يُعتبر الكاتب الفرنسي جول فيرن (1828-1905) من أهم روّاد الكتابة في الخيال العلمي حيث أسَّس لهذا النوع الأدبي، وأصدر أعمالاً كثيرة مزج فيها بين العلم والخيال. أولى أعماله رواية «خمسة أسابيع في منطاد» سنة 1863، ثم «رحلة إلى جوف الأرض» وبعدها كتب رائعته «من الأرض إلى القمر» 1865، ليدوَّن بها علامة فارقة في تاريخ هذا الأدب. ومن أعماله «عشرون ألف فرسخ تحت الماء» «هكتور سيرفاداك». وآخر رواياته «سيد العالم» سنة 1904.
لمع أيضاً اسم الكاتب الإنكليزي هربرت جورج ويلز (1866-1946) الذي وصفه النقّاد بشكسبير الخيال العلمي. أولى رواياته «آلة الزمن» عام 1895 تعدُّ من أهم روايات الخيال العلمي، إذ يتخيَّل فيها أن بطلها صنع آلة يستطيع القفز خلالها عبر الزمن، فيعود إلى الماضي أو يخترق المستقبل بحسب الجهة التي يدير بها العجلة. ومن أعماله أيضاً «حرب العوالم»، «رجال القمر الأوائل» «اليوتوبيا الجديدة» وغيرها.
خلال النصف الثاني من القرن العشرين انتشر أدب الخيال العلمي في بعض الدول، وعاش عصراً ذهبياً بامتياز. والتمعت في هذا المجال أسماء عدّة أدباء وسينمائيين، كان لكتاباتهم وأعمالهم تأثير في تطوّر هذا الفنِّ برمته، ومن أبرز كتّاب هذه المرحلة: إسحاق أزيموف (1920- 1992) الروسي المولد، والأمريكي الجنسية والدراسة والإبداع، الذي حظي بمكانة مرموقة بين كتّاب الخيال العلمي، وعمل كيميائياً في البحرية الأمريكية أثناء الحرب العالمية الثانية، وكان عضواً في هيئة التدريس بكلية الطب بجامعة بوسطن، عام 1949.
كتب أزيموف عشرات الكتب للكبار والأطفال، تركَّزت معظمها على علوم المستقبل، وكان أغلب أبطال قصصه ورواياته أشخاصٌ آليون. ولعل أشهر ما كتب: «أنا الإنسان الآلي» 1950. كما أن له نتاجات كثيرة في هذا المجال، اختار لها اسم الأسس، ومن هذه المجموعة: «الأسس»، «الأسس والإمبراطورية»، «أطراف الأسس»، «الأسس والأرض».
أهداف الخيال العلمي للأطفال:
يمكننا القول أنه رغم أن الخيال يعدُّ خصيصة إنسانية صرفة، إلا أن البشر يختلفون كثيراً في درجة تخيُّلهم، فالتخيّل عند الطفل يشغل حيّزاً كبيراً من نشاطه العقلي منذ السنوات الأولى من عمره، وهو يتخيّل وقائع وحوادث، ويقيم الكثير من أفكاره وألعابه وآماله على الخيال.
تدور قصص الخيال العلمي كنوع بارز من أنواع الكتابة القصصيّة للأطفال، وأكثرها تشويقاً لهم، حول التنبؤ بما يمكن للإنسان أن يصل إليه من الاختراعات والاكتشافات العلمية، في ضوء التقدّم العلمي الذي وصل إليه، عبر اقتراح فرضيات خيالية عن مستقبله، كما تدور أيضاً حول البيئات الطبيعية وطبيعة الإنسان نفسه والكون بمجراته وظواهره.
من الأهداف التي تسعى إليها قصص الخيال العلمي للأطفال: تنمية التفكير العلمي، وإطلاق قدراتهم المختلفة إلى آفاق واسعة، وإكسابهم المهارات الأساسية التي تساعدهم في التفكير الحرّ المنظَّم، من خلال تقديم منهج يطرح المفاهيم العلمية المتطوِّرة، ويجعل الثقافة العلمية أسلوباً في حياتهم، وذلك بهدف تأهيلهم لعالم المستقبل، وما يمكن أن يحمله من تطوّرات وإنجازات على الصعد كافة.
قصص الخيال العلمي للأطفال:
من المهم الإشارة إلى الفصل بين قصص الخيال العلمي التي تعتمد على الحقائق والنظريات العلمية، وإمكاناتها الحالية والمستقبلية في ضوء الاحتمالات العلمية الممكنة، وبين القصص الخيالية التي تستند إلى الخرافة والغيبيات البعيدة عن المنطق العلمي، والأحداث التي لا يمكن تحقيقها، كما في الأسطورة أو الملحمة أو الفانتازيا، أو القصص القائمة على السحر والعلاقات غير المنطقية، والقوى الخارقة للطبيعة. وهذه كلها لا يمكن تصنيفها كقصص خيال علمي، وإنّما مع قصص الخيال التاريخية، أو قصص الأسطورة أو قصص المغامرات والبطولة.
أمر آخر تجدر الإشارة إليه، وهو الفرق بين قصص الخيال العلمي، والقصص العلميّة، فالأولى تتناول مستقبل الإنسان برؤية تنبؤية، أما الثانية فتمحور حول الحاضر والماضي وما تم فيهما فعلاً، كقصص العلماء والباحثين والرحالة، وقصص المخترعات والكشوف التي تم التوصّل إليها.
إنَّ قصص الخيال العلمي تميل لأن تكون أدباً، أكثر من كونها علماً؛ ذلك أنّ هذه القصص لا تقدِّم لقرّائها مادة لتزويدهم بالمعارف العلميّة النظريّة والتطبيقيّة، بل تقدّم لهم قصة أو رواية بغية إمتاعهم، ومن خلال هذا الإمتاع تزودهم بتلك المعارف. إذاً فلا بدّ أن تُخلص قصص الخيال العلمي لطبيعتها إذا رغبت في أن تنتمي إلى الأجناس الأدبية. وفي الوقت نفسه فإنّ الطبيعة الأدبية في هذه القصص ليست خالصة، بل هي مقيّدة بالمضمون العلمي الذي ضمّه الخطاب الأدبي. ولذلك يحتاج الكاتب في هذا المجال لأن يجمع بين الموهبة والخيال الخصب من جهة، والمعرفة أو الثقافة العلميّة الواسعة من جهة أخرى.
عبد المجيد قاسم. دبلوم دمج التقانـة بالتعلـيم
اقرأ/ي أيضاً:
كيف تُحوّل الحجر الصحي إلى فترة ممتعة.. ترفيه وفائدة ووقت طويل بين يديك