جلال محمد أمين. محامي ومستشار قانوني سوري مقيم في ألمانيا
أصدرت المحكمة الأوروبية قراراً هاماً لصالح السوريين الفارين من خدمة العلم الحاصلين على الحماية المؤقتة بدلاً من اللجوء وذلك بتاريخ 19 تشرين الأول أوكتوبر 2020.
حيث اعتبرت المحكمة أن الشخص الفار من تأدية خدمة العلم أو المنشق أو الرافض للالتحاق بقوات الاحتياط، هو شخص مُلاحَق بصفته الشخصية من قبل النظام وبالتالي تنطبق عليه صفة اللاجىء ويستحق إقامة لاجئء ولا يستحق حماية كالهاربين من الحرب فقط. مما يتيح حق اللجوء للفارين من الخدمة العسكرية.
وبما أن معظم المحاكم الإدارية الألمانية قررت اعتبار السوري المجند غير جدير بالحصول على اللجوء، فإن هذا القرار فتح باباً جديداً للحصول على حق اللجوء في ألمانيا.
لابد من التوضيح أنه هناك أنواع ملفات مختلفة وفق المراحل التي وصلتها:
- ملفات قيد النظر لدى دائرة اللجوء: وهي الأسهل حيث يمكن إبراز الوثيقة التي تثبت الوضع القانوني لطالب اللجوء، وبأنه مجند أو مطلوب أو منشق وهنا يتم تطبيق قرار المحكمة الأوروبية.
- ملفات تم رفضها أمام دائرة اللجوء وتم الطعن بها وما زالت قيد النظر أمام المحكمة الإدارية ولم يصدر بها قرار: وهنا أيضاً يجب إبراز الوثائق المطلوبة للإثبات.
- ملفات تم رفضها حتى من المحكمة الإدارية العليا واكتسب الحكم الدرجة القطعية: في هذه الحالة لابد من اتباع طريق طلب اللجوء اللاحق وذلك بتقديم طلب لجوء مرفق بالقرار القديم مع الإثباتات الجديدة. وهو ينطبق على حالة اللجوء للفارين من الخدمة العسكرية :
هذا الطلب يجب أن يقدم ضمن الأشهر الثلاثة التالية لصدور قرار المحكمة الأوروبية، أي آخر تاريخ للتقديم هو 19 شباط 2021.
وقد استندت المحكمة بقرارها إلى اعتبار أن رفض التجنيد ضمن جيش يرتكب جرائم حرب، نابع عن قناعات سياسة تتمثل بعدم المشاركة بجرائم الحرب، وتعتبر القناعات السياسة إحدى خمسة أسباب للحصول على اللجوء، والمتمثلة في الاضطهاد بسبب العرق أو الدين أو الجنسية أو المعتقدات السياسية أو الانتماء إلى فئة اجتماعية معينة.
إضافةً إلى أن المحكمة كان لديها اعتقاد بأن النظام سيعتبر كل من رفض الالتحاق بالتجنيد من المعارضة، وسيحكم عليه تبعاً لذلك. وهنا يجدر بالذكر أن قانون العقوبات العسكرية يحكم على الجندي الفار خارج البلاد زمن الحرب بالسجن حتى عشر سنوات. ومن المفيد إرفاق بعض النصوص القانونية السورية التي تنص على العقوبة مع ترجمتها إلى دوائر اللجوء والمحاكم.
ولا بد هنا من توضيح بعض النقاط حتى يكون القرار المذكور أعلاه أكثر وضوحاً:
هناك ثلاثة أنواع لطلبات اللجوء وهي:طلب اللجوء الأول، طلب اللجوء الثاني، طلب اللجوء اللاحق.
بمجرد وصول الشخص إلى الدولة الألمانية، يستطيع الذهاب إلى مركز لاستقبال اللاجئين ويتقدم بطلب لجوء، كما أنه في الكثير من الأحيان يتم القبض على الشخص من قبل الشرطة أو في المطار فيضطر حينها أن يقول للشرطة بأنه يطلب اللجوء، وهنا تسقط مخالفات الدخول غير المشروع إلى ألمانيا وتقوم أقسام الشرطة بتحويل الشخص إلى دائرة الهجرة لإتمام عملية البت في طلب اللجوء.
طلب اللجوء الأول: هو أول طلب يقدم إلى أول دولة دخلها الشخص ضمن الاتحاد الأوروبي. ويتم التقدم بطلب اللجوء لأول مرة كتابةً أو شفهياً وذلك للحصول على الحماية من الاضطهاد السياسي أو العنصرية وغيرها من الأسباب، ويجب تقديم طلب اللجوء بشكل شخصي إلى المكتب الفرعي المسؤول أو مركز الوصول المسؤول التابع للمكتب الاتحادي.
طلب اللجوء الثاني: يتم التقدم به للحصول على اللجوء في بلد ثالث آمن، وذلك بعد رفض الطلب الأول. ويحدد قانون اللجوء الدول التي يعتبرها دولاً ثالثة آمنة. ولا يمكن لجمهورية ألمانيا الاتحادية أن تبت بقرار اللجوء قبل البت بالاختصاص.
طلب اللجوء اللاحق: يتقدم به الشخص المتضرر من قرار رفض اللجوء أو سحب الإقامة، ونتيجة حصوله على إقامة ذات مزايا أقل من مزايا اللجوء. طبعاً لا بد من توافر الأسباب المطلوبة لفتح باب اللجوء مرة أخرى. على سبيل المثال تغيير الظرف في البلد الأم كأن تتحول دولته إلى دولة غير آمنة أو أن يتعرض الشخص للخطر على حياته أو حريته في حال العودة.
تعتبر القرارات المكتسبة الدرجة القطعية لدى المحاكم الإدارية غير قابلة للطعن، إلا أن المشرع الألماني منح الشخص الذي لم يستطع إقناع دائرة الهجرة أو المحكمة الإدارية بأسباب لجوئه وتم منحه منع الترحيل أو الحماية الفرعية تبعاً لذلك، منحه حق تقديم طلب لجوء لاحق إذا ما استطاع الحصول على أسباب جديدة.
اقرأ/ي أيضاً:
الزاوية القانونية: “ديوان المظالم” الألماني.. صلة الوصل بين القضاء المدني والجزائي
ترحيل اللاجئين السوريين: ألمانيا تتجه نحو استئناف عمليات الترحيل إلى سوريا
أخبار ألمانيا: تغييرات في خطط استقبال اللاجئين ضمن “برامج إعادة التوطين”