانية خلال الحرب العالمية الأولى. حيث عمل على تعزيز فكرة الانتخابات البرلمانية العامة المتعددة الأحزاب.
نجحت جهود الديموقراطيين بتشكيل حكم جمهوري يخلف الحكم القيصري في ألمانيا فنشأت جمهورية فايمر، نسبةً إلى المدينة التي تم فيها كتابة الدستور. وفي عام 1919 في أول انتخابات رئاسية ألمانية، انتخب فريدريش إيبرت ليصبح أول رئيس منتخب ديمقراطياً في ألمانيا. وكان أيضًا الأول من عامة الشعب، وأول اشتراكي، وأول مدني، وأول شخص من خلفية بروليتارية يشغل هذا المنصب طوال فترة وجود الرايخ الألماني الموحد من عام 1871 إلى عام 1945. كان أيضًا الرئيس الوحيد الذي كان ملتزمًا بشكل لا لبس فيه بالديمقراطية.
اقرأ/ي أيضاً: كاتب الأسفلت برونو ألفريد دوبلن وروايته “برلين، ساحة ألكسندر”
يُنظر إلى سياسة إيبرت المتمثلة في موازنة الفصائل السياسية خلال جمهورية فايمار على أنها نموذج أصلي مهم في الحزب الاشتراكي الديمقراطي. وبعد الأزمة الاقتصادية ومشكلة التضخم حل الانتعاش الاقتصادي، مما أدى إلى تهدئة الوضع السياسي. فحققت ألمانيا المهزومة بعض المكاسب على صعيد السياسة الخارجية.
وعلى اسمه سميت مؤسسة فريدريش إيبرت وهي أكبر وأقدم مؤسسة تابعة لحزب SPD في ألمانيا، ومن أبرز اهتماماتها دعم الطلاب ذوي القدرات الفكرية والشخصية المتميزة لمتابعة تعليمهم العالي، إضافةً للعمل على تعزيز الثقافة السياسية والاشتراكية استناداً إلى مبادئ الديمقراطية والمساواة.
أصيب فريدريش إيبرت بمرض حاد في منتصف فبراير 1925. وتوفي إثر مضاعفات عملية جراحية أجريت له في برلين، متأثرًا بصدمة إنتانية، عن عمر يناهز 54 عامًا.