“بيت ستي”.. اللمة الجميلة واللقمة الطيبة
إعداد. سعاد عباس
أشياء نفتقدها ونشتاقها في الغربة، تفاصيل البيوت القديمة التي تجمع العائلة الكبيرة، وحلمي من خلال العمل البسيط الذي أمارسه حالياً أن أفتتح مطعماً يشبه بيت الوطن، يعوض بشكل لطيف كل وحيد في هذه الغربة شوقه لأكلات أمه ونكهة جدته. فيستطيع أن يأكل وجبة نظيفة مطبوخة بحب ليستعيد من خلالها ذكريات أيام جميلة مضت ولكن لا شيء يستطيع محوها.
اسمي زينة الجنيدي، عمري 43 سنة، سورية من مدينة حمص (الخالدية). متزوجة وأم لثلاثة أولاد. عملت لسنواتٍ طويلة كمدرسة لغة فرنسية.
بدأت فكرة افتتاح المطعم بمجرد وصولنا إلى ألمانيا منذ أربع سنوات. فقد كان زوجي يعمل بمطعم وجبات سريعة إلى جانب عمله الأساسي في الخياطة، كما أنني أحب الطبخ كثيراً ولدي شغف كبير في هذا المجال. ويساعدنا أولادنا إلى جانب اهتمامهم بدراستهم حتى نستطيع أن نتجاوز محن الحياة ونبني مستقبل أفضل لنا جميعاً.
مضت أول فترة من وصولنا إلى ألمانيا في حل أمور الأوراق الرسمية والإقامة والبحث عن سكن، بعد سنة تقريباً استطعنا الاستقرار في منزل والبدء بمشوار تعلم اللغة. ثم تعرفت على مجموعة تدعى Start with a friend، للتواصل وتحسين اللغة.
بعد حوالي شهرين تعرض والدي المقيم في لبنان لذبحة قلبية أدت لدخوله المستشفى، وباءت محاولاتي للسفر إلى لبنان لرؤيته بالفشل، وتوفى بعد عشرين يوم، ما أدى إلى دخولي بحالة اكتئاب شديد فلم أستطع إكمال دراسة اللغة واعتزلت في البيت.
بعد فترة معاناة نفسية وعاطفية، وعراك مع نفسي، قررت أن أعود للدراسة حتى أخرج من هذه الحالة. وبالفعل هذا ما حصل.
وأخيراً قرأت على الفيسبوك إعلان لـ SINGA Business Lab ورد فيه أنه إذا كان لديك فكرة مشروع ولا تمتلك المعرفة الكاملة للبدء بها فنحن نستطيع مساعدتك. ورغم أنني لم أكن واثقة من جدية الإعلان إلا أنني مباشرةً ملأت البيانات المطلوبة، وبعد أسبوعٍ تقريباً تلقيت اتصالاً منهم لتحديد موعد للقاء.
عندما وصلت إلى الموعد كان هناك أكثر من أربعين شخصاً من جنسيات مختلفة يجلسون في القاعة، وكان عبارة عن دورة تدريبية تتيح للأشخاص طرح أفكارهم ومناقشتها مع المسؤولين لمساعدتنا على وضع النقاط الأساسية، وإعطاء المعلومات اللازمة لكلٍ منا للبدء بمشروعه الخاص بخطوات واضحة، وتتضمن ورشات عمل بكافة المجالات كإعداد خطة العمل، القوانين، الميزانية، الضرائب، التسويق، الأوراق القانونية..
لكن خلال الدورة اكتشفت أنه لتطبيق مشروعي يلزمني ميزانية عالية جداً وهي غير متوفرة. لذلك نصحتني منظمة الدورة أن ابدأ المشروع بتوصيل الطلبات “كاترينغ”.
في الحقيقة كنت خائفة من الفكرة في البداية، خصوصاً أنني سأقدم طبخ عربي حيث ليس من السهل إقناع الزبائن الألمان بتذوق نكهات جديدة. ثم خطرت لي فكرة أن أقدم هذه الأطعمة بأماكن عامة ومعروفة حتى أستطيع الحصول على آراء المتذوقين بشكل مباشر والتأكد من قبولهم لنكهات ومذاقات جديدة ومختلفة.
بدأت العمل في روضة ابنتي، ثم ب Familie Zentrum في المنطقة التي أسكن فيها كورشة عمل وفي عدة أماكن أخرى، وقد لاقى نجاحاً كبيراً. وفي آخر الدورة تقريباً، طلب أحد المسؤولين في singa أن أقدم طلبية لصديقته لستين شخصاً.
بالطبع قبلت العرض وتمت الطلبية بنجاح رغم تخوفي الشديد من الإقدام على هذه الخطوة لهذا العدد من الناس. ثم تابعت التدريب وشاركت خلال هذه الفترة بمهرجان الربيع بمنطقتي. وقدمت عملاً مع Teller Heimat وكتبت عنه جريدة شتوتغارت.
بدأت العمل بمشروعي “بيت ستي” بشكل رسمي بتاريخ ١ أيار ٢٠١٩، مايزال بطيئاً لأنني لا أملك مكان ثابت استطيع العمل به، ومع ذلك فقد تلقيت أكثر من ١٠ عروض تكللوا جميعهم بالنجاح.
كما قدمت الطعام بعدة مناسبات (توقيع كتاب، افتتاح عرض مسرحي، افتتاح عرض فيلم صغير مشترك ألماني سوري، افتتاح ورشات عمل، افتتاح مركز ثقافي).
وتلقيت دعوة بتاريخ ٢٠ أيلول ٢٠١٩ من مفوضة الحكومة الفدرالية للهجرة واللاجئين والاندماج “أنيت ويدمان-ماوز” في برلين، لغداء ضم مجموعة من السيدات (لديهن خلفية مهاجرة) واللواتي قمن بتأسيس عمل جديد في ألمانيا، وهذا ما اعتبره إنجازاً كبيراً في حياتي المهنية بالرغم من أني مازلت أخطو خطواتي الأولى.
للتعرف أكثر على مشروعي:
يمكنكم بالضغط هنا زيارة صفحة بيت ستي على الفيس بوك Beyt-Setti
كما يمكنكم بالضغط هنا زيارة صفحة بيت ستي على الإنستغرام Beyt-Setti
اقرأ/ي أيضاً:
سيدات سوريات ينجحن في إقامة وإدارة مشاريعهنّ في ألمانيا.. “أرابيسك كافيه”
زاوية: مطبخ من غربتي… تجارب السوريين الغذائية والمطبخية في بلدان المهجر 1
مطبخ من غربتي.. من مونتريال.. “قوت القلب خبزة ولبنة”