د. بسام عويل اختصاصي علم النفس العيادي والصحة النفسية والجنسية
تترك مشاهدة الأفلام الجنسية آثارها العميقة على حياتنا الجنسية، وتصوراتنا عن العملية الجنسية وقناعاتنا، والصورة التقليدية فيما يخص التواصل والتقارب الجنسي والرغبة الجنسية والأداء الجنسي للشريكين.
وهنا سنتعرض للصلة بين الأفلام الإباحية والحياة الجنسية الواقعية؛ عادةً ما نشاهد في الأفلام الرغبة التلقائية المتوقدة والجهوزية النفسية والجسمانية عند الشركاء، والتي قد لا تحتاج لأكثر من بعض النظرات والعبارات، أو حتى الإشارات التي يتم ترجمتها بشكل سريع إلى تفاعل وأداء جنسي لا حدود له وبوضعيات متنوعة، أداء مُشبع بالمتعة الجنسية ينتهي بنشوة جنسية عارمة ورضى جنسي لكلا الشريكين.
تترك هذه الصورة النمطية بصماتها على الحياة الجنسية الواقعية، وتجعل معظم الناس غير راضين عن مستوى الرغبة والأداء لشركائهم الجنسيين، لابل ويحملونهم الذنب في عدم الوصول إلى المتعة المُتوقعة من العملية الجنسية أو يتهمونهم بالإفتقار إلى الرغبة الجنسية، ويبدأون بالنتيجة بالابتعاد عن العلاقة الحميمية الجنسية، وإظهار البرود الجنسي اتجاه الشريك أو الشريكة لكونها لا تحقق الهدف المنشود منها، ولا تتم وفق السيناريوهات الموضعية كما في الأفلام.
غالباً ما يغيب عن أذهاننا أن الرغبة في ممارسة الجنس عند الكثير من الإناث والذكور ليست تلقائية، وهي تُثار بنتيجة التحفيز الجنسي ولا تسبقه، بمعنى أن التواصل الحميمي النفسي والجسدي والجو الحميمي هو الذي يؤدي إلى إثارة الرغبة في ممارسة الجنس عند الشريك أو الشريكة وكذلك العكس. أي أن التشابه بين ما تعرضه الأفلام الإباحية والحياة الجنسية على أرض الواقع قليل جداً إن وجد.
ومن شروط العلاقة الجنسية الناجحة، استكشاف مفاتيح وبوابات الرغبة والاستجابة الجنسية عند الشريك، والتي تجعله مُستعدًا لم تمارس الجنس والتمتع به. ومن المهم أيضاً معرفة أن المخزون الاستجابات الجنسية عند الذكور والإناث لا ينضب، ولكنه يشترط فن استكشافه تحت مظلة العلاقة الحميمية التي تربط الشركاء، وتنوع المداعبات ومعرفة أهواء الشريك وميوله، والاهتمام به بالدرجة الأولى. فالشريكة الجنسية ليست ممثلة أفلام إباحية كما أن الشريك ليس كذلك، والعلاقة التي تربط الشركاء ببعضهم ليست جنسية وكذلك لأنها عاطفية وحياتية أيضاً.
ما العمل للوصول بالشريك / الشريكة إلى الرغبة الجنسية المتجاوبة؟
الأمر الذي علينا معرفته والقبول به؛ هو أن الرغبة والجهوزية الجنسية التلقائية ليست القاعدة لأنها هي استثناء، وكذلك أن الرغبة المستثارة والمتجاوبة هي القاعدة وليست الاستثناء. سيحصل على انتظار ظهور الرغبة والجهوزية الجنسية تلقائيًا عند الشريك، وخاصة وفقًا للصورة كما في الأفلام إنما هو المسمار الأول في نعش الحياة الجنسية المشتركة.
كما أن أمراً آخر علينا معرفته والقبول به؛ هو أنه لكل منا خصوصيته الجنسانية والتي ليس لكل جوانبها صفة الثبات لأنها بالعكس التبدل والتطور. قد يعكس بعض العقبات أو المسافات بين الشريكين إنما تعود لخصوصياتهم، وليس بالضرورة إلى رغبتهم في التفاعل مع الشريك أو إرضائه أو التمتع معه.
ببساطة، علينا أن لا نضع توقعات وسيناريوهات مسبقة للعمل الجنسية كما في الأفلام، إنها بتقدير العلاقات من خلال التواصل الحميمي والثقة مما يجعل الشريكين قادرين على وضع سيناريو مشترك لكل لقاء جنسي، وإخراجه بالشكل الأمثل بما فيه الرضى والمتعة المشتركة التي بحدها تقوي من العلاقة الحميمية، وتؤسس لاستكشاف الرغبة وتنوع مصادرها ومداخلها عند الشريكين.
كما أن للتفاهم والمشاعر العاطفية دور في الهامش في استكشاف وإنتاج المواقف التي تعمل على تحفيز الرغبة الجنسية، والتي بدورها تعمل على تفعيل وتعميق الحميمية بين الشريكين، كما أنت تشكل الأساس للمتعة في الحياة الجنسية بينهما وهنا يتبدى الاختلاف الرئيسي بين ما نراه في الأفلام الإباحية والحياة الجنسية التي نعيشها. ومن الضروري الإشارة هنا إلى أن الشركاء بحاجة لاستكشاف بعضهما البعض سوية، والأمر لا يعود إلى دور نمطي لأحدهما فقط.
اقرأ/ي أيضاً:
سلسلة في الجنس وعن الجنس بدون تابوهات 13: ماذا تعرف عن علاقة المريخ بالزهرة؟
سلسلة في الجنس وعن الجنس بدون تابوهات 12: كيف تتحدث مع طفلك عن الجنس وتجيب على أسئلته؟
سلسلة في الجنس وعن الجنس بدون تابوهات 11: المثلية الجنسية – صدام حضارات أم نهاية التاريخ؟!