إعداد: مروان شيخي
الفنانة فريدا كاهلو: ”رسمتُ نفسي لكوني في أغلب الأحيان وحيدة، إضافةً إلى أنّ ذاتي هي أفضل موضوع أعرفه”.
الفتاة الصغيرة فريدا أصيبت بشلل الأطفال وهي في السادسة، بقيت الإعاقة ملازمةً لرجلها اليمنى، مع عرجٍ في مشيتها لازمها بقية حياتها، ودفعها لارتداء الجوارب الصوفية لإخفاء آثارها. ثم في 17 أيلول/ سبتمبر 1925، كانت على متن حافلة مع صديقها أليخاندرو غوميز أرياس عندما اصطدمت الحافلة بالترام، فدخل سيخ حديدي في فخذها وخرج من الناحية الأخرى. عانت فريدا كسوراً في العمود الفقري والحوض، أبقتها طريحة الفراش لمدة عامٍ كامل.
وفي محاولةٍ لإسعادها أمنت لها والدتها سريراً متحركاً ومرآة ضخمة في سقف غرفتها، كانت فريدا ترى وجهها طوال الوقت فبدأت باستخدام ريشة الرسم والألوان لرسم صورتها وأصبحت شغوفةً بالرسم رغم عدم دراسته أكاديمياً. وكان المتنفس لعذابها هو نقلها الألم للواقع وجعله محسوساً، واستطاعت تدوين قصة حياتها عبر لوحات خلفت أثراً لا يُمحى رغم الزمن، واعتبرت من أهم الرسامين الذين أرخّوا لأنفسهم.
قال عنها الروائي المكسيكي “كارلوس فويتنس” والذي قدّم مذكراتها: ”إنّ فريدا كاهلو لن تغمض عينيها البتة، لأنّها كما تقول في يومياتها للجميع ولنا: أكتب للجميع بعيني”. وقد رفضت فريدا توصيف أعمالها بالسريالية :«لم أرسم أبداً أحلاماً، بل أرسم واقعي الحقيقي فقط».
ولدت فريدا كاهلو في إحدى ضواحي مدينة كويوكوان بمكسيكو سيتي باسم ماجدالينا كارمن في 6 يوليو 1907، لأمٍ مكسيكية ولأب ألماني يهودي مهاجرٍ إلى المكسيك.
التحقت فريدا بالمعهد الشهير “National Preparatory School” وكانت إحدى الطالبات الإناث القلائل في المعهد، اشتهرت بروحها المرحة وحبها للملابس التقليدية والملونة والمجوهرات. في العام نفسه انضم الرسام الجداري الشهير دييغو ريفيرا للعمل على مشروع في المعهد، تابعته فريدا وهو يرسم على أحد جدران المعهد أحبته وتزوجته عام 1929، كانت حينها في الثانية والعشرين وهو يكبرها بعشرين سنة، انتهى زواجهما بعد عشرة أعوام نتيجة خياناته المتكررة، لكنهما تزوجا بعدها مرة ثانية.
قبل أيام من وفاتها في 14 يوليو 1954، كتبت في مذكراتها: “أتمنى أن يكون خروجي من الدنيا ممتعاً، وأتمنى أن لا أعود إليها ثانية”. السبب الرسمي للوفاة كان انصمام رئوي، لكن البعض يشك بأنها توفيت بسبب جرعة مفرطة قد تكون أو لا تكون مقصودة. لم يتم تشريح الجثة أبداً. كانت مريضة جداً خلال السنة الأخيرة.
كتب دييغو ريفيرا لاحقاً في سيرته الذاتية، أن اليوم الذي ماتت فيه كاهلو كان أكثر الأيام مأساوية في حياته، مضيفاً أنه اكتشف متأخراً أن الجزء الأفضل من حياته كان حبه لها.
للاطلاع على شخصيات الأعداد السابقة:
شخصية العدد 49: بيتر هاندكه.. مسيرة إشكالية توّجت بجائزة نوبل
شخصية العدد 48: مرجان ساترابي.. تصوير روائي لملامح الحياة في “بلاد فارس”
شخصية العدد 47: رفيق شامي.. روي القصص ما بين الحقيقة والخيال