جلال محمد أمين. محامي ومستشار قانوني سوري مقيم في ألمانيا
كيف يتمّ التعامل مع بيع أو شراء أو تصرف بمال مسروق؟ وما هو الاختلاس؟ وما الرابط بين الجريمتين وما هي العقوبة القانونية لهما؟
إن بيع أو شراء مال مسروق أو التصرف به لصالح الغير، هو جرم يعاقب عليه القانون الألماني بعقوبة شديدة من سجن وحجز حرية وغرامة مالية. فالمادة 259 من قانون العقويات الألماني تنصّ على أن من يقوم بالأعمال السابقة يعاقب حتى خمس سنوات مع الغرامة المالية، ويعتبر الشروع في الفعل معاقب عليه قانوناً، أي أن محاولة البيع بحدّ ذاتها تعتبر كالبيع.
هذا الخطأ يقع فيه الشخص غالباً لدى شرائه جهازاً خليوياً، حيث من السهل على الشرطة الألمانية تعقّب مكان الجهاز لوجود شيفرة خاصة به. فقد يشتري أحدنا جهازاً خليوياً من الأسواق المستعملة في ألمانيا، وبعد فترة يفاجأ بملاحقته من قبل الشرطة بتهمة شراء مال مسروق، أو يفاجأ بوصول مذكرة استجواب من قبل الشرطة بجرم بيع المال المسروق، وذلك إذا قام هو نفسه ببيع تلك القطعة التي اشتراها من السوق المستعمل، أو إذا تمّ القبض على الشاري وأقرّ بأنه اشترى الجهاز من هذا الشخص بالذات. تبعاً لذلك، وإذا ما ثبت بأن الشخص تصرّف بالجهاز وهو يعلم بأنه جهاز مسروق، يتم تحريك دعوى عامة بحقه بجرم تصريف أموال مسروقة.
قد يثق المشتري بالبائع لمجرد حصوله على بياناته الشخصية كالهوية أو الإقامة، إلا أن الحصول على البيانات الشخصية ليس دليلاً على أن البائع ليس بسارق، فمثلاً بعض الأشخاص من دول أجنبية لا تهمّهم تلك البيانات، بل قد يبرزون لك بيانات مزورة، أو هم من أصحاب السوابق الذين يسرقون علناً، أو لاجئون حصلوا على ترحيل ولا يهمّهم سجلهم العدلي.
شروط التجريم:
هناك شروط لا بد من توافرها حتى يتم التجريم بهذه العقوبة، فالكثير من الأشخاص يشترون أجهزة مستعملة دون أن يعلموا بأنها مسروقة، والبعض لا يعلم أنه من الضروري سؤال البائع عن هويته أو جواز سفره، فالعلم هو شرط أساسي للتجريم بهذا الفعل.
والعلم يظهر حين معرفة الفارق الحقيقي بين قيمة الشراء أو البيع وبين القيمة الحقيقية للجهاز! فإذا اشترى شخص ما جهازاً مستعملاً بأقل من قيمته الحقيقة بكثير، أو باعه لشخص آخر بسعر زهيد جداً، تعتبر هذه قرينة على علمه بأن الجهاز مسروق، وهذا يعني كذلك أن الحصول على البيانات الشخصية للبائع تفي إذا كنت قد اشتريت الجهاز بسعر طبيعي، أما إذا كان الفارق بين السعرين كبيراً فإن البيانات لا تعتبر ذات أهمية.
تشدّد المشرع الألماني في هذه العقوبة، حتى أنه اعتبر التصرف بالمال المسروق أسوأ من السرقة، لأنها تساعد السارق على تصريف المواد المسروقة، ولولا هذا لما تحمّس السارق لتكرار فعلته! وبالتالي قد تصل العقوبة إلى عشر سنوات إذا تحوّل هذا النشاط إلى مهنة أو إذا ما تمّ بسبب ذلك تنظيم عصابة تقوم بهذه الأفعال بشكل مشترك.
في الكثير من الحالات ولكي ينقذ الشخص نفسه من هذه المصيبة، يدّعي بأنه وجد الجهاز في أي مكان ما، ولهذا يفرض القانون الألماني على كل شخص وجد شيئاً قيمته تتجاوز العشرة يورو أن يبلغ عنها ويسلمها تحت طائلة التجريم بجرم الاختلاس.
الاختلاس Unterschlagung
بموجب المادة 246 من قانون العقوبات الألماني تتم معاقبة الشخص الذي يجد شيئاً ولا يبلغ عنه بالسجن حتى ثلاث سنوات. فعلى الشخص أن يسلم كل ما يجده للشرطة إذا تجاوزت قيمته 10 يورو، ويستحق الشخص كمنحة نقدية 5% إذا كان الشيء الذي وجده تقل قيمته عن 500 يورو و3% إذا تجاوز تلك القيمة.
وبالتالي فالادعاء بالعثور على الأشياء المسروقة صدفةً لا ينقذ صاحبه بل يزيد الطين بلة، ففي الحالة الأولى قد يكون هناك شك في عدم معرفته بأن الجهاز مسروق، أما في الحالة الثانية فهناك يقين بأنه تصرف بملك الغير، وهذا فعل يعاقب عليه القانون.
هذه القواعد القانونية الرادعة لا تطبّق دون تمحيص وتدقيق، ولا تطبّق الحدود العليا للعقوبة إذا ثبت أن الشخص ارتكبها للمرة الأولى، بل تُستبدل العقوبة المانعة للحرية بعقوبة الغرامة المالية، لعدم وجود سوابق. لذا ينصح بعدم شراء الأجهزة المستعملة من الأسواق العامة، بل من محلات تجارية لها اسم ومكان ثابتين. ولابد حينها من الحصول على وثيقة الشراء من البائع مع الختم والقيمة.
وفي حالة الوقوع بهذا الخطأ ودُعيَ الشخص للتحقيق، فبالطبع يمكن للمتّهم الامتناع عن التحدث أمام الشرطة إلا بحضور محامي، ولكن الأفضل له أن يتحدث عن الواقعة كما حدثت فعلاً لأنه واثق بعدم علمه بأن المال مسروق.
خاص أبواب
اقرأ/ي أيضاً: