لم تمر التهديدات التي قامت بها جماعات متطرفة لبعض السياسيين ومحاولات العنف المتكرر التي شهدتها ألمانيا مؤخراً، دون أن تُحدث ردة فعل دفعت مؤخراً السلطات التشريعية ممثلةً بالبرلمان الألماني (البوندستاغ) لإقرار مسودة قانون أكثر صرامة لردع تصاعد التطرف والعنف والكراهية في البلاد.
حيث أن تصاعد التطرف والكراهية والترهيب والتهديد خصوصاً عبر وسائل التواصل الاجتماعي، جعل الخطاب السياسي العام وتبادل الآراء مرتبطاً بالخوف والقلق، مما يهدد حرية التعبير عن الرأي في ألمانيا والتي يصونها الدستور.
منذ العام 2017، كان قانون (إنفاذ القانون في شبكة الإنترنت) يقف بالمرصاد لجرائم التطرف والكراهية في ألمانيا من خلال آليات متعددة، منها إلزام مزودي منصات التواصل الاجتماعي بمنع نشر محتوى يتعلق بالعنف والتهديد، وجاءت مسودة القانون الجديد في 2020 لتضيف تعديلات على عدة مواد ضمن قوانين متعددة تتعلق بمكافحة الكراهية والعنف، مثل المواد الواردة في قانون العقوبات وأصول المحاكمات وقانون الإعلام.
تتضمن مسودة القانون الجديد تطبيقاً للقانون بشكل أكثر فعالية، ليس فقط في الجرائم المرتكبة على أرض الواقع وإنما أيضاً الجرائم المرتكبة عبر الإنترنت.
هذا التشديد تطلب إضافة التزامات أكثر صرامة على مزودي وسائل ومنصات التواصل الاجتماعي، تتمثل بتجهيز نظام يمكنه رصد المحتوى الإجرامي وتبليغه لدائرة الشرطة الفيدرالية، ويعتبر التهديد بالقتل والعنف والدعوات للتطرف اليميني أهم المواضيع التي يجب على أنظمة المراقبة لدى منصات التواصل الاجتماعي رصدها.
ما يميز الآلية التي يفرضها هذا القانون الجديد على مزودي الخدمة هو عدم حاجة المتضرر من المحتوى للتبليغ بنفسه، بل يجب على نظام الرصد أن يبلغ الشرطة الفيدرالية، وهذا يفتح الباب أمام إحداث دوائر أكبر في الشرطة للاستجابة لما تقوم به أنظمة الرصد من تبليغات.
تشديد العقوبات وتوسيع مجال تطبيق القانون الجديد
أما عن العقوبات فلقد تم تشديد العقوبات المطبقة على الأفعال المتعلقة بجرائم التطرف والكراهية في ألمانيا. حيث يجرم القانون الجديد الإهانات والتهديدات بشكل علني بعقوبة الحبس لمدة تصل إلى سنتين، وهذا تشديد مضاعف لما كانت العقوبة عليه حسب القوانين المعمول بها سابقاً.
كما وسع القانون الجديد مجال تطبيقه فشمل تجريم التهديد بالإيذاء الجسدي، ووسع الأشخاص المشمولين بالحماية من أفعال التشهير والتحقير العلني ليشمل ليس فقط السياسيين الاتحاديين، وإنما السياسيين المحليين أيضاً، ويعطي القانون الحق للشرطة الفيدرالية في الوصول إلى بيانات الأشخاص ليس فقط لدى مزودي خدمات الاتصالات بل إلى مزودي الخدمات الإعلامية أيضاً.
مخاوف من تدخل السلطات في حريات الأشخاص
بالطبع يثير القانون الجديد على الطرف الآخر مخاوف من تدخل السلطات في حريات الأشخاص تحت ذريعة مكافحة التطرف والكراهية. حيث يسمح القانون الجديد للسلطات الفيدرالية في ألمانيا بالوصول للحسابات الالكترونية للأشخاص الذين تم رصد كتابات متطرفة من قبلهم، وهذا الأمر يجعل الحريات والبيانات الشخصية عرضةً لخطر إساءة استعمال السلطة.
كما تم انتقاد تشديد العقوبات على أفعال تتعلق بالتعبير عن الرأي والنقد عبر المنصات الإجتماعية، وهذا ما عبر عنه السيد أندرياس ارمبورست بالقول إن حل النزاعات الاجتماعية لا يمكن أن يتم من خلال تشديد العقوبات الجنائية.
رضوان اسخيطة. ماجستير في القانون جامعة يوهانس غوتنبرغ ماينز ألمانيا
اقرا/ي أيضاً:
المخابرات الداخلية الألمانية: ارتفاع كبير في عدد المتطرفين اليمينيين في ألمانيا
هل ضعف الدولة هو السبب في ازدياد جرائم الكراهية في ألمانيا؟